كتب مارك بخعازي.
” خبز” جبران باسيل “لا يملح” .هذه العبارة قفزت إلى ذاكرتي وانا اتابع ” مؤتمر دعم الوجود المسيحي في لبنان” الذي عقد في بودابست بدعوة من رئيس حكومة المجر فيكتور اوربان. جبران باسيل كان وراء هذه الفكرة التي سوقها بنجاح مع اوربان منذ ما يقارب العشر سنوات. وكانت استجابة الرئيس المجري الذي ربطته علاقة مميزة مع” رئيس التيار الوطني الحر” وكان من أولى ثمارها إعادة ترميم الكنائس والاديرة في لبنان،وتمت الخطة بنجاح. لم يطبل باسيل ويزمر، ويستثمر لأنه بعمقه المسيحي وبعده المشرقي كان يتجاوز التفاصيل، لأنه لا يملك ” بوق ” ذاك اليهودي الذي دعا الناس إلى التهليل ل” سخائه” الذي تمثل بتبرع بدينار لذوي الحاجة، بخلاف تلك الأرملة التي تصدقت بالفلس الوحيد الذي تمتلكه، فكان أجرها مضاعفا في نظر السيد المسيح، لأن العطاء يقاس بالايمان الراسخ لا بالوجاهة الفارغة. وقد فتح رئيس ” التيار الوطني الحر” الطريق أمام هذا العمل الذي استمر حتى توج بالمؤتمر الذي عقد بالامس بحضور البطريرك الماروني ومجموعة من المهتمين والذي اسفر عن الإعلان بإطلاق صندوق دولي لدعم الوجود المسيحي في لبنان. كثيرون طبلوا وزمروا على طريقة اليهودي الذي تباهى بديناره،ولم يبق لجبران باسيل سوى ” فلس الارملة” الذي يبقى خميرة كل عمل صالح. ليس المهم من سيستثمر هذا الانجاز. الأهم أن يبلغ خواتيمه، لأن المسيحيين في حاجة إلى مثل هذا الصندوق، خصوصا في الأحوال الصعبة التي يعيشونها، والخوف على المصير الذي يستبد بهم. ” الذاكرة المثقوبة” هي آخر ما يهتم بها جبران باسيل. فهو تعود على الجحود: عين سفراء ما كانوا لينتخبوا مخاتير أو رؤساء أخويات في بلداتهم وقراهم، فانكروه قبل صياح الديك. وسمى مدراء عامين ف”لطوا” عند أول ” كوع” جاحدين فضله متذرعين باتفه الاسباب، سار اكراما لعمه الرئيس ميشال عون في تزكية فلان وفلان إلى هذا المنصب وذاك ، لأنه يعرف مكرهم، وظهر للجميع انه كان على حق ،ف” بلع” الموسى من دون أن ينبس ببنت شفة. إن الذاكرة” المثقوبة” مهما بلغت من الاتساع،فانها لا تطمس الحق والحقيقة، ولا بد من يأتي يوم وينكشف فيه المستور، وما خفي من نيات الذين يمتطون اي شيء للوصول إلى ما يرضي ملكة ” الايغو” المتأصلة فيهم. لقد زرع جبران باسيل الخير في الكثيرين ممن لا خير فيهم، فكانت ثمارهم جدباء الا في ما يتصل بمصلحتهم الشخصية. في ما خصنا كفانا فخرا اننا اضأنا شمعة ولم نلعن الظلام، المهم ان ضمير جبران مرتاح وأن التيار سيبقى ملتزما مصلحة لبنان ، كل لبنان، ومسيحييه ،مهما رشق. ولنتذكر، ايها المثقوبو الذاكرة الأغنية الفيروزية:” مليح لحكيو فيك مليح/ مليح لحكيو تجريح/ انت كبير بتبقى كبير/ ويا جبل ما يهزك ريح”.



