الهدف الخفي للحرب على إيران… والسيناريوات المطروحة


الكاتب السياسي محمّد حميّة


قراءة تحليلية للحرب الإسرائيلية – الإيرانية حتى الساعة مع معلومات خاصة من مصادر إيرانية وجهات أميركية مطلعة
*مخطط أميركي – غربي كبير ومكتمل الأركان بتنفيذ إسرائيلي كان يستهدف إيران فجر الجمعة الماضي لإسقاط النظام من الداخل يبدأ بضربة عسكرية مفاجئة وصادمة واغتيال القيادات الكبرى في الدولة ومعهم الإمام الخامنئي ثم تخرج مجموعات شغب ومعارضة إلى الشارع عند ساعة الصفر بمساعدة مسؤولين مخترقين في الدولة، ولذلك خاطب نتانياهو الشعب الإيراني بعد الضربة الأولى مباشرة بالقول: “هذه فرصتكم للتخلص من النظام”، لكن المخطط لم يُكتب له النجاح، فاستعاد النظام السيطرة والتحكم وكان الرد الأولي إشارة ورسالة في آن للداخل الإيراني قبل الخارج بأن النظام استعاد عافيته وتجاوز صدمته وبدأ الرد.
*إيران أثبتت حتى الآن قوة وصلابة وقدرة على المواجهة والرد وتحاول الحفاظ على معادلة الردع.
*منذ أربعة عقود وإيران تراكم القوة والخبرة، في تصنيع الأسلحة والتكنولوجية وملأت مخازنها بمئات الآلاف من الصواريخ المختلفة لا سيما البعيدة المدى، وبالتالي لن تضعف أو ترفع الراية البيضاء أو ينتهي سلاحها ببضعة أيام أو أشهر.
*المنشآت النووية الإيرانية ليست في مكانٍ واحد، هي موزعة على كامل الجغرافيا الإيرانية وفي مكان آمن تحت الأرض حتى القنابل الأميركية الـ 2000 طن الخارقة للتحصينات قد لا تدمرها بالكامل.
*اغتيال القادة العسكريين وعلماء النووي بالضربة الأولى لن يؤثروا على قوة إيران، فلكُل قائدٍ بديل مهما بلغ مقامه، فيما العلماء نقلوا عقولهم لآخرين، ومهما دمرت إسرائيل من منشآت نووية لن تستطع تدمير “العقل النووي” و”التقنية النووية” عند مئات العلماء والأهم الإرادة والقرار المستقل لدى القيادة والشعب.
*بالإضافة الى العامل الجغرافي فالشعب الإيراني يمتلك قدرة أكبر على الصمود من الشعب الإسرائيلي، فضلاً عن تماسك المجتمع مع نظامه في حرب الدفاع الوجودي كون إسرائيل هي التي إبتدأت بالحرب، فيما الأمن هو الركيزة الأساسية لقوة إسرائيل واستمراريتها واقتصادها ورفاهيتها.
ماذا تخشى إسرائيل؟
*إيران تمتلك حضارة عريقة وتمتد لقرون وعقيدة إسلامية وإيديولوجية تدعو الى زوال إسرائيل والعقل العلمي والنووي والأهم الإرادة والقرار المستقل، الى جانب الثروات المتعددة والجغرافيا والموقع الاستراتيجي وحضور في المنطقة وتحالف كبير مع روسيا والصين، ما يُمكّنها من تدمير إسرائيل عندما تمتلك القنبلة النووية، وقيادة المنطقة على حساب المشروع الإسرائيلي – الأميركي وتُعيق إقامة دولة إسرائيل، لذلك تقوم إسرائيل والغرب بضربة استباقية لإضعافها فإسقاطها.
وتعلم إسرائيل وأميركا أن تدمير النووي الإيراني صعب المنال، والقضاء على إيران عسكرياً يحتاج الى وقت طويل، لذلك الخيار المطروح في العقل الغربي تغيير النظام ولو بعد حين ما يسهل تفكيك المشروع النووي والإلتحاق بركب السياسيات الأميركية والتحالف مع إسرائيل والعودة الى زمن الشاه.
*الجولات القتالية الحالية قد لا تكون حرب كسر العظم بين الطرفين ولا الحرب الكبرى والأخيرة أو حرب زوال إسرائيل، بل ربما تنتهي بتسوية خلال أيام أو أسابيع قليلة بعد تدخلات قوى دولية كبرى كالولايات المتحدة وروسيا والصين وكوريا ووساطات تركية – حليجية أو بطلب من القوى المتحاربة في الحالات التالية: عندما يعجز أحد المتحاربين عن كسر الردع والتوازن وحسم الحرب لصالحه، أو لإنقاذ إسرائيل، أو تهديد الأمن والسلم الدوليين. وحتى إيران لم تُقفل أبواب الدبلوماسية والتفاوض.
ومما تقدم يمكن استنباط ثلاثة سيناريوات هذا بحال عدم دخول خارجي مباشرة في الحرب:
-تعرض إيران لضربات إضافية تكون مفاجئة كاغتيال الإمام الخامنئي تؤدي الى إسقاط النظام أو إضعافه الى حدٍ كبير يفتح مسار تغيير سلوكه وجره الى التفاوض بالشروط الأميركية، وتغيير وجه المنطقة لمصلحة الغرب.

  • تلقي إسرائيل ضربات استراتيجية لا تستطيع تحملها وبالتالي إخراج نتانياهو من المشهد السياسي الإسرائيلي وبالتالي استعادة محور المقاومة قوة وهيبة الردع ويفتح الباب أمام تسوية لمصلحته.
    -تسوية لا رابح ولا خاسر أو أقل الخسائر، أي إكتفاء الطرفين ببالنتائج الحالية وبموازين القوى العسكرية القائمة، حيث إيران لن تقبل الخروج مهزومة، وكذلك الغرب لن يسمح بهزيمة إسرائيل بعد كل الإنجازات التي حققتها منذ 7 أوكتوبر في ساحات متعددة، لكن السؤال هل هي تسوية جزئية مؤقتة بين إيران وإسرائيل أم شاملة بين أميركا وإيران وبعيدة المدى تضم لبنان وغزة واليمن وسوريا والعراق، وربما روسيا وأوكرانيا والصين؟
    لا يُمكن توقع أي مسار ستسلكه الأمور لأن ذلك يحتاج الى جولات قتالية إضافية جوية وربما غير جوية لكشف موازين القوى الحقيقية واتضاح النتائج للبناء عليها من كلا الطرفين باتجاه استكمال الحرب أو الذهاب الى تسوية وتحديد شروطها.
    السؤال المركزي والذي يحتاج لبعض الوقت للإجابة عليه: ما هو الهدف الأساسي للولايات المتحدة؟ إسقاط النظام في إيران أم الضغط لإعادته الى طاولة المفاوضات من موقع الضعف لتسهيل انتزاع التنازلات؟ أم الهدف الخفي إضعاف إيران وإسرائيل معاً لفرض مسار ترامب للسلام والاقتصاد؟ وهل تحولت إسرائيل إلى أداة أميركية خدمة المشروع الترامبي؟ أم هي الحرب الأميركية – البريطانية الغربية مع روسيا والصين وكوريا وباكستان على الأرض الإيرانية لإعادة تشكيل موازين القوى الجديدة على الساحتين الإقليمية والدولية؟
    *وبالتالي هل تدخل الولايات المتحدة في الحرب لدعم إسرائيل لحسم الموقف والتوازنات؟ قال ترامب أمس: “قد ندخل الحرب لتدمير المنشآت النووية والعسكرية الإيرانية”، وبحال دخلت أميركا هل تدخل قوى أخرى في المقابل الى جانب إيران مثل باكستان وروسيا والصين وكوريا وتتحول حرباً عالمية؟
    *هناك توازنات إقليمية ودولية لا يمكن كسرها وتغييرها بسهولة.. أي هزيمة لإيران يعني انكشاف الصين وروسيا وبطبيعة الحال باكستان وكوريا الشمالية وسيكونون جميعاً الأهداف التالية وقالها نتانياهو أن باكستان الهدف التالي، وستكرس الولايات المتحدة سيطرتها كلياً على آسيا وبالتالي على القوقاز والشرق الأوسط حيث المعادن والثروات والممرات الحيوية والأسواق، وتتسيد إسرائيل على عرش المنطقة، ولهذا السبب لن يقفوا على الحياد وسيدخلون الحرب كلٌ على طريقته للدفاع عن خط الدفاع الأول عنهم أي إيران.
    وفق المعلومات من واشنطن أن هدف الحرب الأساسي إسقاط النظام وإذا لم تنجح فإعادة إيران للتفاوض من موقع الضعف وفرض الشروط عليها وهي التالية:
    *تفكيك البرنامج النووي
    *تفكيك البرنامج الصاروخي
    *قطع العلاقات بحلفائها في المنطقة
    *التعاون الاقتصادي والمشاريع الاستثمارية الأميركية
    *تفكيك الحرس الثوري
    *أميركا تراهن على استنزاف إيران، ضربات يومية على المنشآت النووية والمرافق الحيوية لدفع الشعب الإيراني للنزول الى الشارع والإطاحة بالنظام تحت ضغط الظروف المعيشية والاقتصادية، في المقابل إيران تُراهن على الضغط على الشارع الإسرائيلي عبر تكثيف الضربات وتركيزها على تل أبيب وحيفا لرمزيتهما السياسية والاقتصادية.