سعد الياس _ القدس العربي
كان لافتاً خروج نصرالله لينفي ما يُشاع عن اتفاق جاهز في ما خص الوضع عند الحدود الجنوبية، ولكنه لم ينف وجود مسودات وأفكار وطروحات.
بيروت ـ «القدس العربي»: في وقت يستمر اشتعال جبهة الجنوب وتتوسع رقعة الغارات والاستهدافات الإسرائيلية ورقعة رد حزب الله على المستوطنات كما توعّد أمين عام حزب الله السيد نصرالله، فقد كان لافتاً في ذكرى عاشوراء خروج نصرالله لينفي ما يُشاع عن اتفاق جاهز في ما خص الوضع عند الحدود الجنوبية، ولكنه لم ينف وجود «مسودات وأفكار وطروحات، وهذا متروك للوقت» رابطاً «مستقبل الوضع في الجنوب بما سيتقرر على ضوء نتائج المعركة».
وقد تباينت الآراء حول مَن تحدث عن «اتفاق جاهز» في اليوم التالي لانتهاء المواجهات، وهل جاء التسريب من ناحية المبعوث الأمريكي آموس هوكشتاين أمام وفود نيابية زارت واشنطن أم جاء التسريب من زوار عين التينة الذين شعروا بوجود مثل هذا الاتفاق بين رئيس مجلس النواب نبيه بري وهوكشتاين، أم حتى من أمين عام حزب الله نفسه الذي قال في إطلالة إعلامية في 5 كانون الثاني/يناير الماضي: «بعد 60 يوماً من القتال، يتم العمل على تثبيت معادلات الردع التي أسست لها المقاومة وهو يفتح فرصة جديدة للبنان بأن يتمكن بعد انتهاء هذه المعركة من تحرير بقية أرضه وتثبيت معادلة تمنع فيها العدو الإسرائيلي من اختراق أجوائنا وبحرنا وحدودنا» مؤكداً «أننا أمام فرصة حقيقية لتحرير كل شبر من أرضنا اللبنانية ومنع العدو من استباحة حدودنا وأجوائنا».
وكان نصرالله بحديثه عن فرصة حقيقية للتحرير يتحدث ضمناً عن أجواء الطروحات بين بري وهوكشتاين حول ترسيم الحدود البرية بعد الترسيم البحري وحل مشكلة النقاط الـ 13 العالقة بين لبنان وإسرائيل على الخط الأزرق من دون مزارع شبعا وزيادة عديد الجيش اللبناني في الجنوب ووقف الطلعات الجوية الإسرائيلية، ولكن النقطة التي بقيت عالقة هي طلب إسرائيل انسحاب حزب الله إلى شمال نهر الليطاني فيما يقبل الثنائي الشيعي بما ورد في القرار 1701 حول حظر المظاهر المسلحة جنوب نهر الليطاني.
أما لماذا نفى أمين عام الحزب في هذا التوقيت وجود «اتفاق جاهز» فالبعض يربطه بجملة من الأمور: أولها استباق زيارة رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو إلى الولايات المتحدة الأمريكية والرد على تهديداته تجاه لبنان من خلال نفض حزب الله يده من أي وعد حول اليوم التالي للمعركة وإبداء الاستعداد لأي احتمالات دراماتيكية. ثانيها التطورات الحاصلة على صعيد الانتخابات الرئاسية والتي تؤشر إلى تقدم الرئيس دونالد ترامب وما يعنيه ذلك من كف يد هوكشتاين في حال تغيير الإدارة الأمريكية وبالتالي انتفاء صلاحية ما تم الاتفاق عليه مع الرئيس بري.
ولذلك، اختار نصرالله إيصال رسالة بأن الدولة اللبنانية هي التي تفاوض كما حصل في مفاوضات ترسيم الحدود البحرية، قائلاً «أبلغنا كل من اتصل بنا أن الجهة المعنية بالتفاوض وبإعطاء الأجوبة هي الدولة».
وتعتبر مصادر مطلعة على موقف حزب الله «أن السيد نصرالله أراد نفي وجود أي مفاوضات مباشرة أو غير مباشرة مع الأمريكيين للتوصل إلى اتفاق من تحت الطاولة على حساب ما يجري في غزة، إضافة إلى دحض مقولة مصادرة الحزب قرار الدولة ورغبته في استفادة الدولة من قوة المقاومة للدفاع عن حقوقها وسيادتها وليس الحلول مكانها».
إلا أن أوساط المعارضة تسخر من كلام حزب الله عن عدم مصادرة قرار الدولة، وتسأل «مَن يفاوض اليوم هوكشتاين وغير هوكشتاين؟ أليس الرئيس بري حليف حزب الله؟ وأي دور لرئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي سوى الموافقة على ما يطلبه بري وحزب الله خلافاً لما كان عليه الحال مع الرئيس فؤاد السنيورة خلال حرب تموز/يوليو 2006؟». وتقول الأوساط «حتى أن حزب الله يعتبر ميقاتي صديقاً ويتم التنسيق معه في مواجهة التحديات فيما الرئيس بري هو جزء أساسي لا يتجزأ من محور الممانعة والمقاومة». وتضيف «إذا كان نصرالله يريد فعلاً أن تتولى الدولة التفاوض فما عليه مع حلفائه سوى تسهيل إنجاز الانتخابات الرئاسية ليتولى رئيس الجمهورية حسب الدستور والمادة 52 منه المفاوضة في عقد المعاهدات الدولية وإبرامها بالاتفاق مع رئيس الحكومة بدل تغييب موقع ومكانة رئاسة الجمهورية كما هو حاصل الآن للتفرد والاستفراد بالتفاوض وعقد الصفقات والتسويات على حساب لبنان وبعض مكوّناته وخدمة لإيران التي تجري بدورها مفاوضات مع الأمريكيين في مسقط».
وتختم الأوساط المعارِضة «كل خطابات نصرالله تركّز على حركات المقاومة سواء في اليمن أو العراق أو سوريا أو فلسطين، وعندما يتطرّق إلى الشأن اللبناني يكون ذلك من باب رفع العتب وانطلاقاً من نظرية وحدة الساحات، فيما أولوية اللبنانيين هي أمنهم واستقرارهم وازدهارهم وخروج وطنهم من دوامة السلاح والحروب والتركيز على إعادة بناء الاقتصاد وتوفير الثقة للمغتربين والمستثمرين للعودة إلى البلاد والمساهمة في نهوضها من جديد».