حبيب شلوق
صفحتي المطوية اليوم تعود إلى نحوٍ من 54 أو 55 عاماً، وتحديداً إلى بداية العام 1971 غداة انتخاب النائب سليمان فرنجية الجد رئيساً للجمهورية في 5 تشرين الثاني 1970 . يومذاك كان كل منا وارثاً عن أهله ميلهم السياسي وناشطاً في مصالح طلاب أحزاب “الحلف الثلاثي” الكتائب والكتلة الوطنية والوطنيين الأحرار وحليفها في انتخابات 1968 النيابية كان وزير الداخلية النائب سليمان فرنجية أحد مؤسسي “الجبهة اللبنانية” . يعني أننا في ذلك العام نعيش نشوة الإنتصار وما في كبير أمامنا.
ولمزيد من التوضيح شعرنا أننا كـ”حلف” نشعر باضطهاد من مدير ثانوية فرن الشباك الرسمية ولاحقاً ثانوية الشياح شفيق سعيد “الله يرحم ترابو”، ربما كان كذلك إلى حد ما ، ولكنه كان مديراً مفضلاً على الجميع وأنا لا أعترف إلا به مديراً ومعلماً لي في مرحلي التكميلي والثانوي وزرته مرة في منزله في محلة الجعيتاوي في الأشرفية ــ وفوجئ بزيارتي، للتعزية لدى وفاة والدته كذلك شاركت في مأتمه في مسقطه بلدة مشان ــ وسط جبيل.
كان شفيق سعيد شهابياً أصيلاً وشقيق “الزعيم” (هكذا كان اللقب أيام شهاب) سيمون سعيد والد الدكتور جورج كان زميلنا في الثانوية عند “عمه” قبل أن يتزوج ـــ إبنة الكتلوي الأصيل الدكتور أنطوان الشامي و”صرنا قرايب”، حتى أن “ثانوية سعيد ” كان لها نوع من كوتا، في المدرسة الحربية خلال العصرين الشهابيين مع فؤاد شهاب والياس سركيس، تصل إلى نحو 12 تلميذ ضابط كل عام.
موضوعنا ليس هنا إنما في مكان آخر. فنحن كطلاب أحزاب “الحلف الثلاثي” قررنا أن ننشئ حركة سميناها انطلاقاً من “النصر الإلهي” المتمثّل بالتحالف الإنتخابي بين “الحلف” ووزير الداخلية
ابن “الجبهة اللبنانية” الرئيس سليمان فرنجية “وطني دائماً على حق”، وكان خصمنا آنذاك “الحركة الوطنية” المدعومة من الشهابية ــ لأننا ضدها ــ وضد كل الأحزاب اليسارية.
نعم استنبطنا حركة سميناها “وطني دائماً على حق ” ومبدأها أننا ضد اليسار و”الحركة الوطنية” بكل فروعها الحزب الشيوعي والحزب السوري القومي الإجتماعي ومنظمة العمل الشيوعي والحزب التقدمي الإشتراكي وكل إفرازات اليسار، فكرة وُلدت في رأس زميليَّ الشقيقين حبيب حوش وميشال حوش من مجدليا في قضاء زغرتا، ولما كنت وشقيقي غسان لولب الحركة الطالبية في الثانوية وكان غسان رئيساً لرابطة طلاب ثانوية فرن الشباك التي باتت في الشياح وبات اسمها ثانوية الشياح الرسمية (3 صفوف بريفيه، 7 صفوف أول ثاني، 7 صفوف بكالوريا، صفان رياضيات، صفان فلسفة، وصف علوم اختبارية) ، وكنت المحرك الأول والأفعل للطلاب، وكان مركز حزب الكتائب في الشياح (إميل غنطوس وإدمون عيراني) مقصدنا اليومي لقربه من الثانوية من دون نسيان البيت المركزي للكتلة في الجميزة وللكتائب في الصيفي و الوطنيين الأحرار في السوديكو. كانت تلك الحركة فيها بركة وربحنا الإنتخابات الطالبية بنسبة 90 في المئة، وعلى رأسها رئيس الرابطة مارون نعمة ثم غسان شلوق.
ولما كانت الكتائب في “المجموعة” كان عدد من الكتائبيين في الحركة ومنهم على سبيل المثال يوسف يونس رزق رئيس خلية الكتائب في الثانوية وسمير جعجع ونبيل أبي نادر وإيلي شرتوني … في اختصار كنا “عصابة” من الحلف الثلاثي و”قائدنا” الرئيس سليمان فرنجية ، وقائدنا العملاني إميل غنطوس، حتى إذا احتجنا إلى “تدريب” أقسى كانت للمصارع بطرس غانم الكلمة الفصل في بيت الكتائب المركزي في الصيفي وكانت تدريباته فاصلة وهناك التقيت للمرة الأولى ببشير الجميل استعداداً لاشتباك بالأيدي في مدرسة الـ école des lettres المحسوبة على جامعة القديس يوسف في بيروت والسفارة الفرنسية. واليوم نتذكّر تلك المرحلة ونجد سمير جعجع رئيس أكبر كتلة نيابية وغسان شلوق عميداً لكلية العلوم الإقتصادية وإدارة الأعمال في الجامعة اللبنانية والأخوين حوش ويوسف رزق رجال أعمال وجوزف جعجع في “النازا” ، و حبيب شلوق سكرتير تحرير ومدير مسؤول في جريدة “النهار”،و الشهيد س. ز. وف. ز. وإ.ش. وج. ز. وهم من ضباط الجيش…
كانت أيام وكنا ما كنا …
قد كان ما كان مما لست أذكره
فظُنّ خيراً ولا تسأل عن الخبر
الإمام الغزالي

(مبنى ثانوية الشياح الرسمية ــ سعيد)



