سعيد غريّب
الوجع تآلف مع الجسم #الماروني وينخره حتى أخمص قدميه منذ العام 1982، تاريخ استشهاد الرئيس #بشير_الجميل. ولم تعد تنفع العمليات العشوائيّة ولا الادوية المهدّئة، في غياب الرؤية المارونية وضعف الاقتصاد الماروني وتاليا تقلّص الدور الماروني على المستويات كافة. وليس الجسم السني بافضل حالا منذ العام 2005، تاريخ استشهاد الرئيس #رفيق_الحريري، ولا الجسم الشيعي منذ تغييب الامام #موسى_الصدر، في العام 1978، واستشهاد السيد #حسن_نصرالله في العام 2024، ولا الجسم الدرزي منذ استشهاد الزعيم #كمال_جنبلاط، في العام 1977.
واذا اردنا تقييم الوضع الماروني أوّلا وبدءا من الأداء الذي سيمت بها القيادات المارونية سواء في المواقع الرئاسية أو القيادية بشكل عام، فان تغلّب الصراعات المارونية المارونية وبلوغها أعلى درجات العنف على أشكاله في بعض المراحل، وان بحجة متطلبات #الديموقراطية، قد بلغ حدّا تتجلى خطورته في ظلّ غياب آفاق الرؤية المشتركة عن الدور الذي على الموارنة أن يضطلعوا به بعدما عبروا في وجوه من الازدهار والصراعات في آن. وتميّز كلّ من الرؤساء المتعاقبين بمسيرته وخصوصيته. فلطالما كانت نهايات العهود على خلاف بداياتها: ثورات وحروب واغتيالات وتأجيل للاستحقاقات الرئاسية. ولعلّ الاستثناء كان للرؤساء فؤاد شهاب وشارل حلو والياس سركيس. والمفارقة القريبة من الدهشة أنّ اثنين من هؤلاء لم يرزقا أولادا والثالث لم يتزوج.
سقط بشير ونحر الحلم الماروني. ولم يستطع الموارنة خلق زعيم جديد ثابت ونهائي، وخسروا بفعل نزاعاتهم المستمرة، حتى اليوم بشراسة، الجمهورية الاولى بكاملها تقريبا ومن غير المستبعد أن يخسروا الجمهورية الثانية في حال استمرّت معاركهم وتهديداتهم وعشوائيتهم بتعطيل ما تبقى من نظام (المعارك المارونية بين البلديات خير دليل).
ما المطلوب؟ المطلوب قادة موارنة اساتذة ومعلمون في انهاء الخصومات. المسيئة ويعرفون أخذ العبر .
المطلوب قراءة مذكرة عمرها اربعة عقود من الخارجية الأميركية الى الخارجية الفرنسية حول الأزمة اللبنانية سلّمت الى الرئيس الياس سركيس وتضمّنت انتقادات شديدة لمن أسمتهم “الأمراء الذين يحكمون لبنان ويتحكّمون به ويريدون العودة الى حكمه والتحكّم به”
أمّا قدر لبنان الحالي فهو أن يكون رئيسه غير عادي لمرحلة غير عادية أصبح فيها الخطر على الوطن والمواطن شيئا عاديا ويوميا.
وقدره مع الرئيس الجديد أن يعاند ويرفض كلّ أشكال الضغوط التي يمكن أن تجعل الاستقلالية تولد ناقصة، حتى ولو كان العناد مكلفا. أنّ المرحلة الحرجة التي يمرّ بها لبنان تتطّلب شخصيّة مارونية عالمة وعليمة، متعلّمة ومثقّفة، ذكيّة وهادئة تتعاون مع حكومة تسبق الناس في مباشرة الحكم.والبلاد بحاجة الى حكم لا يكون هو مشكلتها الاولى، الى حكم لا يكون موضع شك ولا موضع تشكيك أو قلق. المطلوب تعافي الجمهورية بحكم قوي ومجلس قوي ورأي عام قوي. التعافي بوحدة الولاء ووحدة الارادة ووحدة الصمود، فهي التي تجعل من الممكن حمل الاسرة الدولية، ولا سيما المتصارعين حول لبنان، على التسليم بأنّ الشعب اللبناني له الحقّ في البقاء وفي الحياة حرا مستقلا سيدا.
في الخلاصة، انّ صفات الحكم الصالح تكون ببعد النظر وسعة الأفق واعتماد العلم والكفاية والفهم، بحريّة التصرّف ونزاهة الارادة، وتكون بالاستنفار والتنبّه والنشاط والعمق والفكر وكبر المطامح، بواقعية النظرة الى الامور، بالتمرّد العملي وليس بالنظري على كلّ المخالفات والمخلّفات السياسية والادارية التي أعاقت وتعيق لبنان الجديد. نحن في مرحلة خلاص مشوب بحذر.



