هناك إجماع إسرائيلي على عدم العودة إلى ما كان عليه الوضع على الحدود مع لبنان في 6 أكتوبر الماضي
الكلام عن تحرير مزارع شبعا والوعود بالانتصارات وأن الحرب المقبلة ستكون في الجليل وإسرائيل أوهن من بيت العنكبوت وسنحرر القدس ونصلّي في المسجد الأقصى، فعلى الأقل كان الأجدى بـ”الحزب” أن يحرّر ولو 100 متر من مزارع شبعا ليعطي مصداقية لكلامه
رأى رئيس جهاز العلاقات الخارجية في “القوات اللبنانية” الوزير السابق د. ريشار قيومجيان أنه من الصعب لأي كان التوقع مسبقاً حول نتائج زيارة الموفد الرئاسي الأميركي آموس هوكشتاين الحالية إلى تل أبيب وبيروت، فالوضع شديد التأزّم من جهتَي الصراع، إسرائيل و”الحزب”، ولا شك أن مهمة هوكشتاين ليست سهلة”.
وفي حديث الى موقع “القوات اللبنانية” أشار إلى أن “في إسرائيل الموقف موحَّد حول الوضع على الحدود مع لبنان، إذ ليس هناك فريق داخل إسرائيل يقبل بوضعية “الحزب” على الحدود الجنوبية كما كانت عليه في 6 أكتوبر 2023″، مضيفاً: “هذا ما يعكسه الكلام المنقول عن نتنياهو خلال لقائه هوكشتاين بالأمس لجهة إبعاد “الحزب” إلى ما بعد الليطاني أو الحرب، بالإضافة إلى مواقف أخصام نتنياهو كبيني غانتس ويائير لابيد وتأكيدهم أن إسرائيل تحتاج إلى إبعاد “الحزب” عن الحدود، سواء من خلال تسوية سياسية أو من خلال العمل العسكري”.
تابع: “هناك إجماع إسرائيلي على عدم العودة إلى ما كان عليه الوضع على الحدود مع لبنان في 6 أكتوبر الماضي، أي قبل مبادرة “الحزب” إلى فتح الجبهة في 8 أكتوبر تحت حجة مساندة غزة. لأن لا أحد من السياسيين في إسرائيل، سواء نتنياهو وحكومته أو في المعارضة، بإمكانه أخذ المخاطرة بالقبول بوضعية يمكن أن تؤدي إلى “طوفان أقصى” جديد ينفّذه “الحزب” في أي وقت مستقبلاً. الإسرائيليون، حكومة ومعارضة، يعتبرون أنهم اليوم أمام استحقاقات مصيرية مفصلية، فطبيعة هوية إسرائيل نفسها ونظرية الوعد بأرض آمنة ومستقرة ومزدهرة تستقطب اليهود من كل أنحاء العالم ليعيشوا حياة هانئة وطبيعية وآمنة، هذه الصورة أصيبت وضُربت. من هنا الموقف الإسرائيلي الموحَّد إزاء وضعية “الحزب” والوضع مستقبلاً على الحدود مع لبنان ورفض العودة إلى ما قبل 6 أكتوبر الماضي”.
كما توقف قيومجيان عند مواقف قيادات “الحزب” لا سيما ما عبّر عنه النائب فضل الله بالأمس والذي يعكس تشدد “الحزب” وبقائه عند موقفه بوقف الحرب في غزة لتتوقف بقية الجبهات بما فيها لبنان، وأن فكرة المنطقة العازلة هي أوهام وليست موضوعاً للنقاش، مع الإشارة إلى المعلومات المسرّبة عن أن هوكشتاين طرح فكرة انسحاب “الحزب” مسافة 7 أو 8 كيلومترات عن الحدود كحلول تسووية مرحلية في هذه الفترة”.
كذلك، رأى أن “هوكشتاين يتحرك على وقع هذه الوقائع وزياراته المتتالية إلى المنطقة تأتي في سياق الضغط الذي يمارسه الأميركيون لمنع توسّع العمليات على الحدود بين لبنان وإسرائيل والتوصل إلى حلول”، لافتاً إلى أن “المفارقة هنا أن المبادرة في 6 أكتوبر 2023 كانت بيد “الحزب”، وهو بادر بالفعل إلى فتح جبهة الجنوب في 8 أكتوبر الماضي. لكن اليوم الجميع عملياً ينتظر ما سيقرره نتنياهو لجهة توسيع الحرب من عدمها”.
هذا وإعتبر أن “هذه نقطة تراجعية سلبية لـ”الحزب” وورقة خسرها، إذ بات ينتظر ما سيقرره نتنياهو لناحية توسعة الحرب، سواء باجتياح أو بتدمير ممنهج للبنى التحتية اللبنانية وإقامة أرض محروقة في المنطقة الحدودية وما شابه. بالتالي ما هو هذا الانتصار أو هذا الإنجاز الذي حققه “الحزب” بنقل المبادرة وجعل القرار بيد إسرائيل؟ هذا بغضّ النظر عن قدرة إسرائيل على فعل ما تريده وتوسعة الحرب والاجتياح، لكن “الحزب” جعل المبادرة في يدها، وهو ولبنان والجميع اليوم يترقب القرار الإسرائيلي، فهل يعتبر ذلك انتصاراً؟”.
قيومجيان لفت إلى “بهتان كل هذا الضجيج والسقوف العالية منذ العام 2006 على الأقل، والكلام عن تحرير مزارع شبعا والوعود بالانتصارات وأن الحرب المقبلة ستكون في الجليل وإسرائيل أوهن من بيت العنكبوت وسنحرر القدس ونصلّي في المسجد الأقصى، فعلى الأقل كان الأجدى بـ”الحزب” أن يحرّر ولو 100 متر من مزارع شبعا ليعطي مصداقية لكلامه، حتى ولو عاد وتراجع لاحقاً، لكن يكون على الأقل بادر إلى شيء ما إن كان صادقا”.
كما أكد أن “كل تلك الوعود كاذبة ومضلّلة، فالحزب يخضع للقرار الإيراني ويجعل لبنان للأسف مجرد رهينة وورقة تفاوضية تستخدمها طهران لتحقيق مصالحها التوسعية في المنطقة، فيما الشعب اللبناني يدفع الثمن الباهظ بالأرواح والممتلكات ويحصد الموت والويلات والحروب والخراب والدمار”.
من هنا، يعتبر قيومجيان أن “مهمة هوكشتاين صعبة في ظل موقف الطرفين، فإسرائيل لن تقبل بعودة الوضع إلى ما كان عليه قبل 6 أكتوبر الماضي و”الحزب” لا يقبل بالتراجع عن الحدود. هذا إلا في حال تمكّن هوكشتاين بالتوافق مع المساعي الفرنسية القائمة من تحضير التسوية في الوقت الراهن بانتظار انتهاء الحرب في غزة، لتكون جاهزة للتطبيق عندها. لكن متى تنتهي حرب غزة، وهل تنتظر إسرائيل إلى ذلك الحين وتقبل حالياً بتسوية ضمنية يبدأ تنفيذها بعد انتهاء حرب غزة مع استمرار الوضع على حدودها الشمالية كما هو عليه وبوضعية “الحزب” الراهنة، أم ترفض وتنفّذ تهديداتها باتجاه لبنان؟”.