التراجع في صراع يتطور حدة ليس حكمة؟ !!
علي يوسف
قد يعتقد البعض ان فرض ممثلي الشيعة من قبل الثنائي في الحكومة هو انتصار على الحملة ضد المقاومة الممزوجة بحملة ضد الشيعة .؟؟؟
ولكن بكل اسف هذا اعتقاد خاطىء وغير سياسي وعلى طريقة بيّي اقوى من بيّك ؟؟!!!
كون فرض الاختيار لا يتعدى فرض الحضور من دون ان يصل الى مستوى فرض مضمون هذا الحضور وهو الاهم ..
حتى نسهّل فهم هذا الطرح لنتذكر ان الثنائي متضمنا المقاومة كان نجح ان تتضمن البيانات الوزارية للحكومات المتعاقبة ما يسميه الثلاثية الذهبية الجيش والشعب والمقاومة (وان كانت مضامينها بحاجة الى شرح ) ووصل مؤخرا حين انتخاب الرئيس جوزف عون المرشح من قبل الولايات المتحدة الاميركية وحلفائها الى الذهاب الى ان يصدر عن رئيس كتلة الوفاء للمقاومة تصريحا غاضبا يبرر التراجع بجملة يملأها “العنفوان “وهي :” كما نحن حماة لبنان اثبتنا اننا نحن حماة الوحدة الوطنية “
ولكن ما هو مضمون الوحدة الوطنية الذي يكرر الجميع تردادها مرفقة بعبارة انها هي التي تحمي لبنان من دون ان يحدد لنا اي من الذين يرددونها كيف حمت لينان ولو مرة واحدة …
في كل الحكومات السابقة كانت تفرض القوى السياسية وبحسب توازنات داخلية شكلا وخارجية مضمونا ممثليها وتحت شعار ما يسمونها الوحدة الوطنية ..؟!! ولكن يجب التوقف ان هذه “اللعبة” السياسية السمجة من التشكيل الى مضمون البيان الوزاري لم تؤد يوما الى الارتقاء السياسي نحو تحويل الكيان اللبناني الى وطن بل لنكن اكثر تواضعا لم تؤد يوما الى تلافي ظهور تكوين الكيان من “المزارع اللبنانية ” المختلفة المتآلفة في كيان بتوازن حصصي والاكثر مهارة منها هي التي تكسب منه اكثر في لحظة من اللحظات على حساب الآخرين وفي مجالات النصب المتنوعة والممأسسة !!!!..
بل لنقل اكثر من ذلك ان الكيان اللبناني ومنذ نجحت المقاومة في تحرير ارضه وفي ظل كل الحكومات وبياناتها الوزارية كان في حالة انهيار دائم متسارع كان يتم تبريره من القوى الحاكمة (وهي جميعا كذلك )بوجود الفساد و يتم تبادل الاتهامات بالمسؤولية عن الفساد والافادة منه لتغطية اسم المسبب .؟؟؟ مع العلم ان السبب الحقيقي كان محاصرة لبنان عقابا له على الانتصار في تحرير ارضه وهو حصار تنفذه اميركا انتقاما للعدو الصهيوني .. وطبعا تفاقم هذا الحصار بعد الانتصار وردع العدوان الصهيوني عام ٢٠٠٦. وهو وصل الى حده الاقصى بعد تنامي محور المقاومة وتهديده الوجودي لكيان العدو فتم افتعال ازمة ال ٢٠١٩ ومندرجاتها لافقار الشعب اللبناني واجباره على الاستسلام والخضوع وصولا الى اجباره على التطبيع مع العدو .. وكل ما جرى منذ العام ٢٠١٩ وحتى الحرب التي مازلنا نعيش واقعها ونتائجها و التعامل مع توازناتها في التطورات السياسية وصولا الى طريقة انتخاب رئيس الجمهورية وطريقة تشكيل الحكومة والحملة الواسعة التي تخوضها القوى السياسية المعروفة الارتباطات بالاميركان على المقاومة وعلى بيئتها المتوحدة معها وصولا الى الشيعة عموما كلها تصب في نفس الاتجاه ؟؟
وللاسف ان المقاومة كانت في كل هذه المراحل تعيش انفصاما سياسيا فتترك المواجهة حيث يفترض ان تكون وتذهب داخليا تحت شعار الوحدة الوطنية والشراكة والتعايش الخ .. الى السير في السياسات التي تواكب الحصار وتفعّله لافقار الشعب حتى انها بدل ان تلجأ الى مواجهة هذه المؤامرة وبحزم وقوة على اعتبارها ضد وجودها وضد لبنان المواجه لاطماع العدو الصهيوني كانت تواكب بفعالية الاتجاه نحو صندوق النقد الدولي تحت شعار معالجة “الازمة ” علما ان صندوق النقد الدولي كان بادارته المنفذة للسياسة الاميركية يشحذ سكينه لتوسيع جراحنا وزيادة النزيف لتسريع الوصول الى خطر الموت والاضطرار الى الخنوع والاستسلام ؟؟؟؟
وحتى في المعركة الاقليمية راعت المقاومة الانفصام عينه فدخلت ما يسمى معركة المساندة وعلى طريق القدس راسمة حدوداً غير منطقية للمعركة بحجة عدم الدخول في معركة شاملة مع العدو مراعاة” للوحدة الوطنية ” مما مكن العدو من تحديد موعد الحرب و خططها وتطورها …
وها هي المقاومة اليوم تسير على نفس النهج والطريق ونقبل بتراجعات امام هجمة شرسة في تركيب السلطة وفي السياسات المرتقبة و في الجو السياسي المباشر الذي وصل في بعض وقاحاته الى حد التهديد الوجودي للشيعة وليس فقط لقوى المقاومة فيها اي حزب الله وحركة امل وخياراتهما الوطنية والاقليمية من منطلق الامن القومي ومعايير القيم ؟؟؟! ودائما تحت شعار حماية الوحدة الوطنية من دون اي مضمون حقيقي لمعانيها غير المعاني الفارغة التي تتمثل بالتعايش بما يشبه التعايش بين الذئب والغنم ..
ولا ادري اذا كان عدم الوضوح السياسي في كل هذه التطورات ناجم عن مراعاة فقط وعن رغبة في تأجيل المواجهة ام هو ناجم عن عجز فكري وسياسي في فهم مفاهيم الدولة كبنية والتمييز بين ما هو بنيوي وبين ما هو اجرائي في مفهوم الدولة وهذا يحتاج في كل الاحوال الى بحث معمق مع كل القوى السياسية في لبنان وحتى مع النخب والمثقفين كون الشعارات التي تطرح مثل دولة القانون او دولة العدالة الخ .. تشير الى عجز فكري وسياسي حول مفهوم الدولة ..؟؟!!
على كل حال ان التأخير في المواجهة السياسية وفي اتخاذ مواقف صريحة وواضحة لا يعني ولا يؤدي الى تلافي المواجهة الحتمية التي نذهب اليها بل هو يعمق الجروح والاحقاد بحيث بمكن الوصول الى انفجارات اخطر خصوصا وان الخيارات متناقضة وترتبط بصراعات متفجرة والاتجاه هو الى ازدياد حدة هذه الصراعات وطنيا حيث بحاول البعض تحويل نكسة تدمير قرى يعيشها الفريق الشيعي الى حكم اعدام و في الحرب العالمية نحو بناء توازن دولي جديد على انقاض ازمة الرأسمالية الليبرالية الاميركية التي تهدد بالانهيار الدولي ..…
نعيش مرحلة دقيقة ليست التنازلات تحت شعار الحكمة هي افضل وسائل التعاطي معها بل قد تكون هي أسوأ هذه الوسائل في صناعة المستقبل ..!!!
هذا المقال هو محاولة اضاءة ولكن مباشرة و من دون قفازات للفت النظر والتحذير ليس للمقاومة والشيعة فقط بل ايضا لأولئك الذين يسيرون في الركب الاميركي و يسجلون انتصارات ومشاريع وهمية واحلام فرص سيطرة في نفق من يدخلهم فيه صنعه لمصلحة غيرهم وقد يكون على حسابهم ..؟؟!!!