لم أطلق على صديقي العزيز لقب “شرارة” عن عبث.. بل استعرته من مسلسل مصري لنجم الكوميديا محمد عوض، عرض في السبعينيَّات من القرن الماضي حمل عنوان (برج الحظ)، ويدور حول شاب يدعى “شرارة” يلاحقه النحس أينما حل وارتحل، مما دفع الجميع إلى الابتعاد عنه!!
أولى اللعنات التي لازمت صديقي “شرارة” كانت في موعد خطبته.. فقبل اليوم الموعود بساعات، أصيب والد العروس بنوبة قلبية كادت تودي بحياته لولا العناية الإلهيّة.. مما اضطره إلى تأجيل الخطبة إلى حين خروج “عمّه” من العناية الفائقة!!
وبما أن “بكل عرس.. قرص”، كان لعرس “شرارة” أقراص.. مما جعله يضرب أخماساً بأسداس.. فقبل يومين من الموعد المنتظر، حصد الموت فجأة إبن عم العريس وما هي إلَّا أيام حتى لحق به خال العروس.. فألغي الحفل طبعاً، واقتصر العرس في ما بعد على المقربين الذين نجحوا في البقاء على قيد الحياة!!
ومن المفارقات التي لا ينساها أنه تقدم بطلب للعمل في إحدى الشركات فوافقت الإدارة على توظيفه وحددت له موعداً لبدء العمل. في اليوم المنشود، بكّر في الوصول إلى مقر الشركة، إلاّ أنه أصيب بصدمة قاسية حين أخبره موظف الأمن أن الشركة أفلست وباعت مكاتبها وأقفلت أبوابها و.. نوافذها!!
ولن ينسى صديقي طبعاً أنه وقف 4 ساعات متواصلة أمام شباك الضمان الإجتماعي لتقديم فاتورة الأدوية.. لكن ما إن وصل أخيراً إلى الشباك بحالة يرثى لها، حتى أخبره الموظف أن الـ “SYSTEM” توقف فجأة؟! وطلب منه أن يعود بعد يومين لأن السبت والأحد عطلة؟! فأسقط في يده ولعن الساعة 8 التي جاء فيها، والساعة 12 التي دقت باب خيبته!!..
حين أطلقت البنوك عمليات “صيرفة” إستبشر “شرارة” خيراً.. وقال في نفسه لعلها فرصة لفك النحس، ولكن ما إن حدّد له المصرف موعداً، حتى سارع إلى صرف دولاراته والدولارات التي استدانها من أصدقائه.. لكنه فوجىء في اليوم التالي بأن أحد الزبائن اقتحم الفرع فتدخلت القوى الأمنية وحصل هرج ومرج وإطلاق عيارات نارية، أقفل الفرع على أثرها أبوابه!! والأنكى أن “صيرفة” توقفت أيضاً بسبب الحوادث التي حصلت، فلم يتمكن صاحبنا من استعادة دولاراته لأن الدولار كان يهبّ صعوداً، مما أدى إلى خسارته مبلغاً لا يُستهان به..
وذات يوم، ضاقت به الحال، فقرر بيع سيارته التي أرهقت أعصابه وجيوبه لكثرة أعطالها، فاتفق مع أحدهم على أن يبيعه إياها، وحددا موعداً للقاء لدى الكاتب بالعدل من أجل إجراء العملية، وفي اليوم التالي، توجه إلى المكان المحدد لكن ما إن أقدم الشاري على إدارة محرك السيارة لتجربتها حتى اكتشف أنه لم يحرك ساكناً.. مما أصابه بخيبة أمل، وبعد الفحص والتدقيق تبين أن المارش “نو مارش” فعدّل الشاري عن قراره، ونامت السيارة في حضن “شرارة”!!
وعندما قرر المسؤول في الشركة الجديدة التي يعمل فيها أن يعطيه زيادة على راتبه، فرح صديقي وأخبر عائلته والأصدقاء والأصحاب والجيران، لكن فرحته لم تصل إلى قرعته.. إذ تمت إقالة المسؤول من منصبه من دون أن يرتكب أي هفوة!!
لم تهدأ دوائر النحس في دربه إلَّا حين أبصر في منامه الفنان محمد عوض يبلغه بأنه المنافس الوحيد له على لقب “شرارة”، فأحسّ بنشوة النجوميّة، واقتنع بأنه جاء زمن الربح وولى زمن الخسارة!!
صرَّح لي بهذا الاعتراف، لكنني لم أقتنع حتى الآن.. والتجربة أكبر برهان!



