إنتخبوا ولا تقترعوا.. ولكن حذاري


جورج صباغ

في خلال حمأة التحضيرات للإنتخابات البلدية والوُرش الحاصلة في مدنِ الوطن وبلداتِه ،
من ترشيحات وتأليف لوائح وعقد تحالفات كما وسحب ترشيحات وتراجع وخربطة تحالفات وإجراء دراسات إحصائية ( pointage ) متغيرة ومتحركة وفقا لمتطلبات” المعارك الحامية الوطيس” ،
وما يدور فوق طاولاتها ومن تحتِها ، نسجّل ملاحظاتنا ونسترعي إنتباه الأهلين كلهم الى ما يلي :

نعم إن البلديات هي الوحدات الإدارية الرسمية الصغرى في نطاقها الجغرافي ، وهي السُلطة القائمة للإشراف على تسيير
أمور المواطنين ورعايتهم في مختلف المجالات وبخاصة النهضوية والإنمائية منها بشكل اساس .

وصحيح أيضا أن حياتنا الديمقراطية تُترجم أولا من هذه المواقع بالإنتخاب لا بالتعيين .

وصحيح أن الترشّح حق مشروع لمن تتوفر فيه الشروط القانونية المنصوص عنها كما الأعراف المعتمدة .

وصحيح كذلك أن هذه الانتخابات تفصيلية الى أبعد حدود ، حيث يتداخل فيها الطموح الشخصي والإرادة العائلية والهدف السياسي والإقطاعي مع التسلل الحزبي إليها بصورة او بأخرى .

الوحدة المجتمعية الصغرى و الصراع على اصغر الوحدات الإدارية الرسمية .

ما يحصل في مجمل الأقضية لا سيما في البلدات والدساكر ، كان يحصل منذ القِدم ، إنما بفوارق الوسائل الدعائية الحديثة وكيفية الترويج الإعلامي والإعلاني على السواء .
فالشعب اللبناني يتشابه في كل منطقة وفي كل جوانب حياته ، فنحن من بيئة واحدة ومن” ذات الطينة” المعجونة بخميرة لبنانية صافية ،
نتشابه في السلوك والأنماط والتقاليد والعادات وطُرق العيش وكيفية التعاطي مع ذواتنا والآخرين كما والتواصل المجتمعي عينه أنّا حللنا .

وإن كنا أضحينا على مشارف الجولة الأولى لهذه الانتخابات في الرابع من أيار الجاري ، فإننا بكل تأكيد من داعمي عنصر الشباب المثقف لتبؤ هذه المراكز ، من النُخب أصحاب الكفاءات والإختصاصات المختلفة لينهضوا بمُدنهم وبلداتهم ويؤدّون مهامهم بنجاح ، خاصة أولئك الذين لديهم تجارب ناجحة ونوايا طيبة للخدمة العامة ومنزهين عن المصالح الشخصية ونظيفي الكف .

صحيح أننا بتنا في القرن الواحد والعشرين وأننا نقدّس الحريات الشخصية كما السلوك الديمقراطي الحضاري ، إلا أننا نخشى في الوقت عينِه من تفكك العائلات ( الوحدات المجتمعية الصغرى في الوطن ) ، جراء عدم التنازلات ضمن العائلة الواحدة المترابطة أساسا ، كما على انشقاقها بشكل عامودي معظم الأحيان ، إذ أن الخلافات والإختلافات العميقة العائلية غالبا ما تطول ويصيبها الشرخ مع الأحقاد والكراهية وتمسي مُزمنة في الغالب ، وهذا ما نلفتُ اليه ونحذّر منه فوحدة العائلات تبقى اهم من المراكز والمناصب على أهميتها ،
( لو دامت لغيرك ما آلت إليك )
فالوحدة المجتمعية الكبرى تبدأ من وحدة العائلة وترابطِها .
ليست المناصب من تصنع قيمة للرجال ، بل الرجال من يصنع قيمتها .
وأختم قائلا أن رأي هذا نابع من قناعة راسخة وتجارب متواضعة في الحياة ( ولست” ابو ملحم” الناصح والواعظ بكل تأكيد ) ،

فلنبحث عن الأمجاد الثابتة المخَلّدة في التاريخ والذاكرة ، وليس عن” الأمجاد الباطلة والوجاهات الزائلة” ،

مع تمنياتي لمن يستحق بالتوفيق والنجاح ،

وسلام على من إتبع الهُدى والهِداية .