يونيو 8, 2024
باسم المرعبي: ناشر موقع رأي سياسي…
في الوقت الذي يترقب فيه لبنان نوعا من الانتعاش الاقتصادي على أبواب موسم الصيف من خلال مجيء السواح والمصطافين اللبنانيين ومن جنسيات مختلفة، حيث يؤكد العاملون في القطاع السياحي ان هذا العام وعلى الرغم من افتقاد الكثير من المقومات سيكون عاما واعداً من خلال الكم الكبير من الحجوزات لعوائل لبنانية، وتلك التي تتم في الفنادق او المطاعم لسواح عرب وأجانب، يتوجس هؤلاء خيفة من الوضع العسكري على الجبهة الجنوبية، انما أكثر ما يؤلمهم هو الخطاب المتشنج الذي تشهده الساحة السياسية واستمرار البعض في اتباع سياسة النكد التي تعمق الهوة حول اي ملف من الملفات المطروحة بما يجعل الساحة الداخلية عرضة لاستفادة اي جهة تريد العبث بالأمن اللبناني.
واذا كان الاستقرار الأمني عامل اساسي لجلب السواح والمستثمرين الى جانب ما يقدم من عروض وعطاءات مشجعة، فان الاستقرار السياسي يعتبر ايضا من العناصر المهمة التي تساعد على نجاح هذا القطاع الذي لا يملك لبنان غيره لجلب الأموال والنهوض الاقتصادي، لكن للأسف وعلى الرغم من دراية القوى السياسية لهذه الحقيقة وهذا الواقع، وبدلاً من أن يعملوا على ايجاد المناخات الملائمة لإنجاح موسم الاصطياف ها هم مستمرون في ممارسة لعبة المكابرة والكيد السياسي التي تساهم في ضرب هذا الموسم او على الأقل تحول دون أن يكون مكتملا ويحقق الغاية المرجوة منه.
فعلى سبيل المثال حصلت مع بداية الاسبوع حادثة السفارة الأميركية، ومن الطبيعي أن تصدر مواقف مستنكرة، لكن المستهجن ان يسارع البعض الى اعطاء هذه الحادثة ابعاد سياسية وغير سياسية قبل ان تضع الجهات الامنية والقضائية يدها على الملف، ووصل الأمر لدى جهات سياسية ولغايات سياسية فقط من دون الالتفات الى ما تقتضيه المصلحة اللبنانية الى القول ان حادثة السفارة تسببت بإلغاء آلاف الحجوزات من قبل الشباب اللبناني، الذي كان يخطط لزيارة أهله وأصدقائه، ما يشير إلى تراجع ثقة المواطنين بالوضع الأمني وقدرتهم على التنقل بحرية وأمان.
ورأت هذه الجهات أن هذا الهجوم لا يقتصر تأثيره على الجانب الأمني فقط، بل يمتد ليشمل الأبعاد الاجتماعية والاقتصادية، فإلغاء هذه الحجوزات يعني تراجعا للعائدات السياحية والتجارية، وهو ما يعمق من الأزمة الاقتصادية التي يعاني منها لبنان. كما أن انعدام الأمن يؤثر بشكل مباشر على الروح المعنوية للمواطنين ويزيد من حالة القلق والخوف المنتشرة أصلا بين السكان.
هذا النوع من الخطاب غير المدروس يساهم اكثر من اي وضع اخر في ضرب موسم الإصطياف، وجعل السائح او المستثمر يقرف مما يسمعه ويشاهده ويتراجع عن زيارة لبنان، اذ هل يعقل ان يجري الحديث عن الغاء حجوزات في الوقت الذي لم تبدأ فيه التحقيقات لمعرفة دوافع الهجوم على السفارة، علما ان غالبية الدول التي يتواجد فيها مغتربون لبنانييون كان عندهم منتصف الليل اي لم يسمعو اصلا بحصول الهجوم، فكيف وصل بهم الأمر الى الغاء حجوزاتهم!!!
ان اطلاق مثل هذه المواقف المتسرعة يدل على ان هناك قصر نظر في مقاربة الامور وهو ما يجعل لبنان يعاني ما يعانيه من ازمات، لا سيما في القطاعين السياحي والاستثماري اللذين يواجهان منافسة شرسة من دول الجوار. حيث تقدم هذه الدول مثل تركيا واليونان ومصر، حزمًا سياحية واستثمارية جذابة بأسعار تنافسية، مستفيدةً من استقرارها السياسي والأمني، فيما لبنان مكبل اليدين على هذا المستوى مما يضطر القطاع السياحي نفسه من دون انتظار ما سترفده به الحكومة إلى ابتكار استراتيجيات معينة للحفاظ على حصته في السوق الإقليمية، على هذين المستويين.