١٣ تموز ١٩٩٦- ١٣ تموز ٢٠٢٤… تحية إلى المناضلين

١٣ تموز ١٩٩٦- ١٣ تموز ٢٠٢٤
تحية إلى المناضلين

صدر عن النائب السابق إيلي كيروز البيان التالي:
في ذكرى ١٣ تموز ١٩٩٦ أستعيد ما جرى في تلك المرحلة السوداء وذلك اليوم الأسود، في تاريخ لبنان، في عز الحملة السورية وأدواتها اللبنانية على القوات اللبنانية.

في مثل هذا التاريخ منذ ٢٨ عاماً أصدر المجلس العدلي حُكمَه في قضية تفجير كنيسة سيدة النجاة في ذوق مكايل والذي قضى بتبرئة الدكتور سميرجعجع والقوات اللبنانية.
لقد فجّر هذا الحكم في البيئة القواتية والمسيحية، موجة فرحٍ عارمةً ولم يتأخر شبابُ القوات وشاباتها عن التعبير علناً عن “فرحتهم” في كل المناطق اللبنانية.

هذه الموجة أثارت موجة مضادة لدى سلطات الإحتلال وأعوانه اللبنانيين في قيادة الجيش ومديرية المخابرات يومها. فإنقضّت وحدات من الجيش اللبناني على التجمعات القواتية الشعبية في كل المناطق، في الضبية والمنصف وبرَيج ودير الأحمر والقرى المجاورة …
في هذه الذكرى، ومن موقع معايشتي لتلك المرحلة، أردت أن أسجّل بعض النقاط التي تتعدى صدور الحكم القضائي بحدّ ذاته:

١ – في هذه الذكرى استعيد الموقف التاريخي والخاص جداً للكنيسة المارونية بقيادة البطريرك مار نصرالله بطرس صفير والتي كانت سبّاقة في إعلان حكم البراءة قبل إعلان الحكم القضائي من خلال بيان مجلس المطارنة الموارنة في ٣ تموز ١٩٩٦ الذي تلاه امين سر البطريركية المارونية الاب يوسف طوق وجاء فيه في الفقرة الخامسة : ” أمام هذا الواقع المرير، يتساءل كثير من المواطنين، وبخاصة في صفوف المسيحيين الذين ينتظرون بقلق كبير الثالث عشر من هذا الشهر، موعد صدور الحكم في قضية تفجير كنيسة سيدة النجاة في ذوق مكايل، ما إذا كانت العدالة في لبنان ستكون للجميع وستبقى ملاذ المغلوبين على أمرهم في المجال السياسي فتبرئهم مما ينسب إليهم زورا لأغراض معروفة، على ما رسخ في ذهن الرأي العام اللبناني، أم ستحكم عليهم فتحكم على ذاتها ويسقط بسقوطها وطن يجب أن تكون العدالة فيه كما في سواه، أساس الملك ليبقى منيع الجانب، لا سلطان على قضاته إلا سلطانا” والضمير والقانون، بعيدا عن تهويلات ووساطات وشفاعات؟
وفي السياق ذاته لابد من استعادة الرسالة الخطية التي وجهها البطريرك صفير الى رئيس الجمهورية الياس الهرواي لتوضيح رأيه في مسألة تفجير الكنيسة واتهام سمير جعجع بها( في ٢٥ حزيران ١٩٩٦ )
لقد اراد البطريرك كما يقول ان يفضي الى الرئيس بما يساوره من مشاعر قلق حول مصير “ولدنا” الدكتور سمير جعجع … وقد تابع الرأي العام اللبناني، وبخاصة المسيحي، مراحل المحاكمة بشأن الكنيسة … ما ولد لدى الرأي العام اللبناني، وبخاصة المسيحي، شعورا، لا بل يقينا، ان هذه المحاكمة سياسية اكثر منها قضائية .

٢- قُبيل تفجير كنيسة سيدة النجاة تأكّد وجود مخطط لتفجير الكنائس بهدف منع زيارة البابا إلى لبنان بعد الإتفاق الأساسي بين الكرسي الرسولي ودولة إسرائيل والذي أثار ردوداً عنيفة عبّرت عنها بعض التيارات الإسلامية المتطرفة.

٣- من ناحيته أصدر حزب الله بياناً في اوائل كانون الثاني ١٩٩٤ وقبل جريمة تفجير الكنيسة هاجم فيه إتفاق تبادل العلاقات كما إستنكر “هذه الخطيئة التاريخية التي تُرتكب ضد المسيح والانسانية جمعاء”

٤- لم تنجح مديرية المخابرات في الجيش اللبناني يومها ، رغم كل الضغوطات في دفع أي شخصٍ من المتضررين من تفجير الكنيسة، إلى تقديم دعوى ضد القوات اللبنانية أو ضد سمير جعجع .

٥- ولقد قيض لي أن أكون في بشري وبلدات الجبة شاهدَ عيانٍ على وحشية بعض وحدات الجيش اللبناني من الفوج المجوقل بقيادة أحد الضباط المسيحيين الذي لم يجرؤ حتى اليوم على تقديم إعتذاره للأهالي .
وبالعودة إلى تلك الأيام لم يوفّر هذا الفوج وسيلةً عنيفةً إلّا وإستعملها للإقتصاص من المواطنين في بشري وجبة بشري، فإعتمد نظرية الأرض المحروقة: جنود بالمئات – حصار كامل من ١٣ تموز إلى ٢٥ تموز – إجتياح منهجي – دحر وحشي – إطلاق نار داخل كنيسة السيدة – إقتحام البيوت وإنتهاكات مشهودة. وقد تعرّض الفوج بالضرب للصحافي والأستاذ والموظف الرسمي والكاهن والمُسعف والطفل والمرأة الحامل.

٦- في هذه الذكرى أستعيد كل الرفاق وكل الوجوه ، الحاضرين والراحلين الذين ضحّوا وأُهينوا وضُربوا وأُعتقلوا كما استذكر الوقفة الشجاعة لمعوض منصور طوق وزوجته ناديا وأستعيد روح الأستاذ انطوان مالك طوق الذي قدّم مساهمةً كبيرةً في توثيق هذه الإنتهاكات التي إرتُكبت في بشري بعد صدور حكم البراءة.

٧- ويبقى ان القوات اللبنانية التي كانت في حينه تتعرض للملاحقة والتنكيل والاعتقال وصولاً الى محاولة شطبها من المعادلة السياسية ، هي اليوم في قلب المواجهة وتشكل مع القوى والاحزاب والشخصيات السيادية قوة مانعة في وجه حزب الله وفريق الممانعة الذي ادمن سياسة التعطيل والهيمنة واستجرار الحروب والمآسي.