في غمرة التساؤلات عن حتمية رد حزب الله على اغتيال الرجل الثاني “والمؤسس الرمز” لحزبه فؤاد شكر ، وفي غمرة التحركات الناشطة والجهود الدبلوماسية المكثفة لردء “الضرية ” المفترضة أو للحد من قساوتها ، يتساءل اللبنانيون هل من رد أو لم يعد هناك رد فعلي “للانجاز” الإسرائيلي بحسب تعبير السيد حسن نصر الله نفسه !
مرلين وهبة ـ الجمهورية
وفي السياق تاجلت مهمة اللجنة الخماسية التي كانت منتظرة غدا الخميس بشكل مفاجئ وإستبدلت بخبر وصول هوكشتاين في زيارة خاطفة إلى بيروت اليوم ! الأمر الذي يشير إلى فرضية تجميد الضربة أو “رد حزب الله” بانتظار ما قد يحمله الوسيط الأمريكي من اقتراحات أو تهديدات ! فهل من مؤشرات أخرى تجمّد رد حزب الله ان لم نقل تخفف من حدته أم ان الرد قد حُسِم ؟
يقول المراقبون أن قدوم هوكشتاين المفاجئ اليوم وهو المعني بملف ترسيم الحدود البحرية فقط ، يطرح تساؤلات عدة حول احتمال ربط الملفين حرب غزة وترسيم الحدود ! علما أن هوكشتاين من أبرز المسؤولين القائلين بضرورة فصل الملفين وذلك لتسهيل وتسريع عملية التوقيع والسؤال المطروح ! هل تغيرت المعادلة وهل من ارتباط غير ظاهر للعيان بين الضربة وترسيم الحدود ؟
بالعودة الى مؤشرات تجميد “الرد ” فهي عديدة منها
- قدوم بلينكن إلى المنطقة قطر ومصر وإسرائيل وذلك احتمال يؤجل الضربة لإستشراف ما قد يحمله بلينكن من رسائل الى المعنيين!
- تصريح الناطق باسم وزارة الخارجية الإيرانية “ناصر كنعاني ” الذي قال أن بلاده لا تسعى إلى زيادة التوتر في المنطقة وقد وظفت جهودها الدبلوماسي لوقف الحرب ، وأن الرد على الكيان الصهيوني سيكون في إطار القوانين والأعراف الدولية.. الا انه في المقابل أكد أمس أن “طهران عازمة على الدفاع عن أمنها القومي وسيادتها ولا تنتظر إذن أحد”، داعيا “الترويكا الأوروبية لردع إسرائيل إذا كانت حقا تسعى لاستقرار المنطقة”
-تصريح الرئيس الأمريكي الأخير جو بايدن في مقابلة تلفزيونية وعد من خلالها بأنه “سينهي الحرب قبل انتهاء ولايته” ! - عنصر التأجيل بحد ذاته يبقى المؤشر الاساسي لقرار تجميد الضربة حالياً عبر اعتماد تكتيك جديد المح اليه السيد حسن نصرالله في اطلالته الاخيرة وهو شد الاعصاب المنهِك الذي احدثه تروي الحزب وبالتالي ارباك اسرائيل بانتظار نوعية وتوقيت الضربة …والذي انعكس ايضاً ارباكاً في الداخل اللبناني وقد يكون مؤشرا الى احتواء الضربة او تروياً لإجراء دراسة دقيقة على تفاصيلها ونوعها…
عن قيام الضربة وحدتها !
في المقابل وبنفس قوة زيارة بلينكن الى المنطقة وأهميتها للدلالة على تجميد الضربة الإيرانية تبرز استقالة وزير الخارجية الإيرانية محمد جواد ظريف التي لا توحي بالتهدئة والتي تخفض قوة التيار الاصلاحي الانفتاحي والمعتدل في ايران ، وتدفع بقرار الحرب وتضعه في يد “إبراهيم القاءاني ” رئيس الحرس الثوري الإيراني في وقت كان يشكل تيّار ظريف توازنا بينه بين التيار المتشدد المندفع والمؤيد للحرب وللمواجهة الذي يمثله “القاءاني”
وفي السياق ترجح التحاليل المحلية والخارجية وبخاصة بعد الإطلالة الأخيرة لنصر الله الذي قال فيها صراحة “اننا نتحيّن الفرص ” والمعنى أن يكون الرد مبنياً على المعاملة بالمثل وهو السيناريو الذي رجحه ايضاً الخبير في الشؤون العسكرية العميد فادي داوود وأن يكون ضمن ثلاثة ضوابط اساسية.
١- عدم جر المنطقة إلى مواجهة اشمل لا تحمد عقباها لأن إيران وأمريكا لا ترغبان بهذا الأمر بل هي رغبة نتانياهو وبالطبع ايران لن ترغب في أن تقدم له نصرا مجانياً.
٢- أن تؤلم إيران إسرائيل وتلحق فيها نفس الأذى الذي تسببت به باغتيال احد قادتها الكبار الذين يشكلون رموزاً اساسياً بالنسبة للحزب وهذا يعني أن إيران أو الحزب لن يختارا قصف المباني وقتل مدنيين بل قادة عسكريين.
٣- ضرورة الرد القائم حتماً لانه ينتقم لكرامة إيران المجروحة والمستباحة . وهذا ما توعدت به ايران علناً بلسان رئيسها .
امّا الرد المحتمل بحسب داوود فهو نوعان : الأكثر خطورة والأكثر احتمالا “
الأكثر خطورة هو رد بالمسيرات أسوة برد نيسان وأن يكون مركباً بشكل جغرافي وبنوعية الأسلحة ، أي أن ينطلق من الجولان العراق اليمن أو لبنان أي من كافة الأماكن التي لإيران اذزع فيها، أو من جزء منها وأخطر تلك الأماكن جغرافياً هو لبنان أي حزب الله، لأنه يستطيع الرد من المسافة صفر “ground zero” أي من الحدود والذي من الصعوبة اعتراض مسيراته او صواريخه في الجو مثل باقي المسيرات المنطلقة من الدول البعيدة جغرافيا والتي يلزمها مسافات بمئات وآلاف الكيلومترات بالجو وبالتالي من السهولة اعتراض مسيّاراتها فيما مسيّرات “الحزب ” تنطلق من الحدود اللبنانية مباشرة باتجاه إسرائيل وهو الأمر الأكثر خطورة بحيث من الممكن ايضاً وعن طريق الخطأ أن يحيد الصاروخ عن مساره اثناء اعتراضه ويسقط على المدن أو على سفارات أو على منشآت نووية …ويؤدي بالتالي إلى سقوط ضحايا مدنيين وتنزلق بالتالي المنطقة إلى مواجهة من نوع آخر لا تحمد عقباها ومجهولة النهاية .( مثل الصاروخ الذي سقط في زغرتا مرياطة )
اما الرد الأكثر احتمالا فهو أن يقوم حزب الله عبر الإستعانة بالعنصر البشري الملتحق بحماس والموجود داخل إسرائيل بالتخطيط أو تنظيم عملية إغتيال تساوي عملية اغتيال فؤاد شكر وهو الاحتمال الأكثر ترجيحاً بحسب داوود والعديد من المحللين العسكريين في الداخل والخارج والذين رجحوا ايضاً احتمال قيام عملية نوعية داخل اسرائيل.
الى ذلك تجدر الاشارة إلى التصريح الذي أدلى به مدير المركز العربي الإيراني للدراسات الاستراتيجية “محمد صالح صادقيان ” بأن في المرة الماضية في عملية الرد على القنصلية الايرانية طلب المرشد الأعلى من الحرس الثوري تحذير إسرائيل إنما هذه المرة بعد عملية اغتيال اسماعيل هنية في الداخل الايراني طلب المرشد الأعلى معاقبة إسرائيل.
مرلين وهبة ـ الجمهورية