اتهم رئيس حزب “القوّات اللبنانيّة” سمير جعجع الأطراف نفسها التي عطلت التحقيقات في انفجار مرفأ بيروت بتعطيل انتخابات رئاسة الجمهورية. وأوضح أن هؤلاء الأطراف لا يريدون انتخابات رئاسية حقيقية، بل يريدون ترتيب الأمور في الغرف المظلمة لاختيار رئيس الجمهورية بشكل صوري. وقال: “نحن نعيش في الوقت الراهن مأساة كبيرة، صحيح أن مأساة انفجار المرفأ هي مأساة كبيرة، إلا أننا نعيش في كل يوم مأساة من قبل نفس الفريق وهو فريق “الممانعة”، الذي “اسمه على كسمه”، هذا فريق ضد كل شيء ويمانع كل شيء إلا ما يقوم به هو لغاية في نفس يعقوب، يعقوب الغير لبناني”.
كلام جعجع جاء خلال كلمة مصوّرة خلال العشاء السنوي لمنسقيّة دائرة بيروت الثانية في حزب “القوّات اللبنانيّة”، في اوتيل الهيلتون، في حضور: النائب جهاد بقرادوني ممثلاً رئيس حزب القوات اللبنانية، النائب نبيل بدر، رئيس الهيئات الاقتصادية الوزير السابق محمد شقير، النائب فؤاد مخزومي ممثلاً بالسيد انطوان حبيب، النائب وضاح الصادق ممثلاً بالمحامي محمود الناطور، النائب البطريركي لأبرشية بيروت للسريان الكاثوليك سيادة المطران شارل مراد ممثلاً بالاب ديفد ملكي، رئيس المجلس الإقتصادي والإجتماعي شارل عربيد، رئيس نقابة المقاولين اللبنانيين مارون حلو، رئيس غرفة التجارة الدولية وجيه البزري، رئيس موسسة المفتي الشهيد حسن خالد سعد الدين خالد، نائب رئيس غرفة بيروت وجبل لبنان غابي تامر، نائب رئيس الهيئات الإقتصاديّة نبيل فهد، أمين سر الهيئات اللإقتصادية الفونس ديب، رئيس تجمع الشركات اللبنانية باسم البواب، مدير كليّة الحقوق في الجامعة اللبنانيّة الفرع الثاني د. أمين لبّس، مدير عام مستشفى دار العجزة الاسلامي دكتور بدر زيدان، رئيسة جمعية السيدات القياديات مديحة رسلان، رئيس هيئة تنمية العلاقات الإقتصادية اللبنانية الخليجية ايلي رزق، رئيس مجلس رجال الأعمال اللبنانيين الكويتيين أسعد صقال، الأمين العام المساعد لاتحاد المحامين العرب توفيق النويري، مدير عام وزارة العدل سابقاً القاضي ميسم النويري، مدير عام وزارة الخارجية سابقاً السفير بسام نعماني، عدد من اعضاء مجلس بلدية بيروت ومخاتير بيروت، عضوا الهيئة التنفيذيّة في حزب “القوّات اللبنانيّة” مايا زغريني ودانيال سبيرو، منسق منطقة بيروت ايلي شربشي، منسق بيروت التانية ميشال بيضا، عدد من اعضاء المجلس المركزي في حزب “القوات اللبنانية”، رؤساء المكاتب والمراكز في منسقية بيروت في حزب “القوات اللبنانية”، وحشد من الفعاليات البيروتية الاقتصادية والاجتماعية والدينية.
وسلط جعجع الضوء على مأساة انفجار مرفأ بيروت التي وقعت في 4 آب 2020، مؤكدًا أن هذا التاريخ لن يُمحى من ذاكرة اللبنانيين حتى تُظهر الحقيقة ويتم إحقاق الحق. وشدد على أن هذه المأساة لا تزال تلقي بظلالها على لبنان بأكمله. حيث أسفر الانفجار عن مقتل أكثر من 200 شخص، وإصابة الآلاف بجروح، وتسبب في أضرار جسيمة لعشرات الآلاف من سكان العاصمة. ولم يتوقف الأثر عند هذا الحد، فقد أصاب الاقتصاد اللبناني في الصميم، لكنه الأهم من ذلك، أصاب النفسيّة المجتمعيّة اللبنانيّة بشكل مباشر. وأوضح أن حتى اللبنانيين الذين يعيشون في أعالي الجبال شعروا بتأثير هذه المأساة.
وقال: “عبر التاريخ، مرت بعض المجتمعات بمآسي، وكان من الممكن أن تمرّ هذه المأساة علينا. لكن المسألة غير المفهومة على الإطلاق هي أنه، وبعد مرور 4 سنوات على حصول هذه الجريمة المأساة، ليس لأي واحد من بيننا أدنى فكرة عن مجرى التحقيقات.”
وشجب رئيس حزب “القوات اللبنانية” عرقلة مسار التحقيقات المتعلقة بانفجار مرفأ بيروت، مشيرًا إلى أن العديد من المرجعيات السياسية تدخلت ومارست الضغط لعرقلة إصدار القرار الظني أو لاستكمال بعض الإجراءات القضائية والقانونية المعينة. وأضاف: “هل يمكن بعد وقوع مأساة بهذا الحجم، وأنا لا أطلق عليها توصيف جريمة فقط لأنها جريمة ومأساة بهذا الحجم، أن يتدخل البعض لعرقلة مسار التحقيقات؟ الحقيقة أن البعض تدخلوا كي لا تستكمل التحقيقات في هذه الجريمة.”
وأعرب جعجع عن أمله في أن يصدر قاضي التحقيق المولج في هذه القضيّة قراره الظني على الرغم من كل الضغوطات. وقال: “مهما طال الزمن ومهما حاولوا تعطيل التحقيقات إذا ليس اليوم بعد شهر، وإذا لم يكن بعد شهر فبعد ستة أشهر وإن لم يكن بعد ستة أشهر فبعد سنة سنستمر ونستمر ونستمر بالمطالبة والضغط إلى حين معرفتنا الحقيقة بما يتعلق بانفجار مرفأ بيروت وأن يتم إحقاق الحق كما يجب.”
وأكد رئيس حزب “القوات اللبنانية” على الأهمية القصوى لتحقيق العدالة ومعرفة الحقيقة في قضية انفجار مرفأ بيروت. وأعرب عن التزامه الشخصي وحزبه بمواصلة المطالبة بإحقاق الحق ومحاسبة المسؤولين عن هذه الجريمة مهما طال الزمن ومهما كانت الضغوطات.
وتطرق جعجع إلى الوضع الحالي في الجنوب، معتبرًا أنه مشابه للوضع الذي واجهته البلاد عقب انفجار مرفأ بيروت. وأوضح أن الحكومة لم تتخذ قرارًا بالحرب الدائرة في الجنوب، وأن هناك بعض الأطراف التي تتصرف خارج الأطر الشرعية والقانونية وبتفرّد من دون مشاركة بقية اللبنانيين في اتخاذ القرارات. وقال: “ليس هناك من أسباب لبنانية موجبة لهذه الحرب. وفي هذا الإطار لا يزايدنّ أحد على الآخرين، خصوصًا اليوم في ظل هذا الحضور من بيروت، بالقضية الفلسطينية، فهي القضية الأولى في ما يتعلق بنا جميعًا.”
وقال: “القضية الفلسطينية بحاجة لتفكير أعمق وطرق أفضل، وقبل كل شيء صدق تجاه هذه القضية وليس أن تُستعمل لغايات في نفس يعقوب، يعقوب غير اللبناني، ومرامٍ أخرى مختلفة تمامًا عن جوهر هذه القضيّة”.
وأكد أن ممارسات فريق الممانعة تعيق تحقيق العدالة وتضع لبنان في موقف خطير. وأشار إلى أن بعض النواب تقدموا بعريضة إلى رئيس مجلس النواب من أجل دعوة لجلسة لمناقشة الحكومة بشأن ما يحدث في الجنوب، ولكن الدلائل تشير إلى أن طلبهم سيقابل بالرفض. واعتبر أن هذا الرفض غير قانوني، وأن المرجع الوحيد القادر على رفض عريضة نيابية موقعة من 10 نواب لعقد جلسة لمناقشة الحكومة هي الهيئة العامة لمجلس النواب فقط.
وكان قد استهلّ جعجع كلمته بالحديث عن أهمية هذه المناسبة، مشيراً إلى أن هناك بعض المناسبات تكمن أهميّتها بالكميّة وهناك مناسبات أخرى تكون أهميّتها بالنوعيّة. وأوضح أن عشاء بيروت الثانية له أهميّة كميّة ونوعيّة. وذكر أنه في كل يوم، يكون لحزب “القوات اللبنانية” عشاءٌ يُنظَّمُ في مكانٍ ما، أو نشاط اجتماعي أو حزبي أو سياسي معيّن، إلا أن هذا النشاط له خصوصية، حيث أن بيروت لها مكانة عزيزة على قلوبهم. وأضاف: “حتى الأمس القريب كان البعض يحاول إبعادنا عن بيروت الثانية، بالرغم من أنه في نظري شخصيًا ليس هناك بيروت أولى وبيروت ثانية باعتبار أن بيروت هي بيروت. بيروت واحدة بغض النظر عن أي تقسيمات إداريّة فالتقسيم الإداري يبقى في نهاية المطاف تقسيماً إدارياً ونلجأ له لأسباب إداريّة ولكن المهم هو الروح، وبالروح تبقى بيروت واحدة بغض النظر عن التقسيمات والتوزيعات الإداريّة التي نلجأ لها لأسباب عمليّة لا أكثر ولا أقل.”
وتابع: “بيروت هي العاصمة الوحيدة للبنان، وهي بيروت الإشعاع والحقوق والحق والحقيقة”. وشدد على أن بيروت واحدة وأن كل محاولات تقسيمها أو تقسيم اللبنانيين لن تؤتي ثمارها. بيروت ستظل رمزًا للوحدة والقوة في وجه الصعاب.
واختتم جعجع بتوجيه تحية فردية لكل الحاضرين، مشيدًا بالصمود والشجاعة التي أظهرها أنصار الحزب في بيروت رغم كل الصعوبات. وقال: “أتمنى لكم أن تمضوا سهرةً هادئةً، وآمل من الله أنه وبجهودنا جميعًا نكمل على طريق النضال للوصول إلى لبنان الذي نريد، لبنان الإزدهار والحضارة والبحبوحة. يعطيكم مية ألف عافية، ونلتقي وجهًا لوجه إن شاء الله عندما تسمح لنا الظروف.”
شربشي
والقى منسّق بيروت ايلي شربشي من جهته كلمة، شدد فيها على أهمية الإيمان بالنضال من أجل لبنان كوطن للحريات للجميع. وأكد شربشي أن الولاء يجب أن يكون للبنان فحسب، وأن “بيروت تعتبر بالنسبة لنا ضيعتنا ومنطقتنا ومدينتنا، البيت الأول والثاني والأخير، بتعدديتها وعاداتها وتقاليدها وثقافتها”. وأشار إلى أن بيروت هي التي “نناضل كل يوم للحفاظ عليها لكي ينمو أطفالنا فيها”.
ووصف شربشي بيروت بأنها نبض القلب الذي يعلن أن لبنان لا يزال على قيد الحياة، مشيرًا إلى أن الشعب اللبناني يحب الحياة ويرفض الموت ولا يقبل أن يموت إلا ليعطي الحياة للبنان. كما أشار إلى أن بيروت هي العاصمة الثقافية ومركز التفاعل الإنساني، أم الشرائع وجوهرة المتوسط الحضارية، شمس الثورة والسيادة والاستقلال منذ العام 1920 وربما من قبل، حتى ثورة الأرز وانتفاضة الاستقلال 2005 وصولاً إلى ثورة 17 تشرين.
وذكّر شربشي بأن بيروت هي بيروت بشارة الخوري ورياض الصلح، بشير الجميل وصائب سلام، جبران تويني وفؤاد بطرس، كامل مروة والمفتي حسن خالد، رفيق الحريري وسمير قصير ومحمد شطح. بيروت التي توحدت مع جميع شهداء ثورة 14 آذار ورفضت القمصان السود ومحور الممانعة. وأكد أن بيروت هي بيروت الثورة في 17 تشرين ضد الفساد والسلاح والهيمنة والتسلط، وبيروت 4 آب 2020 الساعة 6:20، بعد الانفجار الإجرامي في المرفأ.
وأشار إلى أن بيروت، بوحدة أهلها وإرادة الصمود ومقاومة الدمار، انتصرت على الموت، ومع أهالي الضحايا والشهداء “نواصل المسيرة لمنع تعطيل التحقيق لكي نصل إلى الحقيقة ويُحاسَب المسؤولون عن تهجير وقتل أهلنا”. ودعا شربشي الجميع للمشاركة يوم الاثنين 5 آب في الصلاة لراحة أنفس ضحايا وشهداء 4 آب في كنيسة اللعازارية بالأشرفية.
وأكد شربشي أن بيروت تشبه “القوات اللبنانية”، بيروت السيادة والحرية والاستقلال، و”أننا سنعطي أغلى ما لدينا لتبقى بيروت جميلة وحية”. كما أكد أن بيروت هي بيروتية، وهذا هو النموذج من الحياة بين اللبنانيين، والحفاظ على هذه القيم الراسخة في وجدان النسيج البيروتي الأصيل. واعتبر أن حماية بيروت هي “مسؤوليتنا مع سائر شركائنا”.
وقبل أن يختم، شكر شربشي رفاقه في مركز بيروت الثانية لجهودهم المستمرة، وحفاظهم على الوزنات التي تسلموها من السابقين. وأعرب عن تقديره لتضحياتهم رغم مختلف الصعوبات والهموم المعيشية والاقتصادية والظروف السياسية الصعبة، مؤكداً أنهم رفضوا مقولة “أين هي القوات في بيروت الثانية” وعملوا بصمت وشجاعة وجدية والتزام مطلق، وأثبتوا حضور القوات في مختلف أحياء بيروت.
واختتم شربشي كلمته بالتأكيد على أن في بيروت حراساً لا يتركون مدينتهم وحدها، وأن القواتيين في بيروت سيبقون مع الناس أحرارًا سياديين لتبقى بيروت حرة سيادية لبنانية.
بيضا
وأكد منسّق بيروت الثانية ميشال بيضا من ناحيته على إيمانه العميق بأن لبنان لن يموت طالما هناك شعب ملتزم بقضيته وهويته. في بداية كلمته، أشاد بيضا بتجمع الناس للاحتفاء بتاريخ نعتز به، وحاضر نحرص على الحفاظ عليه، ومستقبل نطمح لبنائه بما يتناسب مع هويتنا ويليق بأولادنا.
وشدد بيضا على أن “القوات اللبنانية” ليست مجرد شاهد على تاريخ لبنان، بل هي من صنّاعه. وأوضح أن الحزب يسعى اليوم أكثر من أي وقت مضى، لمدّ الجسور مع كل من يشبهه في الولاء للبنان الهوية والقضية، بهدف توحيد الصف والكلمة من دون إلغاء خصوصية أحد. واعتبر بيضا أن في خصوصية كل فرد مشهدًا من تاريخ لبنان، يجب علينا التصالح معه بدلًا من إنكاره.
وأشار بيضا إلى أن اتفاق الطائف كان خطوة مهمة في طي صفحة الحرب وبناء الدولة، وأشاد بشجاعة القوات اللبنانية في مواجهة الوصاية السورية التي كانت تعرقل قيام الدولة. وذكّر بذكرى خروج رئيس حزب “القوّات اللبنانيّة” سمير جعجع من المعتقل، بعدما أمضى ٤١١٤ يومًا في زنزانة صغيرة تحت الأرض، معتبرًا أن هذه التضحيات كانت كفيلة بكتابة تاريخ جديد للبنان.
بيضا أكد أن “القوات اللبنانية” ملتزمة بناء الدولة والتقيد بالدستور والقوانين، وأشار إلى أن تجارب وزراء الحزب ونوابه تعكس هذا الالتزام. وأوضح أن هناك اختلافًا في الأساليب بين الأطراف، لكن الهدف الواحد وهو بناء دولة قوية، وهذا ما يجسده سمير جعجع بإيمانه وتضحياته ووفائه للبنان.
وأوضح بيضا أن الحزب مستمر في نضاله ضد الاحتلال الجديد للبنان، وضد السلاح غير الشرعي، والدويلة، وكل من يتعاون معها. وأكد أن “القوات اللبنانية” تواجه هذه التحديات بإيجابية لبناء الوطن، مشددًا على أن يد الحزب ممدودة لبناء البلد، وأنه لن يتمكن من العيش إلا بسواعد أبنائه الحقيقيين، أصحاب القضية والحق.
وفي ختام كلمته، شكر بيضا رفاقه في مركز بيروت الثانية على تعاونهم المستمر لإنجاح الحفل، وأعرب عن امتنانه لرئيس الحزب سمير جعجع على ثقته ودعمه، مؤكداً أن “القوات اللبنانية” ستظل تقول الحق حيث لم ولن يجرؤ الآخرون على قوله، وبيروت ستبقى رمزًا لصمود لبنان وحريته.