اعتبر الامين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله في خطابه الاخير، أن إيران ليست مضطرة للانخراط في قتال مباشر وطويل، وهي فقط ملزمة بالردّ بعد استهداف طهران. ايضا حيّد سوريا عن المعركة “بسبب ظروفها الداخلية”. وقال “ليس مطلوبًا من سوريا أن تدخل في المعركة نظرًا إلى ظروفها”، موضحًا أنّ “المطلوب من إيران وسوريا هو الدعم المادي والعسكري والسياسي وموقفهما صامد ولم يتغير”.
لماذا يقدّر نصرالله ظروف سوريا ولا يقدّر ظروف لبنان؟ هذا اول سؤال يتبادر الى الاذهان بحسب ما تقول مصادر سياسية معارضة لـ”المركزية”. فهل هو يرى ان لبنان الغارق في انهيار مالي واقتصادي من الاقوى في العالم في العقود الماضية والاشد في تاريخه، قادر على تحمّل تبعات حرب وعمليات إسناد؟
على الارجح، قد يكون موقف نصرالله هذا أتى ليبرر لشعبه ومؤيديه، لماذا سوريا المحسوبة على محور الممانعة والتي تتشارك حدودا مع الكيان العبري ولها اراض يحتلها الاسرائيليون، لم تنخرط في المواجهة. لكن للتذكير نظام الاسد، الاب والابن، لم يواجه يوما الجيش العبري، بل فضل دائما القتال بالواسطة عبر اللبنانيين تارة و عبر الفلسطينيين طورا. واليوم، اكثر من اي يوم مضى، بشار الاسد لن يذهب نحو هذا الخيار الصدامي، بل يفضّل ان يضع رجلا “في البور” ورجلا “في الفلاحة”، بعد ان استقبلته جامعة الدول العربية مجددا في صفوفها منذ اشهر، وقد اشترطت عليه لذلك، العمل على وقف تحويل اراضيه الى ساحة في تصرف الايرانيين.
هذا في ما يخص سوريا. اما في ما خص ايران، فإن نصرالله بكلامه الذي يحصر دور ايران “بالرد”، انما يمهّد ايضا الارضية السياسية والشعبية والرأي العام اللبناني و”الممانِع”، لرد ايراني مضبوط جدا، على عملية اغتيال اسماعيل هنية في طهران. اي انه يقول للناس: لا ترفعوا سقف توقعاتكم كثيرا!
لكن في الشق الثاني من موقفه هذا، يبدو نصرالله يُبلغ اللبنانيين والمنطقة والعالم، انه هو الوكيل الاول لايران في المنطقة، وانه ذراعها الاقوى التي ستتولى الانتقام الفعلي: ايران ليست بحاجة الى ان تنغمس في وحول الحرب بالمباشر، بل حزب الله قادر على ان يقوم بهذه المهمة بمفرده، وهو الحصان الرابح الذي تحرّكه طهران وتراهن عليه. اي ان ايران استثمرت في الحزب وموّلته ودعمته حتى كبر، وباتت قادرة اليوم على جني ارباح هذا الاستثمار.. وبكلامه هذا، انما يؤكد الحزب مرة جديدة، “هويّته” الايرانية واستعداده للتضحية بالمصلحة اللبنانية حماية لمصالح ايران، بدليل انه حيّدها عن الحرب وويلاتها، وقرر تحميل لبنان تكاليفها، تختم المصادر.
لارا يزبك ـ المركزية