كل المنطقة مضبوطة على إيقاع المحاولات الرامية الى فَرض هدنة في حرب غزة، يعوّل على أن تتولّد عنها أو ترافقها تلقائيّاً هدنة غير معلنة على جبهة لبنان تفتح المجال لبلورة حل سياسي يرسّخ الأمن والاستقرار في المنطقة. ولكن على ما هو واضح، فإنّ الهدنة في مخاض صعب يَشي بأنّ المسار المؤدي اليها تشوبه تعقيدات تُبقيها في دائرة الاحتمالات السلبية حتى يثبت العكس.
وفي انتظار ما ستؤول اليه هذه المحاولات – التي تُجمع التقديرات على انّ نتائجها الملموسة ستتبلور خلال ايام قليلة، أكان نحو الاتفاق على هدنة مؤقتة تشكل مرتكزاً لوقف اطلاق النار او نحو مزيد من التصعيد – يبقى حبس الانفاس هو السائد على الجبهة الجنوبية، مع الرفع المُتتالي لوتيرة المواجهات والتهديدات في آنٍ معاً.
تفاؤل حَذِر
الى ذلك، أعربت مصادر ديبلوماسية عن تفاؤل حذر إزاء سريان المشروع الأميركي لفرض هدنة في قطاع غزة، وأبلغت الى «الجمهورية» قولها «إنّ الاميركيين، وبعد اشهر الحرب الطويلة، وصلوا الى قناعة بأنها باتت حرباً عبثية، وتأثيراتها ستكون شديدة السلبية على حليفهم الأقرب اسرائيل. وتَداركاً لهذه التأثيرات صاغت «الدولة العميقة» في الولايات المتحدة مشروع الهدنة، وتعبيراً عن مدى الاولوية التي توليها واشنطن لمشروع يُحاكي في جوهره مصلحة كبرى لإسرائيل، أُنيطت مهمة طرحه عبر الرئيس الاميركي جو بايدن شخصياً».
وتشير المصادر الى «انّ الثقل الأميركي واضح في هذا المشروع، ما يعطيه دفعا كبيرا للسَرَيان، الا أن ما يبعث على الحذر هو الخشية من شياطين العناوين والتفاصيل في آنٍ معاً، لا سيما من الموقف الاسرائيلي المُتذبذب حيال المشروع برغم اعلان واشنطن انّ اسرائيل موافقة عليه، اضافة الى موقف حركة حماس، التي سلّمت وحركة الجهاد الاسلامي الى الوسطاء المصريين والقطريين ردا مشتركا، ضَمّنتاه تعديلات تؤكد من خلالها على وقف لإطلاق النار وانسحاب الجيش الاسرائيلي من كامل غزة وفتح معبري رفح وفيلادلفيا، وهي تعديلات وصفتها اسرائيل بأنها تغير المعالم الرئيسية للاقتراح الاميركي.
ورداً على سؤال، قالت المصادر: «كل الاطراف في حاجة الى الهدنة، والاميركيون مستعجلون عليها. والإسرائيليون، مهما صدرت عنهم مواقف اعتراضية، لا يستطيعون في نهاية الأمر ان يخرجوا على الارادة الاميركية، لأن الحرب المستمرة منذ تسعة اشهر وصلت الى افق مسدود، لم يتحقق خلالها الهدف الرئيسي في الإفراج عن الاسرى الاسرائيليين، وتَكوّنت لدى الاميركيين وحلفائهم قناعة بأنّ هذا الهدف لا يتحقق الا بالحل الديبلوماسي المنصوص عليه في متن المشروع الذي طرحه الرئيس بايدن، الذي يفتح بدوره بابا واسعا لحلّ ديبلوماسي على جبهة لبنان».
ثمّة تحوّل حصل
ما عَبّرت عنه المصادر الديبلوماسية يَتقاطع مع تقديرات خبير في الشؤون الأميركية، حيث قدّم عبر «الجمهورية» قراءة لمشروع الحل الأميركي، سجّل فيها مجموعة ملاحظات:
اولاً، منذ تشرين الاول من العام الماضي، دخلت «حرب غزة» الى مجلس الامن الدولى مرات عديدة آخرها بالامس القريب حينما تبنّى مجلس الامن قراراً بوقف اطلاق النار. يعني انّ ما بين المرات السابقة والمرة الاخيرة حصل تحول كبير جدا، وهو انّ مَن كان يواجه بـ»الفيتو» كل المشاريع لوقف النار في غزة، اي الاميركي، صار هو الذي يطرح وقف النار.
ثانياً، إنّ مواقف القوى الدولية على اختلافها، التي اجتمعت جميعها على دعم اسرائيل وغطّت حربها على قطاع غزة، صارت محكومة برغبة وقف الحرب بأي ثمن، ما يعكس تعبا دولياً حقيقياً منها.
ثالثاً، إنّ مشروع الحل الاميركي يفترض انه يحمل قوته التنفيذية، ولكن قد تحاول الاطراف المعنية به ان تتشاطَر في محاولات طبيعية لتحسين شروطها، وهو امر سيتولى حسمه الوسطاء، وقد تدخل المسألة لبعض الوقت في حالٍ من المد والجزر، ولكن في النهاية سيُصار الى هدنة واتفاق على تبادل الاسرى.
رابعاً، الأميركيون، يبدو انهم في تمرير مشروعهم ضامنون لتجاوب اسرائيل، وتركيزهم كما يبدو مُنصَب على «حماس»، التي يتوقع ان تتعرض لضغوط كبرى لكي تقبل بالاقتراح الاميركي. وينبغي هنا التمعّن ملياً في «نصف القبول، ونصف الرفض الاميركي لرد حماس على المشروع الذي سُلّم الى المصريين والقطريين، حيث قال: إنّ «حماس» تريد اجراء كثير من التغييرات، وبعض الاقتراحات التي قدمتها مقبولة، وبعضها الآخر لا يمكن القبول به. مضيفاً: ان الصفقة المطروحة على الطاولة تتطابَق مع الصفقة التي اقترحتها «حماس» في 6 ايار. وسنتابع العمل مع شركائنا في قطر ومصر لمحاولة التوصّل لاتفاق بشأن الصفقة الجديدة. مشيراً الى ان اسرائيل قبلت المقترح كما هو عليه الآن، لكنّ حماس رفضته، وهي تتحمل عبء عدم التوصل الى صفقة، وعبء الحرب التي بدأتها».
خامساً، بناء على ما تقدم، يمكن التأكيد أنّ الصفقة الأميركية ما زالت على نار حامية، وسريانها في غزة، وكما توحي الاندفاعة الى ذلك، مُرتبط بأيام وليس اسابيع، وتلقائياً سيكون لهذا السريان صدى سريعاً على جبهة لبنان، ترجمته الأولى مُسارعة الوسيط الاميركي آموس هوكشتاين الى بيروت لاستئناف االبحث في الحل السياسي لمنطقة الحدود.
واشنطن وجبهة لبنان
يُشار في هذا السياق الى أنّ حركة الإتصالات الأميركية ما زالت متواصلة لاحتواء التصعيد في جبهة الجنوب. وفي هذا الإطار كشفت مصادر واسعة الاطلاع لـ«الجمهورية» ان «القنوات الديبلوماسية شهدت زحمة ملحوظة في الايام الاخيرة، وحملت الى لبنان، إشارات ورسائل مباشرة وغير مباشرة من مستويات دولية متعددة، لا سيما من الاميركيين والفرنسيين بالدرجة الاولى، تحثّ الجانب اللبناني على العمل على خفض التصعيد والضغط على «حزب الله» لتجنّب الانزلاق الى حرب، وفي الوقت نفسه تمارس واشنطن ضغطا متزايدا على اسرائيل، ويبدو انها نجحت في فرملة الاندفاعة الاسرائيلية الى الحرب».
ويندرج في هذا السياق انّ البنتاغون اعلن انّ وزير الدفاع الاميركي لويد اوستن ناقشَ، في اتصال مع نظيره الاسرائيلي يوآف غالانت، الجهود المبذولة لتهدئة التوترات على الحدود الاسرائيلية اللبنانية، مشيراً الى انّ «اوستن عبّر عن مخاوف من التوتر على حدود لبنان». كما يندرج في السياق ذاته ما اعلنه وزير الخارجية الاميركية من الدوحة بلينكن، رداً على سؤال حول جبهة لبنان: هناك 60 الف اسرائيلي لا يستطيعون العودة الى منازلهم بسبب صواريخ «حزب الله»، ونحاول منع التصعيد في جنوب لبنان ولا أحد يرغب في حرب جديدة». وتابع قائلاً: «ليس هناك شك لديّ بأن أفضل طريقة لتمكين التوصّل الى حل ديبلوماسي للشمال (مع لبنان) هو حل الصراع في غزة، والتوصّل الى وقف لإطلاق النار، وهذا سيخفف قدراً هائلاً من الضغط».
نادي الفاشلين
رئاسياً، السؤال الذي يطرح نفسه في موازاة تزايد الحراكات حول الملف الرئاسي في هذه الفترة: ماذا بعد أن دارت هذه الحراكات دورتها على الاطراف السياسية وانتهت الى النتيجة المعلومة سلفاً، اي الفشل في فتح الطريق الرئاسي؟ هل سيُكتفى بهذا القدر، أم أنّ حراكاً غير منظور سيبرز من مكان ما، ليجرّب حظّه ويدور الدورة ذاتها، ويسمع اسطوانة المواقف ذاتها، وتكرار العناوين والمفردات والاشتراطات ذاتها، والهرطقات ذاتها، والمزايدات ذاتها، قبل أن يلتحق في نهاية الأمر بنادي الفاشلين في فتح الطريق الى انتخابات رئاسة الجمهورية؟
مصدر سياسي مسؤول يوَصّف المشهد الرئاسي بـ«الساقط سياسياً»، ويقدم لـ«الجمهورية» ما بَدا انه «قراءة مقفلة» لهذا المشهد، حيث يقول: كلّ الحراكات استنفدت؛ الخارج أدى قسطه للعلى، واعترف بكل صراحة ووضوح ان ليس في إمكانه ان يفرض رئيساً على اللبنانيين، كما ليس في امكان احد أن ينوب عنهم في اختيار رئيسهم، ليوصي في نهاية حراكه بأنّه لا يرى رئيساً للبنان الّا ثمرة للتوافق بين الاطراف السياسية، وهو ما أكدت عليه اللجنة الخماسية، وكذلك فعلَ جان ايف لودريان في زيارته الاخيرة، من دون ان تلقى الخماسية او لودريان اي تجاوب حقيقي مع مسعاهم».
أما الداخل، يضيف المصدر المسؤول عينه، فيُصاب بين الحين والآخر بنوبات حراكية محدودة القدرة والمفعول، يدرك القائمون بها مسبقاً انّهم مهما اندفعوا وتحمّسوا وجاهدوا لفتح ثغرة في الجدار الرئاسي، لن يقدروا على ما لم تقدر عليه الدول في بناء مساحة مشتركة ضمن خريطة توازنات سياسية ونيابية قائمة تتحكّم ببعض زواياها نزعة التحكم والالغاء والاستعلاء، وكَسر كل ما يمكن أن يفتح سكة التلاقي والتوافق، حتى ولو كان هذا التوافق يشكل الوصفة الوحيدة لمعالجة ازمة الفراغ واستعادة هيبة رئاسة الجمهورية ومكانتها وموقعها.
ويخلص المصدر في قراءته الى القول: الأمل في انتخاب رئيس للجمهورية في المدى المنظور مقطوع نهائياً، والعلّة الاساسية تكمن في الذهنيات السياسية التي باتت مُعتاشة من التعطيل، وترفع شعار «الحوار ممنوع والتوافق مرفوض»، ومع إرادة التعطيل لأجل التعطيل التي تأسرها، صارت الحلبة الرئاسية أشبَه بمقبرة للحراكات والمبادرات والوساطات. علماً ان الطريق الاقرب الى انتخاب رئيس للجمهورية حَدّده رئيس مجلس النواب نبيه بري، وهو سلوك طريق التوافق، عبر حوار او تشاور قصير الامد، لتوفير غطاء سياسي لنصاب جلسة الانتخاب، وكذلك للانتخاب، ومن دون ذلك تطويل في عمر الازمة والفراغ.
وعندما يُسأل المصدر: ماذا بعد؟ والى أين يحاول المعطلون ان يأخذوا البلد؟ وعلامَ يراهنون؟ يُسارع الى القول: لا أعرف. إسألهم… إنهم يخرّبون البلد.
حراكان
الى ذلك، وفي سياق الحراكات الرئاسية، تابع اللقاء الديموقراطي لقاءاته مع الاطراف السياسية، برئاسة رئيسه النائب تيمور جنبلاط. فالتقى امين عام حزب الطاشناق النائب هاغوب بقرادونيان، واكد الجانبان على اهمية التسوية واللقاءات والحوار بما يساعد على انتخاب رئيس للجمهورية.
وفي سياق حراك آخر، التقى وفد من تكتل لبنان القوي برئاسة رئيسه النائب جبران باسيل وفد اللقاء الديموقراطي برئاسة النائب جنبلاط، حيث بحث التكتل في امكانية تشكيل قوة ضغط داخلية لتذليل العقبات التي تواجه الحوار.
أوساط «التيار»
وتشير أوساط «التيار» لـ«الجمهورية» إلى أن أبرز نتائج اللقاء بين «التيار» و«الإشتراكي» هو التحوّل من التقاطع الإيجابي إلى إيجاد آلية عملية للتنسيق بين الطرفين وتفعيل الجهود نحو الوصول إلى حل للأزمة الرئاسية، عبر جلسة انتخاب تتّفق عليها القوى اللبنانية.
فإضافة إلى الجو المريح الذي ساد الإجتماع بين كل من رئيس «التيار» جبران باسيل ورئيس «الإشتراكي» تيمور جنبلاط، اتفق الطرفان على التنسيق الدائم والمفتوح، بما في ذلك التلاقي الدائم مع كتلة «الإعتدال» على تفعيل الجهود واللقاءات في شكلٍ دوري، لتشكيل قوة الضغط المطلوبة لإنجاز الحل الرئاسي، وبأيادٍ لبنانية، تسعى إلى تحويل المخاطر المحدقة بلبنان إلى فرصة لإنتاج كل الحمايات السياسية الممكنة، وأوّلها انتخاب رئيس وعدم إبقاء قصر بعبدا ورأس الجمهورية والدولة فارغاً.
وقد علمت «الجمهورية» أنَّ الجانب الآخر من محادثات «التيار» – «الإشتراكي» يتمثل في ما وصفته أوساط «التيار» بتكامل الأدوار، لجهة بَذل كل طرف الجهود حيثما يجب وبحسب التموضع الذي يُمكّنه من التواصل مع القوى الأخرى والتحاور معها لاستكشاف فرص المساحات المشتركة، وتضييق هوة الخلافات.
وكشفت المصادر أنه حصل اتفاق على لقاءٍ ثان بعد عطلة عيد الأضحى، على مستوى النواب، تأكيداً لتواصل التنسيق وبحث المستجدات.
ومن المقرر أن تكون نتائج جولة رئيس «التيار» وآفاق المرحلة المقبلة وكيفية استكمال التحركات، محور المؤتمر الصحافي الذي يتحدث فيه باسيل اليوم الساعة 5 عصراً في مقر عام «التيار» في ميرنا الشالوحي.
عون في واشنطن
على صعيد آخر، التقى قائد الجيش العماد جوزف عون، في الولايات المتحدة الاميركية، رئيس لجنة القوات المسلحة في مجلس الشيوخ الاميركي السيناتور جيك ريد، ورئيس هيئة اركان الجيوش الاميركية المشتركة الجنرال تشارلز براون، وفريق العمل الاميركي من اجل لبنان. وبحسب بيان للجيش فإنّ البحث تناول الاوضاع العامة في لبنان والمنطقة، وسبل دعم الجيش اللبناني خلال المرحلة الاستثنائية الراهنة».
الوضع الميداني
ميدانياً، عاشت المنطقة الجنوبية يوماً من المواجهات العنيفة، وسط غارات اسرائيلية متتالية على العديد من المناطق والبلدات اللبنانية، تركّزت بشكل خاص على خلّة مكنة عند اطراف بلدة مركبا، وقد أفيد عن اصابة مسعفين بجروح. كما تركزت على المنطقة الواقعة بين بليدا وعيترون، اطراف زبقين وشيحين وحانين، طلوسة واطراف مركبا وحولا، وياطر.
وفي موازاة ذلك، استهدف الجيش الاسرائيلي بالقصف المدفعي والفوسفوري المنطقة الحرجية في حلتا، اطراف طير حرفا، الجبين، زبقين، بيت ليف، العديسة، يارون، مارون الراس، مدينة بنت جبيل، الطيري، الناقورة، المنطقة الواقعة بين حانين وعين ابل، حولا، ميس الجبل، طلوسة.
في المقابل، نفذ «حزب الله» أمس سلسلة عمليات وصفت بأنها الأعنف منذ بدء الحرب، حيث أعلن الحزب في بيانات متتالية ان المقاومة الاسلامية استهدفت موقع الرمثا وموقع السماقة والتجهيزات التجسسية في موقع رويسات العلم في تلال كفرشوبا اللبنانية المحتلة بالأسلحة الصاروخية، وموقع رويسة القرن في مزارع شبعا المحتلة بالاسلحة الصاروخية، وثكنة زرعيت بالاسلحة الصاروخية، وموقع راميا وموقع الراهب بالقذائف المدفعية.
كما اعلن الحزب ان المقاومة الاسلامية، ورداً على الاغتيال الذي نفّذه العدو الصهيوني في بلدة جويا وإصابة مدنيين، استهدف مجاهدوها مصنع »بلاسان» للصناعات العسكرية المتخصصة في تدريع وحماية الاليات والمركبات لصالح جيش العدو في مستوطنة سعسع بالصواريخ الموجهة، وأصابوه إصابة مباشرة. وقصفت مقر قيادة الفيلق الشمالي في قاعدة عين زيتيم، والمقر الاحتياطي للفيلق الشمالي في قاعدة تمركز إحتياط فرقة الجليل ومخازنها في «عميعاد»، ومقر وحدة المراقبة الجوية وإدارة العمليات الجوية على الاتجاه الشمالي في قاعدة ميرون بعشرات صواريخ الكاتيوشا وقذائف المدفعية. ومرابض مدفعية العدو في خربة ماعر وانتشاراً لجنوده في محيطها بصواريخ الكاتيوشا، وموقع حدب يارين بصواريخ بركان.
وبحسب الاعلام الاسرائيلي فإنّ أكثر من 200 صاروخ أطلقت من جنوب لبنان باتجاه مناطق الجليل وشمالي غور الأردن والجولان ومزارع شبعا وتلال كفر شوبا المحتلتين، وهو أكبر عدد من الصواريخ يطلقها «حزب الله» في يوم واحد منذ 8 تشرين الأول الماضي، وذلك بعد يوم من مقتل أحد قادة «حزب الله».
واشار الاعلام الاسرائيلي الى اندلاع حرائق في اماكن عدة جراء سقوط صواريخ وطائرة مسيّرة، وان 21 فريق اطفاء و8 طائرات تحاول إخماد الحرائق الناجمة عن صواريخ «حزب الله».
ونعى «حزب الله» اربعة شهداء قَضوا في الاستهداف الاسرائيلي لأحد المنازل في بلدة جويا ليل امس الاول، وهم: القيادي طالب سامي عبد الله «الحاج أبو طالب»، مواليد عام 1969، من بلدة عدشيت. محمد حسين صبرا «باقر»، من مواليد عام 1973، من بلدة حدّاثا الجنوبية. علي سليم صوفان «كميل»، مواليد عام 1971، من بلدة جويّا. وحسين قاسم حميّد «ساجد»، مواليد عام 1980، من مدينة بنت جبيل. كذلك نعى الشهيد بهيج محمد حجازي «هادي» مواليد 1981 من بلدة حاريص، الذي قضى متأثراً بجروح كان قد أصيب بها قبل ايام.
وأعلن رئيس المجلس التنفيذي في «حزب الله» السيد هاشم صفي الدين، خلال تشييع الشهيد طالب عبدالله، انّ «العدو ما زال على حماقته ولم يتعلم من كل التجارب التي مضت حينما يعتقد انّ اغتيال القادة يُضعف المقاومة، لكن التجربة اثبتت انه كلما استشهد من القادة ازدادت المقاومة ثباتاً ورسوخاً. وجوابنا القطعي والحتمي بعد هذه الدماء الزكيّة اننا سنزيد من عملياتنا شدة وبأساً وكمّا ونوعاً، وسيرى العدو من هم اخوة وابناء «ابي طالب». واذا كان العدو يصرخ ويئنّ مما أصابه في شمال فلسطين، فليجهّز نفسه للبكاء والعويل».
وذكرت صحيفة معاريف الاسرائيلية ان اغتيال القيادي طالب سامي عبدالله، هو الاكثر دراماتيكية منذ بداية الحرب، مشيرة الى انّ رد «حزب الله» قوي، وسيستمر في الساعات المقبلة».
نقاش في إسرائيل
وسط ذلك، يستمر النقاش في اسرائيل حول ما يسمّونها «جبهة الشمال»، وركّز على ما سَمّاها «مخاطر اندلاع حرب اوسع في الشمال». وتحدث عن سيناريو «ضرب «حزب الله» لتشكيل الدفاع الجوي، ضمن مخاطر هذه الحرب»، مشيرا الى «ان المئات من الصواريخ الدقيقة وأسراب الطائرات المسيّرة ستُصيب القبّة الحديدية أيضاً».
وبحسب الاعلام الاسرائيلي فإنّ «القدرات التي يُظهرها «حزب الله»، والتي تفاقمت في الأسابيع الأخيرة، لا تزال تُشكّل نسبة صغيرة من الترسانة الجوية التي يمتلكها». ولفتَ الى أنّ «الجيش يدرك أنّ فتح معركة مع «حزب الله» سيؤدي إلى تدمير أماكن وإصابة مواقع استراتيجية بأرجحية عالية جداً، فالحزب لم يستخدم خلال الأشهر الثمانية الأخيرة مئات صواريخه الدقيقة، إذ إنّ كل واحد منها يمكن أن يحمل حتى زنِة طنّ من المواد المتفجّرة».
وتحدّثت صحيفة «معاريف» الإسرائيلية عن تقديرات في الجيش تُفيد بأنّ «حزب الله» من شأنه أن يتحدّى المنظومات الدفاعية الجوية وإطلاق أسراب من المسيّرات». وقالت: «في الجيش يعترفون أنّ «حزب الله» يحاول إيجاد نقاط ضعف منظومات الاستشعار، وهو يعمل على تقليص مدى طيران القطع الجويّة لمنع تشخيصها واعتراضها، كما يقدّرون أنّ جزءاً من عمليات إطلاق المسيّرات من لبنان إلى إسرائيل خُصّصت لدراسة «حزب الله» لقدرات تَسَلّله وقدراته على استهداف منشآت إسرائيلية عند تكثيف القتال».
الى ذلك، نشر موقع «ميدل إيست مونيتور» البريطاني تقريراً اشار فيه الى أن اسرائيل تعلم أنّ مغامرة واسعة النطاق ضد لبنان ستكلفها ثمناً باهظاً من خسائر بشرية واقتصادية، في كارثة لوجود إسرائيل، التي أثبتت بالفعل عجزها عن شن حرب واسعة النطاق ضد عدو أقوى من «حماس»، يتمتع بقدرة عسكرية كبيرة».
مليون صاروخ
وفي السياق، نقلت مجلة «فورين بوليسي» عن مسؤول في «فيلق القدس» الايراني انّ «حزب الله» يمتلك الآن أكثر من مليون صاروخ من انواع مختلفة، بما في ذلك صواريخ موجّهة معدّلة لزيادة الدقة بالاضافة الى صواريخ مضادة للدبابات».
وذكرت المجلة ان «ترسانة «حزب الله» كما تم الكشف عنها خلال حرب الاستنزاف الطويلة، تشمل طائرات من دون طيار انتحارية، وطائرات اخرى مزودة بصواريخ روسية الصنع تُتيح شن هجمات جوية، الى جانب نوع من الصواريخ الايرانية يسمّى «الماس» مزود بكاميرا، مُستوحى من صاروخ «سبايك» الاسرائيلي، وهو من نوع «اطلق وانس»، حيث يُغيّر هذا العتاد قواعد اللعبة لأنه يجعل المقاتلين أقل عرضة للهجمات الاسرائيلية على مواقع الاطلاق».
(الجمهورية)