في جلسته الأخيرة يوم الجمعة الفائت أعطى مجلس الوزراء الضوء الأخضر لجهاز الأمن العام للمباشرة بتطبيق الخطة B في معالجة موضوع النزوح السوري بدءاً من عملية تسجيل النازحين بعدما انقضت المهلة التي أعطاها الأمن العام لمنظمة الـUNHCR من أجل تسليم الداتا المنقوصة، وصرفت له الأموال اللازمة للبدء فوراً بإعداد التجهيزات وتحضير الخطة التي على أساسها سيبدأ فرز النازحين السوريين.
مصدر رفيع في الأمن العام يكشف لموقع “لبنان الكبير” أن المديرية أعدت خطة عملية محكمة، أصبحت قيد التنفيذ بعد موافقة مجلس الوزراء عليها، وقد تم صرف مبلغ ٥٠ مليار ليرة لها، أي ما يعادل نصف مليون دولار، لإطلاق أوسع عملية مسح شاملة لوجود السوريين وتسجيلهم وفرزهم بين شرعي وغير شرعي، وتجميع الداتا، وفق طلب رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي ووزير داخليته بسام مولوي، ولكن هل تنجح هذه الخطة مع وجود كل هذه التعقيدات والفوضى التي تعتري الملف؟
يقول المصدر: “سنبدأ بعد عطلة العيد بتحضير المراكز، وشراء التجهيزات من أدوات كمبيوتر وsoftware و data centerو… ثم تبدأ عملية المسح على الأرض في المناطق كافة وبمؤازرة الجميع، سنطلب المساعدة من بعض البلديات في الأماكن المكتظة أو ذات الحساسية العالية، كما سنطلب المساعدة من الجمعيات الأهلية وطلاب الجامعات، والأجهزة الأمنية ستؤازر بعضها البعض من أمن عام وقوى أمن ومخابرات وجيش وضابطة عدلية وأمن الدولة بالتعاون مع وزارة العمل. وقد أبلغنا مفوضية اللاجئين عزمنا القيام بهذا العمل خصوصاً أن لبنان وقع عام ٢٠٠٣ على مذكرة تعطينا هذا الحق (مذكرة التفاهم التي وقعتها المفوضية مع وزارة الداخلية والأمن العام في 2003، والتي تؤكد أن لبنان ليس بلد لجوء، وتنص على عدم السماح لأي شخص دخل لبنان بطريقة غير شرعية بأن يتقدم بطلب لجوء لدى المفوضية بعد شهرين على دخوله)”.
ويشير المصدر الى أن هناك ٨٥٠ ألف نازح سوري مسجل لدى الـ UNHCR، قبل العام ٢٠١٥ لن يمس بهم بالاتفاق مع المنظمة خصوصاً أن من بينهم من خرج من سوريا لأسباب سياسية وأمنية مختلفة، ويحتاج إلى حماية دولية، بانتظار أن تقوم المنظمة بتسوية أوضاعه وتأمين بلد لجوء ثالث له، اما كل من دخل بعد هذا التاريخ وتحديداً بعدما طلبت الدولة التوقف عن التسجيل واستمرت المنظمة في تدوينهم للحصول على المساعدات ضمن خطة الاستجابة، فسيتم التدقيق في أوراقهم ومسببات نزوحهم، لفصل الحالات عن بعضها، وترحيل غير الشرعيين”.
ويتوقع المصدر أن تأخذ هذه العملية بين شهرين وثلاثة لتنظيمهم، وفرزهم، ولن تعطى الإقامات إلا لمن تتوافر فيه الشروط القانونية، وسترحل كل الحالات غير القانونية ومن دخل خلسة إلى لبنان، والمهم هنا أن تستنفر كل الأجهزة المعنية لمساعدتنا وضبط الحدود بشكل جيد، فهذه مسؤولية تضامنية مشتركة بين الوزارات والمؤسسات والأجهزة المعنية. اما ترحيل المخالفين فسيتم بالتعاون مع السلطات السورية، وعلم في هذا الاطار أن زيارات غير معلنة سيقوم بها المدير العام للأمن العام بالإنابة اللواء إلياس البيسري إلى دمشق لعقد اجتماعات مع المعنيين من أجل تسهيل تنفيذ الخطة.
وكان البنك الدولي قد أعدّ تقريراً اطلع عليه مجلس الوزراء وحصل موقع “لبنان الكبير” على ملخصه بالأرقام، يظهر تأثير كلفة الحرب السورية على لبنان واقتصاده، والانعكاسات المباشرة، ما خسّر لبنان حوالي ٣٠ مليار دولار بين الـ ٢٠١١ و٢٠١٧، وقد اعترضت الحكومة على عدم تضمن التقرير كلفة النازحين، الذين استهلكوا البنى التحتية (مياه وكهرباء وصرف صحي…) والخدمات الصحية والتعليمية في لبنان، عدا عن أكلاف إقامة المخيمات العشوائية في الأراضي الحرشية والغابات ومجاري المياه، بالاضافة إلى كلفة السجون والقضاء والمحاكمات والاستهلاك في دعم الخبز والفيول، والتأثير المباشر على ميزان المدفوعات واستنزاف العملة الصعبة.
التقرير يتضمن ٢٥ صفحة مفصلة، ويخلص إلى تحديد الكلفة لعرضها على الجهات المانحة، وتم فيه احتساب كلفة النازح السوري في لبنان بحوالي الـ١٠٠٠ دولار سنوياً، توزع على مليون ونصف المليون نازح، ( ١٠٠٠× مليون ونصف المليون = مليار ونصف المليار دولار سنوياً) وقد اعترض لبنان على هذا الرقم باعتبار أن العدد الموجود لدى الأمن العام هو مليونان، يعني الكلفة هي مليارا دولار، إضافة إلى كلفة استهلاكية أخرى لم ترد في التقرير.
الدراسة علمية جداً يقول مصدر حكومي لموقع “لبنان الكبير”، أعدها اقتصادي ألماني مهم senior economist لكنه بخل قليلاً في تحديد الكلفات وإعطاء التفاصيل وأعطى مقاربات صعبة ومعقدة، وقد طلبنا منه الفصل بين كلفة الحرب وتأثيرها على اقتصاد لبنان، والكلفة المباشرة للنازح على لبنان، وقد سألنا البنك الدولي لماذا احتسبت الكلفة فقط إلى العام ٢٠١٧؟ (إذا احتسبنا الكلفة حتى العام ٢٠٢٠ يتبين أن الكلفة ستبلغ ٦٠ مليار دولار. الافادة من الدعم ترفع النفقات وتزيد العجز والدين العام…) وهذه كلها نفقات إضافية لم يحتسبها البنك الدولي. وعلى الرغم من ذلك تلقفت الحكومة بإيجابية هذا التقرير واعتبرته منطلقاً جيداً على طريق الإقرار بالكلفة الحقيقية لأثر النزوح على لبنان. وعلم أن ميقاتي سيشكل لجنة مختصة لدراسته ومياومته مع تقديرات الحكومة اللبنانية، للتوجه إلى الدول المانحة بالقول: ما تقدمونه لنا ليس كافياً، والكلفة علينا هي أكثر بكثير.
لكن كل هذه الأرقام والحسابات لن توقف قرار المسح والترحيل الذي أعطيت صفارة الانطلاق للبدء به، يؤكد المصدر، غامزاً من قناة “قبة باط” دولية للتصرف مع حوالي ٦٠٠ ألف نازح سوري في لبنان بما يتماشى مع القوانين اللبنانية.
ويعرض موقع “لبنان الكبير” الورقة التي أعدها مستشار رئيس الحكومة الاقتصادي د. سمير الضاهر حول كلفة النزوح السوري على لبنان والتي سلمها إلى فريق البنك الدولي لمراجعتها والاستناد اليها في حال تجاوب مع الحكومة لتعديل الأرقام.
ليندا مشلب ـ موقع لبنان الكبير