على رغم ان الجزم باي احتمال في شأن اقتراب خطر اندلاع حرب كبيرة بين إسرائيل و”حزب الله” لا يزال محفوفا بهامش واسع من التسرع الاستباقي للتطورات فان المؤشرات المثيرة لتعاظم القلق من هذا الاحتمال اتسمت بوتيرة سريعة وكثيفة لا يمكن تجاهلها . ولعل ما يعزز الانطباعات عن اتساع حال القلق داخليا وخارجيا في شأن الانفجار المحتمل لحرب واسعة المعطيات التي تتخوف من ان تكون كثافة اللقاءات والمحادثات التي تجريها وفود ومسؤولون إسرائيليون يتوافدون تباعا الى واشنطن بمثابة مقدمات لما تنوي إسرائيل القيام به في استعداداتها لشن عملية كبيرة على لبنان باتت الشغل الشاغل وأولوية لا تتقدمها أي أولوية أخرى في الإعلام العالمي.
كما ان الداخل اللبناني بدأ يشهد مؤشرات تعكس تصاعد المخاوف من حرب كبيرة محتملة ومن ابرز التحركات الاستثنائية التي ترددت معلومات امس انها ستحصل لقاءً ظهر الثلاثاء المقبل في الصرح البطريركي في بكركي يضمّ رؤساء الطوائف المسيحيّة والإسلاميّة، بدعوة من البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي، للبحث في الاوضاع العامة في البلاد لاسيما التطورات في الجنوب والاستحقاق الرئاسي ويتبع اللقاء غداء الى مائدة الصرح البطريركي.
ويأتي ذلك فيما يصل أمين سر دولة الفاتيكان الكاردينال بيترو بارولين إلى بيروت بعد ظهر اليوم الاحد ويغادر صباح الخميس المقبل، ملبيا دعوة من جمعية فرسان مالطا. وسيلتقي بارولين رئيسي مجلس النواب نبيه بري وحكومة تصريف الاعمال نجيب ميقاتي. وفي اجندته ايضا لقاء في بكركي مع البطريرك الراعي ورؤساء الطوائف المسيحية ، وقد يشارك المطارنة في اللقاء.
وفي المواقف البارزة المتصلة بتطورات الجنوب حذر امس رئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع في حديث صحافي من أن «حزب الله»، ومن خلفه إيران، يأخذان لبنان إلى أماكن خطرة، لافتاً إلى أن السلطة اللبنانية، التي هي بمثابة الأم والأب، تخلت عن لبنان وتركته فريسة السياسات الخطرة لإيران في المنطقة. واتهم جعجع “محور الممانعة” بتعطيل انتخابات الرئاسة الشاغرة منذ نحو سنتين؛ “لأن أولوياتهم في مكان آخر”، كاشفاً عن اتصالات جادة تجريها “القوات” مع نحو 25 نائباً يشكلون قوة تستطيع ترجيح الكفة في داخل البرلمان؛ لإقناعهم باتخاذ موقف واضح من الانتخابات، معبراً عن «إيجابية بطيئة نسبتها نحو 30 في المائة”.
وفيما توقع جعجع أن “يذهب الوضع في جنوب البلاد حيث المواجهات بين “حزب الله” وإسرائيل، إلى مزيد من التفجر، وأن نكون على أبواب تصعيد أكبر من التصعيد الذي نراه راهناً”، اسف” لغياب الحكومة عما يجري من التصعيد والتحركات، ومن الرسائل الديبلوماسية والرسائل السياسية وغيرها، كأنه لا يوجد أي حكومة في لبنان، وبالتالي عندما يكون أبوك وأمك؛ أي حكومتك الشرعية، غائبَين هذا يعني أنه ممكن أن يتم أخذك إلى أي مكان، وللأسف هناك من يأخذ لبنان إلى المجهول”.
اما المؤشر الأبرز في شأن ما يحدثه التصعيد على الجبهة اللبنانية الإسرائيلية من ترددات استراتيجية في المنطقة فظهر مع اعلان مسؤول دفاعي في المكتب الإعلامي في عمليات سلاح البحرية في البنتاغون، من إن حاملة الطائرات “يو إس إس دوايت دي أيزنهاور”ستغادر البحر الأحمر وتتوجه إلى شرق البحر الأبيض المتوسط، في مهمة تقضي بدعم أي عمليات عسكرية قد تفرضها التطورات بين لبنان وإسرائيل. ويأتي هذا القرار ضمن التحركات الاستراتيجية للقوات الأميركية في المنطقة، حيث يرتقب أن تحل محلها الحاملة “روزفلت”، وفقا لموقع معهد البحرية الأميركية. وذكر موقع قناة “سي ان أن” الاميركية ان مسؤولين أميركيين أكدوا لوفد من كبار المسؤولين الإسرائيليين الذين زاروا واشنطن هذا الأسبوع بأنه إذا اندلعت حرب شاملة بين إسرائيل و”حزب الله” فإن إدارة الرئيس جو بايدن مستعدة تماما لدعم اسرائيل وذلك وفقا لما قاله مسؤول أميركي رفيع المستوى شارك في تلك الاجتماعات.
وفي المؤشرات الى قلق خارجي من تدهور الامور أعلنت امس الخطوط الجوية الكويتية، زيادة أحجام طائراتها المتجهة إلى بيروت، لزيادة السعة الاستيعابية للركاب الراغبين بالعودة إلى الكويت. وقالت الخطوط في بيان لها نشرته عبر حسابها على منصة “إكس” أن إجراءاتها تأتي بالتنسيق مع وزارة الخارجية في ظل الظروف الراهنة التي تمر بها المنطقة. وفي وقت سابق دعت وزارة الخارجية الكويتية، مواطنيها الى “العدول عن التوجه إلى لبنان في الوقت الحالي وذلك نظرا للتطورات الأمنية المتعاقبة التي تمر بها المنطقة”. ودعت الوزارة من تتعذر عليه المغادرة للتواصل مع سفارتها بـ”شكل فوري” .
من جانبها، أكدت مصادر ديبلوماسية أن دعوة السفارة الكندية لمواطنيها بوجوب مغادرة لبنان، هو طلب منشور على موقع السفارة منذ تاريخ ٧ تشرين الأول وليس جديداً، إضافة إلى أنه إجراء روتيني تحذيريّ يترافق مع الأحداث الأمنية في البلد فقط لا غير.
وفي السياق اوضح وزير الإعلام في حكومة تصريف الأعمال زياد المكاري أن مواقع إلكترونية تبثّ أخبارا لا أساس لها من الصحة، زاعمة ان دولا أوروبية وغربية منها ألمانيا والنمسا وبلجيكا وهولندا وفرنسا وبريطانيا وإيطاليا وإسبانيا تسحب سفراءها من لبنان. واشار الى “أن هذا النمط من الاخبار الكاذبة يندرج في إطار الحرب النفسية التي غالبا ما يلجأ اليها العدو الاسرائيلي ويغذّيها بمختلف الوسائل”.
على الصعيد الميداني عاودت إسرائيل عمليات الاغتيالات التي طاولت امس في البقاع الغربي مسؤولا في الجماعة الإسلامية . فقد استهدفت مسيرة اسرائيلية سيارة رباعية الدفع عند مفترق الخيارة في البقاع الغربي واعلن الجيش الإسرائيلي “اننا استهدفنا القيادي في الجماعة الإسلامية وحماس في لبنان أيمن غطمة الذي كان مسؤولاً في مجال إمداد السلاح لحركة “حماس”. وقالت وسائل إعلام إسرائيلية: الجيش الإسرائيلي نفّذ محاولتي اغتيال في لبنان وغزّة في الوقت نفسه لكنه ينتظر التأكد من النتيجة. وقد لفتت القناة الإسرائيلية الـ 12 الى ان هدف عملية الاغتيال في غزة هو القيادي في حركة حماس رائد سعد الذي قتل. ونعت “الجماعة الإسلامية” في لبنان ايمن هاشم غطمة ومرافقه .
(النهار)