لا لفرنسا ولا لغيرها… لبنان لا يحتاج لوصاية أجنبية

لا لفرنسا ولا لغيرها… لبنان لا يحتاج لوصاية أجنبية

بقلم: د. جيلبير المجبر*

لماذا ينتظر لبنان دائمًا الخارج ليحل أزماته الداخلية؟ هذا السؤال يطرح نفسه مع كل استحقاق دستوري، خصوصًا في مسألة انتخاب رئيس الجمهورية. بعد سنتين وثلاثة أشهر من الفراغ الرئاسي، ما الذي تغيّر حتى نرحب الآن بتدخل الخارج وكأنه المنقذ؟ هل أصبح اللبنانيون عاجزين إلى هذا الحد عن إدارة شؤونهم بأنفسهم؟
لا فرنسا ولا غيرها تحبنا… مصالحهم أولاً
علينا أن نكون واقعيين: لا فرنسا، ولا أي دولة أخرى، تتدخل في شؤوننا بدافع الحب أو الحرص على مصلحة لبنان. لكل دولة أجندتها ومصالحها الخاصة، وتدخلها في لبنان مرتبط بهذه المصالح فقط. فرنسا ترى في لبنان امتدادًا لنفوذها التاريخي في المنطقة، وتسعى للحفاظ على دورها المؤثر، لكنها لا تأتي لتقديم حلول مستدامة لمشاكلنا.
فرنسا، كما غيرها، تتحرك فقط عندما ترى أن مصالحها مهددة أو عندما تسعى لضمان استقرار محدود يخدم أجنداتها. أما اللبنانيون، فيبقون رهائن لهذه التدخلات، عاجزين عن فرض إرادتهم الوطنية لأنهم لم يتحملوا مسؤولياتهم منذ البداية.
لماذا انتظرنا سنتين وثلاثة أشهر؟
إذا كانت القوى السياسية اللبنانية قادرة اليوم على البحث عن توافق تحت ضغط الخارج، فلماذا لم تتحرك منذ سنتين وثلاثة أشهر لحل الأزمة؟ الانتظار الطويل دليل على غياب الإرادة الوطنية وضعف الشعور بالمسؤولية لدى المسؤولين.
الفراغ الرئاسي لم يكن نتيجة قوة الخارج، بل ضعف الداخل. وإذا كان النواب اللبنانيون قادرين على انتخاب رئيس تحت مظلة التأثيرات الخارجية، فهم بالتأكيد قادرون على انتخابه بقرار داخلي خالص. الفرق الوحيد هو الإرادة، والإرادة للأسف مفقودة.
لا نرفض فرنسا، لكن نرفض التدخل
لبنان لا يُغلق أبوابه أمام أي دولة تريد المساعدة، ولكن المساعدة لا تعني التدخل في الشؤون السيادية. الدور الفرنسي، أو أي دور خارجي آخر، يجب أن يبقى في إطار الوساطة لتقريب وجهات النظر، وليس فرض حلول أو شخصيات.
لبنان بحاجة إلى قرار وطني، نابع من إرادة شعبه وممثليه فقط. وكلما تأخر هذا القرار، أصبح لبنان أكثر عرضة للتدخلات الخارجية التي لا تحمل إلا مآسي جديدة.
على النواب اللبنانيين أن يتحملوا مسؤولياتهم ويختاروا رئيسًا يعبر عن إرادة الشعب، بعيدًا عن أي ضغوط خارجية. إذا كنا قادرين على قبول الحلول تحت ضغط الخارج، فلماذا لا نتحلى بالشجاعة لاتخاذ القرارات بأنفسنا؟
فرنسا وأي دولة أخرى لن تبني لبنان، ولن تقدم لنا حلاً مجانيًا. الحل يبدأ من الداخل، من الشعب، ومن نوابٍ يمثلون هذا الشعب. كل تأخير يزيد من رهن لبنان للخارج، وكل تدخل خارجي يبعدنا أكثر عن استقلالنا الحقيقي.

لا أهلاً ولا سهلاً بأي تدخل في سيادتنا، وشكرًا للتدخل… لكننا نريده أن يبقى عند حدود النصيحة لا أكثر.

*مرشح لرئاسة الجمهورية