بينَ زيارةِ الأب ودموعِ الأُم (ألمحامي جورج ميشال أبو خليل)

برَكاتُ ربِّنا في رُبوعِنا أزْهرَتْ، خشَعَتْ نفوسُنا في مهيبِ جَلالِ؛
بابا لاونُ خليفةُ “الصّخرَه” هُنا، دَفقُ الإيمانِ يُزيحُ ثِقلَ جِبالِ.
لدى شربلَ كانَ اللِّقاءُ الأوَّلُ، ما هَمَّ تُمطِرُ، لَسنا فيها نُبالي،
عندَ الضّريحِ جَثا بصَمتٍ لافتٍ، كانَ الحوارُ مبارَكًا من عالي.
ومَعَ الشّبيبةِ، والشُّجونُ كثيرةٌ، كانَ السّلامُ جوابَ كُلِّ سؤالِ.
هوَذا رَسولٌ قد أتانا مُبشِّرًا، أجراسُنا أَضفَتْ بَريقَ جمالِ…
أمّا الصّليبُ بِدَيرِهِ فمُمَيَّزٌ، زَهراتُ ” يَعقوبَ” حِمى الأطفالِ،
هُنَّ البلاسمُ للشّقاءِ مُجسَّدًا في عينِ مَن غَدَرَ الزّمانُ بحالِ؛
فيهِنَّ قد وَجَدوا السّماءَ قريبةً، فيهِمْ رَأيْنَ صورةَ المُتعالي:
أصحابُ عاهةِ، دونَ ذَنبٍ، أقبَلوا إلى بئرِ يَعقوبَ بلا تسآلِ؛
هؤلاءِ هُمْ ما قالَهُ الفادي لَنا: إخوَه صِغارٌ، أَبشِروا بِنَوالِ
إنْ تُسعِدوهُمْ إنّما أسْعَدْتُمُ قلبي، ومِنّي الطُّوبى أجْرُ فِعالِ..
فإلى المُهَمَّشِ جاءَ زائِرُنا، وما إلاّ العَزاءُ تَغَلْغُلٌ في البالِ،
أَحنى، وَأَبيضُ ثَوبِهِ في قلبِهِ، بَثَّ التَّفاؤلَ وَردَةَ الآمالِ؛
بالسرِّ وافى مَن بِحالٍ صَعبةٍ، عاشَ البراءَةَ مَع ذَوي الأَثقالِ.
.. والأُمُّ تشكُرُ والمَهامُ جسيمةٌ، هِيَ شاهِدَه على واقعِ الأَحوالِ،
فَيْضُ الدُّموعِ طَغى، وصَوتٌ يُخنَقُ، ما حالَ ذَلِكَ دونَ حُسْنِ مَقالِ،
يا أُمُّ، ليسَتْ ذي دُموعًا إنَّما دُرٌّ ترَقرَقَ مِن أصيلِ لَآلي.