نعى خبير النفط الدكتور ربيع ياغي ملف الاستكشاف والتنقيب عن النفط والغاز في المياه اللبنانية، كاشفاً عن اتفاق ضمني بين مجموعة “توتال إنرجي” وإسرائيل يقضي بتلكؤ الأولى في تطبيق الاتفاق الموقَّع مع لبنان، إلى حين انتهاء إسرائيل من تطوير حقولها النفطية ولا سيما حقل “كاريش”.
لكنه يشير في السياق إلى السبب الأمني الخطير الذي يحول دون استكمال عملية الاستكشاف جنوباً، ويقول لـ”المركزية”: أصبح واضحاً للجميع أن أي شركة نفط عالمية ليست مستعدة للمخاطرة في القيام بعمليات استكشاف أو تنقيب أو أي نشاط بترولي في البحر أو البرّ في أي بلد يخضع لضغط أزمات أمنية كالتي يشهدها لبنان في الجنوب والتي تدخل في توصيف “الحرب غير المعلَنة”… كما أنها لا ترغب في تعريض حياة موظفيها وعمالها للخطر إن عند القيام بالمهام الموكَلة إليهم أو خلال إقامتهم في الفنادق أو غيرها في ظل تطورات أمنية خطيرة كما هي عليه اليوم.
من هنا، يعتبر ياغي أن “التنقيب عن الغاز والنفط في المياه اللبنانية مُفَرمَل حالياً إلى حين انتهاء الضربات العسكرية في شمال إسرائيل وجنوب لبنان، وبالتالي كل هذه العمليات مؤجَّلة حتى إشعارٍ آخر”، من دون أن يغفل الإشارة في المقلب الآخر، إلى أن “توتال إنرجي” هي الشركة الوحيدة التي تملك عقداً أو امتيازاً نفطياً للاستكشاف والتنقيب عن النفط في لبنان في البلوكَين 4 و9، وحاولت حجز البلوك 8 و10 جنوباً”.
ويذكّر بما ردّده منذ العام 2019 إلى اليوم، بأن شركة “توتال” وقّعت “اتفاقاً ضمنياً غير معلن مع إسرائيل، لكنه ليس سرّياً، ويتضمّن تلكؤ شركة “توتال” في تطبيق عقد الاستكشاف في المياه اللبنانية إلى حين انتهاء إسرائيل من عمليات التطوير في حقولها البحرية وتحديداً في حقل “كاريش”… و”بعدها لكل حادث حديث”.
ويتابع: إذاً إن “توتال” متواطئة مع إسرائيل وقد خدمت مصالح الأخيرة من خلال الاتفاق الذي وقّعته مع لبنان كونها، أي “توتال”، العارض الوحيد في الكونسورتيوم الذي تترأسه ويضمّ “إيني” و”قطر للطاقة” بدل “نوفاتيك” الروسية. من هنا نلاحظ أن “مجموعة “توتال إنرجي” تفتقد إلى الجديّة في التعاطي مع ملف النفط في لبنان، إلا حين تأخذ “الضوء الأخضر” من إسرائيل… لذلك وَجُب توضيح الأسباب التي تدفع “توتال” إلى عدم العمل لمصلحة لبنان… وحتى ليس لمصلحتها ربما! فهي خضعت للضغوط الإسرائيلية منذ العام 2018 حيث “قلبت رأساً على عقب” شروط العمليات التي كان متفَّق عليها شفهياً مع هيئة إدارة قطاع النفط في لبنان… للأسف”.
ويرى أن “الوضع القائم وما قد يستجدّ، لن يأتي بنتيجة طالما هناك حالة الحرب غير المعلَنة من جهة، وإمساك إسرائيل بقرار إعطاء الإذن للشركات الأجنبية بالعمل في لبنان أو قبرص من جهةٍ أخرى، كون لديها اليد الطولى في هذا الموضوع”.
أما النقطة الأساس، فتكمن بحسب ياغي، في “استدراج العروض لاستقطاب شركات نفط جديدة! ونسأل هنا أي شركة ستأتي للاستثمار في لبنان في ظل هذه الأوضاع الأمنية المُقلقة!؟ وأي شركة عالمية مستعدة للاستثمار بعشرات أو مئات ملايين الدولارات في بلد وضعه الأمني متفلّت، إداراته العامة مهترئة، ولا يملك المعطيات التي تستقطب الاستثمارات الأجنبية مهما تساهل في شروط الاستثمار!؟
ويستخلص القول: الملف النفطي معلّق حالياً… عمليات التنقيب عن الغاز والنفط في المياه اللبنانية مجمَّدة في الوقت الراهن إلى أجلٍ غير مسمّى في انتظار تحسّن الظروف الأمنية والإدارية في لبنان، إذ في نهاية المطاف، يتطلب الملف النفطي وجود إدارة ثابتة، وزير نفط أصيل، وحكومة صاحبة قرار وليس تصريف أعمال كما هو الواقع اليوم الذي يُرثى له…
…”المسألة طويلة” يختم ياغي، “قد يكون ذلك لصالح لبنان لأن التعاطي مع الملف النفطي منذ العام 2002 حتى اليوم دونه جهل تام ويفتقد إلى الجديّة المطلوبة… فيما البلدان المجاورة بدأت بالإنتاج التجاري كإسرائيل وقبرص ومصر، ولبنان لم يُنهِ بعد عمليات الاستكشاف. ربما سيتلقف الجيل الجديد هذا الملف في المستقبل، وهو يتمتّع بالوعي والمسؤولية للتعاطي مع هذا الموضوع بشكل تِقَني عِلمي حِرَفي، وليس بشكل “بزاري” وعلى طريقة “سوق عكاظ” كما هو اليوم… للأسف!”