صدر اليوم التعميم رقم ١٦٩ عن مصرف لبنان، الذي يشكّل خطوة تنظيمية جديدة في مسار إدارة الأزمة المصرفية المستمرة منذ أكثر من خمس سنوات. التعميم يؤكد على مبدأ المساواة بين المودعين، إذ يمنع المصارف من تسديد أي مبالغ من الودائع بالعملات الأجنبية المودعة قبل ١٧ تشرين الثاني ٢٠١٩ بما يتجاوز السقوف المحددة، إلا بعد الحصول على موافقة خطية مسبقة من مصرف لبنان.
جوهر هذا القرار هو منع التمييز الذي رافق السنوات الماضية، حيث حصل بعض المحظوظين وأصحاب النفوذ على معاملة تفضيلية، فتمت تلبية طلباتهم بتحويل أو سحب ودائعهم كاملة، في حين بقيت أموال الآلاف من اللبنانيين من أصحاب الحقوق والموظفين والمتقاعدين والمغتربين محجوزة ومجمدة بلا أفق.
من حيث المبدأ، التعميم يُعيد التأكيد أن أي حل للأزمة يجب أن يرتكز على العدالة والمساواة في المعاملة، ويحمي حقوق الجميع دون تفضيل أو استنسابية. وهو يُعتبر بمثابة سدّ للثغرات التنظيمية التي لطالما استُغلت خلال السنوات الماضية، ويهدف إلى ضبط أي استنساب إضافي في عمليات السحب والتحويل إلى حين التوصّل إلى حل شامل.
لكن، السؤال الذي يفرض نفسه اليوم: لماذا لم يصدر مثل هذا التعميم منذ اليوم الأول للأزمة؟ لو طُبّق هذا الإجراء في حينه، لكان من الممكن أن نمنع تهريب ما يفوق ١٠ مليارات دولار إلى الخارج، استفاد منها أصحاب النفوذ والمقرّبون على حساب المودع العادي، الذي خسر ودائعه وكرامته وثقته بالنظام المالي.
وفي ملاحظة ختامية لا تقل أهمية، قد تستند بعض المصارف إلى هذا التعميم في محاولاتها لاستئناف أو تمييز الدعاوى المقامة ضدها من قبل المودعين أمام القضاء، باعتباره أداة تنظيمية رسمية تصدر عن المرجعية النقدية. لذلك، لا بد من الحذر، والانتباه إلى ضرورة أن لا يُستعمل التعميم كوسيلة دفاع للتنصل من المسؤولية عن التمييز الذي حصل سابقاً.
@highlight



