خاص – المركزية
كما في السياسة كذلك في الحياة الروحية. من الهيمنة ومحاولة تغيير الهوية الثقافية في لبنان إنطلاقا مما ورد على لسان النائب محمد رعد الذي انتقد فيه حياة السهر وموسم البحر في لبنان وصولا إلى التعطيل كما حصل يوم أمس في بكركي حيث قاطع نائب رئيس “المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى” الشيخ علي الخطيب اللقاء الذي دعا إليه البطريرك مار بشارة بطرس الراعي على شرف أمين سر دولة الفاتيكان الكاردينال بييترو بارولين وحضره رؤساء الطوائف المسيحية والإسلامية ورؤساء الكتل السياسية وممثلين عنهم .
مشهدية تؤكد أن الضوء الأخضر لانطلاق الخطة “ب” من تطبيق نظام الجمهورية الإسلامية في لبنان بدأ وهنا يفترض على المعارضة السياسية ورؤساء الطوائف كافة وعلى رأسها بكركي والناشطين الشيعة في المجتمع المدني اتخاذ الموقف الحاسم الذي يحافظ على صيغة لبنان وهويته الثقافية.
البارز في المقاطعة الشيعية لقاء بكركي أنه يكشف العزلة التي تعيش فيها بيئة حزب الله ومرجعيات الطائفة الشيعية التي يهيمن عليها، إذ كان يمكن للشيخ الخطيب أن يحضر اللقاء ويعبّر عن رأيه أمام البطريرك الراعي ويستفسر منه عن المقصود في عظته الأحد الماضي. لكن يبدو أن الحزب أراد أن يثبت أمام بيئته أنه يتصرف من موقع القوة ويضرب باتفاق الطائف المُوقّع من جميع القوى اللبنانية والذي لا يمكن تعديله الا بالاتفاق وليس بالسلاح.
النائب بلال الحشيمي يشير عبر “المركزية” الى أن الثنائي الشيعي “تسلم زمام الأمور في البلد. فهو يملك قرار الحرب والسلم وملف انتخاب رئيس الجمهورية وبالتالي لا يحق لأحد تهميش الطائفة. إلا أن الواقع يثبت أن الطائفة مُهمشة من قبل الحزب وكان يمكن أن يحضر الشيخ الخطيب بدل أن يقاطع ويصوب الجيش الإلكتروني التابع لحزب الله على بكركي. لكن حزب الله أراد أن يوصل رسالة مفادها أننا موجودون ولا أحد قادر على تهميشنا”.
الحرب الكلامية ورفع سقف الكلام على اقطاب روحيين مرفوض من قبل الحشيمي ويذكّر في السياق بالسقف العالي لكلام المفتي عبد الأمير قبلان الذي يوجهه من حين لآخر إلى البطريرك الراعي، فهل هذا الأمر مباح لفئة دون أخرى؟ علما أنه لا يجب التعاطي بها خصوصا في هذه المرحلة الصعبة جدا والتي نحتاج فيها إلى التكاتف والتأكيد أمام ممثل دولة الفاتيكان أننا وطن الرسالة والتعايش”.
مثمِّناً موقف الراعي بعدم سحب مشاركة المونسنيور عبدو أبو كسم كممثل عنه في حفل إطلاق كتاب “الغدير والإمامة” في مقر المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى بالتزامن مع مقاطعة الخطيب لقاء بكركي يختم الحشيمي” لقد أثبت الراعي أنه يحرص على أن تبقى الأمور ضمن أطر التعاون والحفاظ على مفهوم التعايش لأن أي خلل يمكن أن ينعكس سلبا على أرض الواقع. أما كلام المونسنيور أبو كسم فيدل على المسؤولية”.
من الجائز التكلم عن الطائفة الشيعية ضمن سلة واحدة وهذا الكلام مرفوض خصوصا في أوساط الناشطين الشيعة في المجتمع المدني ومن هنا ينطلق كبير الباحثين في جمعية أمم للتوثيق والأبحاث عباس هدلا في توصيف ما حصل في الأمس بأنه لا يعبر عن الطائفة الشيعية ككل، خصوصا بعدما فقد المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى المؤلف من هيئتين شرعية وتنفيذية دوره كمؤسسة دينية شيعية لرعاية شؤون الطائفة والمطالبة بحقوقها. ويعود إلى مرحلة ترؤس كل من الإمام موسى الصدر ومحمد مهدي شمس الدين للمجلس “يومها كان يشكل الإطار الموحد والجامع للحوار والتلاقي وكانت تعقد فيه اجتماعات ولقاءات وطنية على رغم اختلاف المواقف السياسية. أما اليوم فقد تحول المجلس إلى منصة لتوجيه الرسائل والمواقف السياسية بعدما أنهت القوى المهيمنة عليه دوره الديمقراطي من خلال إما التمديد أو التجديد لرئاسة المجلس منذ العام 1994 وحولته من مؤسسة فاعلة إلى منصة للرسائل السياسية. وقد ساهم هذا الإختلال إلى إنهاء الرؤية الأساسية. من هنا لم يكن مستغربا عدم حضور الشيخ الخطيب لقاء الأمس في بكركي”.
ما حصل في الأمس لا يعدو كونه أمرا غير طبيعي بالنسبة إلى الطائفة الشيعية المسلوبة الإرادة “لكن المفاجأة ألا يكون هناك موقف من صاحب الدعوة يسأل فيه عن الأسباب التي أوصلت الوضع مع الشركاء في الوطن إلى هذه الحالة ولماذا النظرة الفوقية من قبل طائفة عليها أن تتشارك مع الآخرين في بناء الوطن؟. فمقاطعة لقاء وطني عام على خلفية توصيف غير مباشر لمجموعة تمارس ما تمارسه على الساحة اللبنانية هو من باب الغطرسة ورفض الواقع أو التوجيه السلبي أو من باب فرض شروط على كلام الآخرين، في حين أن دور المؤسسة الدينية يقوم على الحوار، لكن يبدو أن القيمين عليها وصلوا إلى درجة الغطرسة والشعور بالقوة والتعطيل والفرض بالهيمنة. فهل وصل الأمر إلى التعطيل في الحياة الروحية بعد السياسية؟ وهل باتت القمة الروحية المفترض أن تقوم على الحوار والتلاقي منصة للرسائل السياسية التي تعبر عن الطائفة المهيمنة وعملية تعطيل وفرض شروط وأدبيات على خطاب يفرض التعطيل على اللقاءات الروحية؟
إنطلاقا مما حصل يوم أمس والمرجح أن يتكرر مع تفاقم شعور الهيمنة والفوقية لدى حزب الله المهيمن على قرار المجلس “بات من الواجب على من أعطي مجد لبنان له تجاوز فكرة المجموعة الطائفية والذهاب إلى منطق حقوق الوطن ليسلم الوطن ويبقى لبنان وطن الرسالة كما قال عنه البابا القديس يوحنا بولس الثاني”يختم هدلا
خاص – المركزية