على وقع السخونة التي لا تزال تتحكّم بالمشهد على الجبهة الشمالية مع استمرار عمليات حزب الله النوعية و«رسائله الحساسة»، شهدت الكواليس السياسية بين واشنطن وتل أبيب حراكاً خفياً عن الإعلام. ورغم حملة التهويل على لبنان، بدا أن طبول الحرب لا تُقرع في واشنطن التي شدّدت على أن الحل في غزة هو مقدّمة لحل على الجبهة الشمالية. فأكدت الخارجية الأميركية في بيان أن استمرار العمل العسكري في غزة يضعف إسرائيل ويصعّب التوصل إلى حل في الشمال، وأعلنت وزارة الدفاع الأميركية أن «جهودنا تنصبّ على التوصل إلى حل دبلوماسي للتوترات على الحدود الإسرائيلية – اللبنانية»، و«نركز على الحيلولة دون توسّع الصراع في المنطقة». وفيما ذكرت إذاعة الجيش الإسرائيلي أن وزير الدفاع الإسرائيلي يوآف غالانت أكّد للمبعوث الأميركي إلى لبنان عاموس هوكشتين أن «إسرائيل مستعدة للاحتمالات العسكرية والسياسية في المرحلة الثالثة من الحرب»، قال مسؤول أميركي إن وزير الدفاع لويد أوستن سيحث نظيره الإسرائيلي على تلافي التصعيد مع لبنان والتوصل إلى حل دبلوماسي، مشيراً إلى أنه لا تغيير حتى الآن في موقف واشنطن الخاص بتجميد شحنة القذائف الشديدة الانفجار لإسرائيل.بدوره، وضع السفير الأميركي لدى إسرائيل جاكوب ليو، التهدئة في غزة شرطاً أساسياً للتهدئة مع لبنان عندما اعتبر أن «حل التوترات مع حزب الله أقرب مما يُعتقد، لكن التهدئة في غزة ضرورية لكي يحدث ذلك».
واحتل الحديث عن «التوترات مع لبنان» حيّزاً واسعاً من الحراك الدبلوماسي الدولي. فأعلنت وزيرة الخارجية الألمانية أنالينا بيربوك أنها ستتوجه إلى لبنان، مشيرة إلى أن «الوضع على الحدود مع إسرائيل أكثر من مقلق».
وحثّ مستشار نائبة الرئيس الأميركي للأمن القومي فيليب غوردون رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو على قبول الصفقة التي أعلن عنها الرئيس جو بايدن، معتبراً أن رفضها سيؤدي إلى صراع بلا نهاية يستنزف موارد إسرائيل ويزيد عزلتها دولياً. وفيما بدا التناقض واضحاً بين حثّ المستشار الأميركي نتنياهو على قبول الصفقة التي روّج لها بايدن على أساس أنها مقترح إسرائيلي في الأصل، وربط مسؤولين أميركيين قبولها بوقف التصعيد على الحدود اللبنانية مع فلسطين المحتلة، نقل موقع «أكسيوس» عن مسؤولين إسرائيليين وأميركيين قولهم إن تصريحات نتنياهو التي أدلى بها الأحد بشأن صفقة جزئية، كانت صادمة لمسؤولي إدارة بايدن وبعثت رسالة لحماس بأن إسرائيل لا تنوي تنفيذ كل الاتفاق.
في الأثناء، قالت وزارة الخارجية الأميركية في بيان أمس الإثنين، إن الوزير أنتوني بلينكن سيؤكد خلال لقائه مع وزير الدفاع الإسرائيلي على أهمية عمل إسرائيل على تطوير خطط واقعية لليوم التالي، إذ إن غياب خطة لليوم التالي يعني إما احتلال إسرائيل لغزة أو الفوضى في القطاع.
ودخلت الانتخابات الرئاسية الأميركية على الخط، إذ تحدّث ديفيد فريدمان، الذي كان سفير الولايات المتحدة لدى إسرائيل في عهد الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب، عن الفرق الأساسي بين إدارتي ترامب وبايدن في ما يتعلق بإسرائيل وحزب الله وإيران. فقال إن ترامب في هذه الحالة «سيبعث برسالة إلى حزب الله وإيران مفادها أنه إذا اندلعت حرب مع إسرائيل فإن إيران ستفلس وستكون إسرائيل مسلّحة بالكامل دون أي قيود على دفاعها». أما بايدن، بحسب فريدمان «فسيبعث برسائل إلى إسرائيل مفادها أنه إذا اندلعت حرب مع حزب الله وإيران، فلا ينبغي لإسرائيل أن تتوقع ذلك النوع من الدعم الأميركي الذي تلقاه عندما أطلقت إيران صواريخ ضد إسرائيل قبل بضعة أشهر».
ميدانياً، استهدف حزب الله، أمس، تجمعاً لجنود العدو بين مستعمرتي المنارة ومرغليوت وانتشاراً لهم في محيط موقع السماقة في تلال كفرشوبا اللبنانية المحتلة. ورداً على اعتداءات العدو الإسرائيلي على القرى الجنوبية في بليدا ومارون الرأس وعيترون استهدف الحزب مبنًى يستخدمه جنود العدو في مستعمرة يرؤون، «ما أدّى إلى اشتعال النيران فيه ووقوع مَن في داخله بين قتيل وجريح». كما استهدف مبنًى يستخدمه جنود العدو في مستعمرة المنارة رداً على اعتداءات العدو الإسرائيلي على بليدا ومارون الرأس وعيترون.
(الأخبار)