المبنى المستهدف في جناتا. (احمد منتش)
اتخذت التطورات الميدانية الجارية على الجبهة الجنوبية للبنان مع إسرائيل المزيد من الدلالات المتوهجة الى حدود تراجع الأولوية “العالمية” لحرب غزة أمام خطر اقتراب انفجار حرب شاملة محتملة في لبنان بدت الهاجس الجديد للدول والجهات الخارجية. وعكست خريطة المواقف الدولية من تدهور الوضع الميداني على الحدود اللبنانية الاسرائيلية في الأيام الثلاثة الماضية قلقاً متعاظماً من احتمال انفجار جبهة حرب ثانية في المنطقة بعد غزة علماً ـن انفجار حرب في لبنان يبدو اشد وطأة من زاوية التحذيرات الأميركية والفرنسية المتكررة من ان حربا كهذه ستكون ممراً الى اشتعال إقليمي واسع. ولذا اتخذ السباق الحار للغاية بين الجهود الديبلوماسية لمنع تفلت التدهور من إمكانات السيطرة والوقائع الميدانية المتصاعدة بشدة بعداً مصيرياً من شأنه ـن يحدد في الأيام القليلة المقبلة مصير الجبهة اللبنانية الإسرائيلية وما إذا كان لا يزال ممكناً إحكام السيطرة عليها قبل فوات الأوان.
وكشف موقع إكسيوس الأميركي أن موفد الرئيس الأميركي الى المنطقة ايموس هوكشتاين سيصل الى إسرائيل الاثنين في مهمة لمنع التصعيد على جبهة لبنان بين إسرائيل و”حزب الله” ولم يعرف ما إذا كان سيزور لبنان أيضاً.
وفي تكرار لافت للتحذيرات الأميركية من تفلت الوضع عن السيطرة، أفادت هيئة البث الإسرائيلية بأن الولايات المتحدة الاميركية حذّرت إسرائيل من أنّ أي خطوة عسكرية في لبنان قد تخرج عن السيطرة. ولكن معالم تخبط في الموقف الإسرائيلي برزت حيال دعوة الرئيس الفرنسي الأخيرة الى تشكيل لجنة ثلاثية أميركية فرنسية إسرائيلية اذ استبعد وزير الدفاع الإسرائيلي، يوآف غالانت، الانضمام إلى مبادرة روج لها الرئيس الفرنسي، إيمانويل ماكرون، والتي تشكل فرنسا والولايات المتحدة وإسرائيل بموجبها مجموعة اتصال للعمل على نزع فتيل التوتر على حدود إسرائيل مع لبنان. وقال غالانت في بيان “بينما نخوض حربا عادلة دفاعا عن شعبنا، تتبنى فرنسا سياسات معادية لإسرائيل”.وأضاف “إسرائيل لن تكون طرفا في الإطار الثلاثي الذي اقترحته فرنسا”.وكان ماكرون أعلن اول من امس، خلال قمة مجموعة السبع أن فرنسا والولايات المتحدة وإسرائيل ستعمل ضمن إطار “ثلاثي” على خارطة طريق فرنسية هدفها احتواء التوترات على الحدود بين إسرائيل ولبنان.
وسرعان ما أعلن مصدر في الخارجية الإسرائيلية ان تصريحات غالانت حول الدور الفرنسي بشأن لبنان “غير صائبة” .وعلق مسؤول فرنسي لموقع كاسيوس “باننا فوجئنا من تصريحات إسرائيلية متضاربة عن مساعينا لوقف التصعيد مع لبنان”.
في غضون ذلك كانت وسائل إعلام إسرائيلية تكشف ان الجيش الإسرائيلي اوصى القيادة السياسية بإنهاء عملية رفح في أقرب وقت ممكن والتقدم بالهجوم على لبنان. وفي موقف لافت اخر اثار استغرابا واسعا لخروجه عن أي أصول ديبلوماسية بادر سفير الجمهورية الاسلامية الايرانية في لبنان مجتبى اماني عبر منصة “إكس” الى الكتابة : “هناك إشاعات كاذبة عن استشهاد مسؤولين في حزب الله، وهي غير صحيحة على الإطلاق. والغرض من ذلك هو الحرب النفسية”.
وعلى الصعيد الميداني انحسرت نسبياً وليس بدرجة ملموسة حدة العمليات المتبادلة بين إسرئيل و”حزب الله” اذ تعرضت بلدة الخيام وأطراف ديرميماس وكفركلا وحولا لقصف مدفعي. كما سقطت قذيفة اسرئيلية في ساحة بلدة الطيبة، فيما أشعل القصف المدفعي الفوسفوري الاسرائيلي النيران في حي الدباكة، شمال شرق بلدة ميس الجبل. ولاحقاً استهدف القصف عيتا الشعب في قضاء بنت جبيل.
وكانت سيدتان قتلتا قبيل منتصف الليلة الماضية في بلدة جنّاتا قضاء صور وأصيب اثنا عشر شخصا بجروح بينهم أطفال إثر غارة إسرائيلية طالت احد المباني، والضحيتان هما دلال عز الدين وسالي سكيكي . ويتألف المبنى المستهدف من ثلاث طبقات وهو غير مأهول ويضمّ مستودع أخشاب، فيما ذكرت الإذاعة الإسرائيلية أنه يخصّ حزب الله. أما الضحيتان فسقطتا في مبنى مجاورٍ.
وأعلن “حزب الله” في سلسلة بيانات أنه استهدف موقعي الرمثا والسماقة في تلال كفرشوبا بالاضافة الى استهداف موقع المطلة . كما استهدف المنظومات التجسسية في موقع مسكاف عام بالأسلحة المناسبة. وأضاف في بيان آخر ان رداً على الاعتداءات الإسرائيلية على القرى الجنوبية، قصف مستعمرتي كريات شمونة وكفرسولد بعشرات صواريخ الكاتيوشا والفلق كما استهدف مبان يستخدمها الجنود في مستوطنة المطلة واصابت صواريخ الحزب ايضا موقعا اسرائيليا في مزارع شبعا.ولاحقا اعلن الحزب “اننا استهدفنا التجهيزات التجسسية في موقع جل الدير بالأسلحة المناسبة وأصبناه إصابة مباشرة وتم تدميره”.
وفي هذا الاطار، أعلن رئيس حكومة تصريف الاعمال نجيب ميقاتي في مداخلة امام مجلس الوزراء “إن استمرار الاعتداءات الاسرائيلية على الجنوب وما يشهده من قتل متعمد لأهله وتدمير للبلدات واحراق للمزروعات، ليس فقط محل ادانة واستنكار من قبلنا بل هو عدوان تدميري وإرهابي موصوف ينبغي على المجتمع الدولي ان يضع حدا لتماديه وإجرامه، وبدورنا سنحتكم للمرجعيات الدولية المختصة، ونجدد التزامنا بتطبيق القرار 1701 كاملا”.وقال: “إننا نقدر مبادرة الدول الصديقة ودول القرار الى السعي لوقف الاعتداءات الاسرائيلية، كما نرحب بقرار مجلس الأمن الرقم 2735 الذي وضع خارطة طريق لوقف القتال في غزة، ونتمنى ان يصار الى تطبيق هذا القرار سريعا لقطع الطريق على حرب واسعة النطاق في المنطقة”.
(النهار)