بين صمود المقاومة ومصير المفاوضات: لبنان الى اين ؟

قاسم قصير

نجح حزب الله والمقاومة الاسلامية في استيعاب العدوان الإسرائيلي والصمود في مواجهة العمليات العسكرية الإسرائيلية على الحدود ومنع العدو من أحداث اختراقات كبيرة وكما نجحت المقاومة الإسلامية في توجيه ضربات قاسية للعدو عبر الطائرات المسيرة والصواريخ والتي وصلت الى مقر رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو.
وهذا ما دفع العدو الإسرائيلي وداعمه الاميركي للعودة الى طاولة المفاوضات وارسال المبعوث الأميركي اموس هوكستاين الى لبنان وعرض شروطه لوقف النار.
فكيف نحح حزب الله في استيعاب الهجوم الإسرائيلي والى اين تتجه الاوضاع في المرحلة المقبلة ؟ .
لقد نجح حزب الله في اقل من ثلاثة من اسابيع باستعادة توازنه العسكري والسياسي والاعلامي بعد استشهاد امينه العام السيد حسن نصر الله وعدد قادته العسكريين ومؤسساته الاجتماعية والاقتصادية وتهجير مليون و200الف من ابناء الجنوب والبقاع والضاحية الجنوبية.
ورغم حجم الضربات القاسية التي تلقاها الحزب وبيئته فإنه سرعان ما استوعب الصدمات وعاد الى الميدان العسكري بقوة وهذا ما تشهده قرى الجنوب الحدودية التي تشهد مواجهات قاسية مع جنود الاحتلال وادت لسقوط عشرات القتلى والجرحى في صفوف الجيش الإسرائيلي.
كذلك تطور اداء منظومة الصواريخ والطائرات المسيرة خلال الأسبوع الاخير حيث وصلت الى القواعد العسكرية والعديد من المدن والمستوطنات الإسرائيلي ومقر اقامة نتنياهو وهناك توقعات من مصادر قريبة من المقاومة ان الايام القادمة ستشهد المزيد من الضربات العسكرية للعدو الاسرائيلي.
وعلى صعيد البنية التنظيمية والسياسية والاعلامية فقداعاد الحزب ترتيب وضعه التنظيمي وملء الفراغات في مختلف المواقع واعتمد القيادة الجماعية واوكل لنائب الامين العام الشيخ نعيم قاسم اطلاق المواقف السياسية في حين تتولى الوحدة الاعلامية المركزية متابعة الشأن الاعلامي واما النواب أعضاء كتلة الوفاء للمقاومة فعملهم التواصل مع الاوساط الشعبية والسياسية والإعلامية عند الضرورة .
كما نجح الحزب في ترتيب الجبهة الداخلية على صعيد استيعاب النازحين بالتعاون مع حركة امل والجهات الرسمية والدينية ومؤسسات المجتمع المدني وهو يجهز ايضا للمرحلة المقبلة وكذلك لمرحلة ما بعد الحرب واعادة الإعمار.
وعلى الصعيد السياسي استوعب الحزب الهجمة الداخلية والخارجية التي سعت خلال الأسابيع الأخيرة لاستغلال الضربات التي تلقاها لفرض أجندة سياسية محددة وتم التنسيق والتعاون مع الرئيس نبيه بري لادارة التفاوض ووضع رؤية سياسية محددة مبنية على قاعدة الدعوة لوقف إطلاق النار والعدوان الإسرائيلي قبل البحث في اي ملف سياسي وخصوصا انتخاب رئيس جديد للجمهورية والموافقة على القرار 1701.
ومن خلال مواكبة عمل ودور الحزب السياسي والعسكري والاجتماعي والاعلامي يمكن القول ان الحزب استوعب الصدمات الكبيرة وهو يعمل حاليا وفق خطة محددة ويعتبر ان الصمود والمقاومة في مواجهة العدو الإسرائيلي هو العنوان الاساسي في المعركة وان الميدان هو من يحدد افق الصراع السياسي والمفاوضات المقبلة وهو جاهز لخوض حرب طويلة المدى واستنزاف العدو.
واما الرهانات على نهاية الحزب ودوره العسكري وتسليم السلاح وتخلي ايران عنه فهي رهانات خاطئة وستثبت الايام المقبلة عدم صحتها .
والجانب الآخر في صمود الحزب وقوته يتمثل في البيئة الحاضنة التي نجحت في استيعاب ما تعرضت له من تدمير وقتل واكدت عدم تخليها عن المقاومة ودورها وشكل استشهاد الامين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله اعلى نموذج للتضحية من قبل هذه البيئة ولذلك يردد الكثيرون من هذه البيئة ان السيد نصر الله قدم نفسه شهيدا في سبيل القدس والمقاومة ونحن مستعدون ايضا لتقديم المزيد من التضحيات.
وفي الخلاصة فان حزب الله استعاد توازنه وهو مستعد لخوض معركة طويلة المدى ولن يقدم اي تنازل سياسي وهو جاهز لكل الاحتمالات والخيارات .
واما مصير المفاوضات فترتبط بالواقع الميداني وكلما نجحت المقاومة في الصمود كلما تراجع العدو عن شروطه .
نحن امام صراع مستمر والميدان هو الذي يحسم نتائج المفاوضات.