تهويل.. لا حرب واسعة و”حزب الله” سيعطي فرصة للمفاوضات حتى الرمق الأخير

  

كشف مرجع سياسي موثوق به لـ”الجمهورية” أن لا معطيات حقيقية ولا مؤشرات جدّية على اندلاع حرب واسعة في المنطقة خلافاً لما تم تداوله على نطاق واسع امس الأربعاء.
‏واعتبر المرجع ‏أن هناك تهويلاً مبالغاً به هدفه الضغط على “حزب الله” لثنيه عن تنفيذ ردّه على اغتيال إسرائيل قائده العسكري فؤاد شكر في الضاحية الجنوبية.
وقال المرجع لـ”الجمهورية”: نحن أصلا في جو حرب، وبالتالي أن فكرة الانزلاق موجودة لدى كل من إسرائيل و”حزب الله”. ‏أما بالنسبة إلى ما يحكى عن انتقال التركيز الإسرائيلي إلى الحدود مع لبنان فله اسبابه اذ ان واقع الجبهة في غزة تحول من العمليات الاستراتيجية إلى عمليات تكتيكية وحرب استنزاف.
‏ ‏وأوضح المرجع أن “ما نشهده من تصعيد في اليومين الماضيين مررنا به في السابق، مرة بعد إغتيال القائد الفلسطيني صالح العاروري في الضاحية، ومرة بعد اغتيال القائد العسكري في الحزب الحاج فؤاد شكر.
‏وكشف المرجع لـ”الجمهورية” أن أسباب التصعيد تعود إلى أن “حزب الله نجح قبل أيام في تنفيذ عملية كبيرة أدت إلى إصابة ضابط كبير في الجيش الإسرائيلي، ‏فردّ الإسرائيليون بغارات على البقاع، ‏ما استوجب رداً من الحزب على الجليل. وهكذا دواليك.
‏ورأى المرجع لـ”الجمهورية” أن “هذا تصعيد مستمر ولن يتوقف، وبالتالي إن الصراط المستقيم بات اليوم بين التصعيد الخطير وبين العودة إلى قواعد الاشتباك المضبوطة”.
‏وإذا قال المرجع “نحن مستعدون للحرب”، أوضح أن سبب التهويل العسكري والإعلامي هو لمنع “حزب الله” من الردّ. وأضاف: قالوا لنا، تجري مفوضات من أجل صفقة وقف إطلاق النار وتبادل الرهائن في غزة فلا تردّوا، وبعدما فشلت المفاوضات خرجوا علينا بنظرية “إذا ضربتم رداً على إغتيال شكر فإنكم تغامرون بالذهاب إلى حرب واسعة”.
‏وأكد المرجع لـ”الجمهورية” أن لا معطيات استخبارية عن تغير في حركة الجيش الإسرائيلي على الأرض. اما حزب الله فهو على استعداد أن يعطي المفاوضات فرصة حتى الرمق الأخير لوقف الحرب وتبادل ألرهائن وإدخال المساعدات الإغاثية إلى أهلي غزة. وأضاف: ليس المهم ما يطلق من تصريحات ومواقف علانية، المهم ما يجري على طاولة المفاوضات.
تحذير حمادة
وكان كلام النائب مروان حمادة أمس بأن “الحرب الواسعة خلال أيام” خطف الأضواء السياسية، خصوصا انه ربط كلامه بمعلومات ديبلوماسية وليس بتحليل سياسي، وعدا عن ان هذه المعلومات تتقاطع حولها قوى عدة على تواصل مع عواصم القرار وتحذيراتها المستمرة للبنان بضرورة القيام بالمستحيل لتجنبها، فإن التصعيد العسكري المتدحرج يؤشر إلى ما لا تحمد عقباه، باعتبار ان تل أبيب نقلت تركيزها العسكري من غزة باتجاه لبنان، ولا تتوانى عن استهداف العمق اللبناني متجاوزة الخطوط الحمر، وبالتالي لم تكتف لا باستهداف الضاحية الجنوبية واغتيال القيادي فؤاد شكر، ولا بمواصلة اغتيال كوادر الحزب، إنما بضرب مخازنه العسكرية على امتداد الجغرافيا اللبنانية.
ومساء، قال حمادة لقناة “الجديد” أنّ “الحديث اخذ أكثر من ابعاده، وانه بنى تصريحه بناء على وقائع ميدانية مقلقلة خلال الثماني والاربعين ساعة الماضية”.
وأضاف أنّ “كلامه جاء في معرض التحليل الصحافي وليس كسياسي بناه على ان مغادرة بلينكن الى واشنطن من دون تحديد موعد لاستئناف المفاوضات دفعه الى التحذير من التصعيد من قبل العدو الاسرائيلي”.
تراجع الملفات الداخلية
ومع هذه الأجواء الحربية تراجعت الملفات الداخلية وتحديداً ملف الانتخابات الرئاسية إلى ما دون الصفر باستثناء ملف الكهرباء الذي يتعلّق بحياة المواطنين مباشرة، إنما أصبح الهم ينحصر في كيفية الاستعداد حياتياً لمواجهة الحرب المحتملة، خصوصا ان الرهان على مفاوضات الهدنة للتخلُّص من الحرب يتضاءل بشكل كبير في ظل الشروط الإسرائيلية التعجيزية على قاعدة “هدنة بشروطي أو لا هدنة”، والهدنة هي الباب الإنقاذي الوحيد لتجنُّب توسيع هذه الحرب.
وما تقدّم لا يعني ان توسيع الحرب أصبح أمرا واقعا، لأنه لا مصلحة لإسرائيل بالدخول في حرب مرفوضة أميركياً، ومعلوم ان واشنطن لا تريد هذا التوسيع وتضع جهودها كلها لحصر الحرب في غزة خشية من تحولها إلى حرب إقليمية، فضلا عن ان “محور الممانعة” أعطى أكثر من مؤشر في الأيام الخيرة على ضبط النفس، بدءا مما صدر عن الحرس الثوري الإيراني بأن “فترة انتظار الرد قد تكون طويلة، وعلى العدو انتظار الردود المدروسة بوقتها المناسب”، مروراً بما نقلته صحيفة “وول ستريت جورنال” عن مسؤول أمني سوري وآخر أوروبي، أن الرئيس “بشار الأسد أبلغ إيران بأنه لا يريد الانجرار إلى حرب شاملة مع إسرائيل، خصوصاً مع وجود أزمة اقتصادية تعاني منها مناطق سيطرته، جراء سنوات من العقوبات المفروضة علي”، وليس انتهاءً بتريُّث “حزب الله” بالرد على اغتيال شكر، وحفاظه قدر الإمكان على قواعد الصراع من دون ان يوسِّع ردوده رداً على التوسيع الإسرائيلي.
لا شيء محسوماً
لا شك ان لبنان دخل في مرحلة محفوفة بالمخاطر، والاحتمالات كلها واردة، ولكن لا يوجد أي شيء محسوم حتى الآن، ما يعني ان الحرب التي اعتاد عليها اللبناني منذ 8 تشرين الأول 2023 يمكن ان تستمر على المنوال نفسه، خصوصا ان ليس من مصلحة إسرائيل التوغُّل عسكريا في لبنان تجنباً لتكبدها خسائر كبرى، وبالتالي يمكن ان يبقى القديم على قدمه، ولكن الخطورة التي يتحدّث عنها البعض تكمن في ثلاثة عناصر أساسية:
العنصر الأول دخول الولايات المتحدة في الأسابيع الأخيرة التي تسبق انتخاباتها الرئاسية، ما يجعلها بموقع المشلول من قدرة الضغط على إسرائيل.
العنصر الثاني يكمن في تعطُّش نتنياهو لاستعادة قرار الردع في ظل شعبيته المتصاعدة بعد الاستهداف الرباعي لميناء الحديدة واغتيال محمد ضيف وشكر وإسماعيل هنية.
العنصر الثالث يتمثّل بما سرِّب عن لقاء نتنياهو مع دونالد ترامب بأن الأخير قال له بضرورة ان ينهي عملياته العسكرية قبل دخوله إلى البيت الأبيض.
وفي هذه الصورة كلها يقف المواطن اللبناني حائرا وخائفا ووسط أوضاع اقتصادية مأسوية مردِّدا القول المأثور “عند تغيير الدول إحفظ رأسك”، متمنيا ان يُحفظ رأسه ورأس لبنان في هذا الصراع الإقليمي الكبير.
الواقع الميداني
شنت مسيرة إسرائيلية امس غارة في منطقة الفيلات في صيدا، استهدفت سيارة الضابط المتقاعد في “حركة فتح” خليل المقدح وقتلته. وهو شقيق القيادي في “فتح” منير المقدح ومن كتائب شهداء الاقصى. واعلنت القناة 14 الإسرائيلية ان خليل المقدح كان ناشطاً في فيلق القدس التابع للحرس الثوري. واشار الجيش الإسرائيلي الى ان المقدح كان ينقل الأموال والأسلحة إلى الضفة الغربية.
ورداً على ‏الاعتداء الإسرائيلي الذي طال منطقة البقاع قصفت “المقاومة” امس قاعدة تسنوبار اللوجستية في الجولان السوري المحتل بصليات من صاروخ ‏كاتيوشا. كذلك، استهدفت موقع حدب يارون بقذائف المدفعية. كما شن الحزب هجوما جويا بأسراب من المسيرات الانقضاضية على المقر الاحتياطي للفيلق الشمالي وقاعدة ‏تمركز احتياط فرقة الجليل ومخازنها اللوجستية في عميعاد، مستهدفة مراكز القيادة وأماكن تموضع ‏ضباطها وجنودها وأصابت أهدافها بدقة. كما استهدف الحزب دبابة ميركافا في موقع العباسية.
وأعلن “حزب الله” استهداف قوّة إسرائيليّة تتحرك في محيط ثكنة زرعيت بقذائف المدفعية. ‏
وتم استهداف مقر في ثكنة راميم تشغله قوات من لواء غولاني بصلية كاتيوشا وتموضعات لجنود العدو في موقع مسكافعام. ونعى الحزب خمسة من عناصره.
جنوبا وبقاعا
واستهدف قصف مدفعي إسرائيلي بلدة علما الشعب وأطراف بلدة الناقورة وجبل اللبونة والطيبة وطلوسة. وبعد ليلة عنيفة عاشتها منطقة البقاع جراء سلسلة غارات شنّها الطيران الإسرائيلي أغارت مسيّرة إسرائيلية قرابة السابعة صباحا، بصاروخ موجّه على سيارة في بلدة بيت ليف، أدت إلى استشهاد مواطن لبناني. كذلك أدى القصف الاسرائيلي على بلدة الوزاني إلى استشهاد شاب سوري. وكان قصف مدفعي من العيار الثقيل استهدف مجرى نهر الليطاني أطراف بلدة ديرميماس.

   (الجمهورية)