يوماً بعد يوم تثبت التطورات اللبنانية أن وليد جنبلاط، هو الأكثر قراءة والأكثر توازناً واستيعاباً للأزمة، والأكثر ثقافة وتبصّراً بين السياسيين، ومن هذا المنطلق عبّر عن كل الصامتين اللبنانيين عندما أثنى على دور قبرص في استقبال كل اللبنانيين على أراضيها وهناك “نخاف من الإختناق لشدة العناق” بين خليط اللبنانيين الوافدين اليها لاجئين وسياحاً من كل المناطق، كما قال يوماً الرئيس صائب سلام عن عناق اللبنانيين بعد فتح المعابر.وليد جنبلاط كان ناطقاً باسم الجميع دروزاً ومسيحيين وسنّة و 80 في المئة من الشيعة وبالإذن من المطبّلين من كل الطوائف الذين يقبضون على الخطاب! أما السيد حسن نصرالله فنقول له بمحبة “اتركلنا صاحب”، ونسأله ماذا عن تركيا واليونان والحلف الأطلسي وغيرها بعد قبرص؟في المقابل يبدو أن الموفد الأميركي عاموس هوكشتاين الذي يسرح ويمرح من الضاحية إلى عين التينة إلى بعلبك، علماً أن ثمة من يقول أنه اسرائيلي الأصل، غادر لبنان مع ابتسامته المعهودة إذ هو “مش خسران شي ومرتاح على وضعه بين مساحة”لبنان الممانعة” ومشتقاته، ولبنان الذي يدعي المناداة بالسيادة”، كما غادره الموفد الفرنسي والمبعوث الخاص للرئيس إيمانويل ماكرون جان إيف لودريان، ماكرون الرئيس الأسوأ منذ قيام الجمهورية الفرنسية مع شارل ديغول، وهي جمهورية حضنت لبنان حتى عهد الرئيس الإشتراكي فرنسوا ميتران الذي كان ديغول الثاني ، لو دريان “كل التعزية”، محبط لأن “معلمه” خسر الإنتخابات. إذ لم تعد فائدة من العودة إلى لبنان، وإذا عاد فلرفع العتب.رحم الله أمنا الحنون فلبنان اليوم بات يتيماً .كلهم يريدون قتل البلد النموذج ومنهم ذلك الرئيس إبن “أمنا الحنون”.وحدهم البابا فرنسيس وكل بابا، يعرفون أهمية لبنان، ذلك “الوطن الرسالة” كما سماه البابا القديس يوحنا بولس الثاني(1997)، وقد تبنى البابا فرنسيس هذا الشعار واليوم يوفد الكاردينال بييترو بارولين أمين سر الدولة ــ ولوقاطعه المجلس الشيعي ــ ليقول للبنانيين والمسيحيين أن لستم وحدكم، فالمسيحيون في لبنان هم عصارة مسيحيي الشرق وما تبقى منهم بعد ممارسات أنظمة جمال باشا وجمال عبد الناصروياسر عرفات ومعمّر وبشار وصولاً إلى أردوغان وخامنئي. كل هؤلاء أعداء الصيغة، وكلهم مرّوا وسيمرّون من نهر الكلب.ولبنان في نظر الفاتيكان هو موئل ما تبقى من المسيحيين في الشرق درة الثقافة والعلم والحضارة والنهضة والتعدد، ويجب المحافظة عليه وفق مصدر فاتيكاني بارز صديق . ونقول لبعض الذين يحللون زيارة بارولين أن “لا سياسة فيها ولا مبادرات”ّ، أن للفاتيكان مبادرة دائمة لا تخبو تجاه لبنان البلد النوذج الذي يحتضن 17 طائفة . وفي أي حال شفنا الموفد الأميركي عاموس هوكشتاين يحذّر من حرب في لبنان، وحمل معه قرار “المقاومة الإسلامية” (يعني “حزب الله”) أنه لن يوقف عملياته قبل وقف إطلاق النار في غزة. في وقت يبدو أن ثمة مَن يعتقد أن اسرائيل ستوقف الحرب، وهو غباء لا يدرك أصحابه ومنهم مسؤولون “عنتريون”، أن المطامع الإسرائيلية لا ترضى بأقل من إنسحاب 8 كيلومترات عن الحدود وفق القرار 1701 وهي مسافة بدأ تنفيذها نظرياً، وإلا كل بضع سنوات حرب. وختاماً ثمة دولتان عربيتان بلا أنياب هما لبنان المصادر قراره من ميليشيا مسلحة غير تابعة له، وسوريا “الأسد الصغير” الذي لا حول له ولا قوة على رد “الكف وراء الكف”، وينادي بـ”المقاومة” من بعيد.رحم الله الإعلامي المصري”الجعاري الفاشل” أحمد سعيد في عهد عبد الناصر إذ أن الرحمة تجوز على الجميع.كم من أحمد سعيد ومحمد سعيد الصحاف في هذا “الوطن العربي” البائس وكم من مليون عميل يتنافسون على كسب مودة “الإستعمار”.سقى الله أياماً كان فيها الرجال رجالاً لا أشباه رجال ، لا كما الموبوئين عندنا من كل الطوائف وهم أكثر من أن يُحصوا.
حبيب شلوق