السّلام عليك يا صليب:قد كنت دائمًا على صدري، وفي مكتبي، وفي غرفتي، وفي سفري… الطّوباويّ أبونا يعقوب الكبّوشيّ حمل صليبه، وتبع يسوع…هامَ في عشق من مات على الصّليب من أجله…أطلق صلواته من الأعماق ساجدًا، وصارخًا “يا صليب الرّبّ، يا حبيب القلب”بَرَى صليبَ سُبحَتِه شغفًا بالمصلوب، فَبَرَى في نَفسِه الخطيئة، وَجَعل يديه تتزوّدان بأسمى ما تفيض به العناية الإلهيّة.اعتَبَر الكبّوشي أنّ كمال القداسة كامنٌ في الصّليب…دعانا لِنَستَنير بِشُعاعه، ونسير حاملين صليبنا كما حمله معلّمنا…دعانا لِنَغتَني بسحر كلمته، لأنّه المنبر، من أعلاه يعلّم المصلوب، ويرشد…عَشِقَ أبونا يعقوب الصّليب، واعتبر أنّ لا سماء إلّا به، وأدرك أنّ الألم هو أكبر هديّة من لدن الله لأصحابه…عاش النّذر متأمّلًا الصّليب، ومستمّدًا منه الحياة، والقوّة، والسّعادة.الصّليب معلّمه، وثقافته الكبرى الّتي جعلته ينمو رسالةً، وتضحيةً، وحبًّا….مع الصّليب تعلّم احتمال الوجع، وَفَرِحَت نفسه بالانتصار على التّجارب…بين مريض، وعجوز… بين يتيم، ومشرّدٍ… بين راهبة، وكاهن ، حكاية صليب تألَّمَ في حمله أبونا يعقوب، ولكنَّه افتَرَشَ لنفسه دروب وردٍ فاحت طيوبها في حياته، وجعلته يتهلّل، ويفرح لأنّه منح آلامه أجمل معاني التّضحية، والقداسة، فباتت ذاك السّلّم الّذي جعله يرتقي نحو فرح السّماء… نحو الحياة الأبديّة…مسيرة فرحٍ إيمانيّة عاشها الكبّوشيّ، لأنّه احتمى بخشبة الخلاص، أحبّ الصّليب، الّذي حماه من الأعداء، وأفاض في نفسه نعم السّماء، ففرحت به روحه، ومن خلاله عاش كمال الفضيلة..“أبونا يعقوب”…على خطاك سنسير … لأنّ العناية الإلهية تُرافِقنا دومًا، كما رافقتك، وجعلتك تستمرّ… بتعاليمك سنستمرّ…سنواجه الألم ….سنجعله باقات حبّ، نحملها، لنضعها بخور إيمانٍ أمام صليب يسوع….ساعدنا يا يسوع ، يا معلّمنا الأوّل، لنحمل الصّليب على مثالك، محوّلين طرقات يوميّاتنا الوعرة، إلى درب خلاصٍ، وقيامة….يا صليبَ الرَّبِّ يا حبيبَ القلبإذا ازدادَ حِملي اكتئاباً وَثِقلاًوَشَلَّت إيماني رِياحُ التَّجارِبمَسَكتُ الصَّليبَ يُعيدُ إلَيَّصفاءَ التَّفكُّرِ رَغمَ المَتاعِبخَبِرتُ الآلامَ وسيلةَ فهمٍبِأنَّ القداسةَ في الإحتِمالنهَلتُهُ منكَ بِدَمعِ القَبولِوحِملُكَ كانَ بِثِقلِ الجبالِيا صليبَ الرَّبِّ يا حبيبَ القلبحنَيتُ جَبيني أُسائِلُ ذاتيفَكُنتَ الجوابَ لكلِّ سؤالِتَرَكتَ الأعالي تَجودُ وَتُعطيوَتَرسُمُ فينا طريقَ الكمالِأعيشُ السَّماءَ بِعَيشِ الآلامِ فَمَعْكَ الآلامُ سِراجُ الضِّياءِفلا شَرطَ عِندي انتِقاءُ الصَّليبِفكُلُّ صليبٍ دَواءٌ لِداءِيا صليبَ الرَّبِّ يا حبيبَ القلبِيا صَليبَ الرَّب يا حبيبَ القَلب فَعارٌ عليَّ التَّذمُّرُ لمَّا أراكَتُهانُ بِكُلِّ ازدِراءِ حَوالَيكَرَبِّي قِوى الشَّرِّ هبَّتفحسبيَ أنِّي شَهيدُ الوفاءِآلامُكَ مدرسةٌ للصَّلاةِ ومعْها أغوصُ بِمَعنى الوجودِأسيرُ بِهَديِكَ ما دُمتُ حيّاًفَأُمسي وريثاً لدارِ الخلودِيا صليبَ الرَّبِّ يا حبيب القلب.
الأب منصور لبكي