الساعة السادسة فجر السابع من أكتوبر 2023 لحظة بدء الهجوم الذي أطلق عليه تسمية “طوفان الأقصى” كانت ساعة مباركة للبنان والدول المجاورة، حيث ابتلع الطوفان منفذيه و داعميه و مسانديه وكل من له صلة من قريب ومن بعيد.
وفي اليوم التالي أعلن الحزب عن فتح جبهة مساندة لغزة وعن وحدة الساحات في وجه إسرائيل. ردت اسرائيل على الهجوم بإعلان الحرب على القطاع، بدأتها بالطريقة التقليدية للحروب، تدمير، توغل وإقامة مناطق عازلة. أما في لبنان فقد اعتمدت طرق مختلفة وبعيدة عن الحروب التقليدية، فكانت أشبه بحروب الألعاب الألكترونية حيث أبهرت دول العالم التي انكبت جيوشها على تحليل وإعداد دراسات عن التطورات التقنية، والتكنولوجية، السيبرانية و الذكاء الإصطناعي المستخدم من قبل الجيش الإسرائيلي.
ركزت في البداية اسرائيل حربها في لبنان على انهاك الحزب نفسياًوجسدياً وعسكرياً من خلال اصطياد القادة الميدانيين الواحد تلو الآخر ومن ثم استهداف المراكز العسكرية ومستودعات الأسلحة ومنازل المقاتلين. إلى أن أدرك الحزب متأخرا أن الهواتف المحمولة مخترقة فمنع مقاتليه و عائلاتهم من استخدامهم واستبدل الموبايل بالبيجر، وهنا وقع الحزب في الفخ الكبير وكانت بداية الطوفان العكسي الذي ابتلع الحزب وقيادييه ودخلت إسرائيل الى جنوب لبنان وفرضت على الحزب تطبيق الـ1701 بالشروط التي وضعتها.
بالمقابل، ركزت المقاومة إسنادها في إصدار البيانات واستهداف مواقع الرادارات “حرب العواميد” وفي مرحلة لاحقة عمدت على إطلاق الصواريخ والمسيرات إلى العمق الإسرائيلي، فكانت حصيلة الأضرار التي أحدثتها كل تلك الصواريخ والمسيرات لا تساوي قيمة أضرار سقوط مبنى واحد في الضاحية الجنوبية.
انقسم الشارع اللبناني بين من هو متوقع نتيجة الحرب انها ستكون لصالح اسرائيل وبين من هو مصدوم من هشاشة قوة المقاومة التي كان يعتبرها رادعة لإسرائيل ومؤمنا بالوعود التي أطلقها قادتها بسحق الكيان ونهايته.
أما الأكثر إبهارا كان استسلام البيئة الحاضنة للمقاومة بالأمر الواقع من خلال ما شهدناه في المناطق التي نزحوا اليها، حيث أكملوا حياتهم الطبيعية اليومية بالخروج الى المطاعم والسهر والأخبار التي كانوا يروونها عن مواطنين تم التواصل معهم مباشرة من الإسرائيليين بضرورة الإبتعاد عن الأماكن أو السيارات المستهدفة وعن متابعة وإعجاب بتغريدات افيخاي ادرعي، وقد أظهرت البيئة المقاومة ثقة كاملة بدقة ضربات الطيران الإسرائيلي حيث كان يتجمع المئات بالقرب من المباني المستهدفة لمشاهدة انهيارها والتقاط الصور.
خلال تلك المرحلة اكتمل “النقل بالزعرور” بانتخاب دونالد ترامب رئيسا للولايات المتحدة الاميركية. المعروف بسياسته المتشددة ضد ايران وضد ممارساتها في المنطقة وفي عهده السابق جرى اغتيال قاسم سليماني قائد الحرس الثوري،واغتيال سليماني كان بداية إضعاف الأذرع الإيرانية بحسب العديد من الخبراء الإيرانيين والدوليين.
وما أن تم وقف إطلاق النار في لبنان حتى فتحت المعارك في سوريا بين الفصائل المسلحة والنظام وهنا كانت المفاجأة والبهجة في آن، لحظة انهيار نظام الأسد الذي استنزف لبنان شعباً واقتصاداً لـ53 عاماً على التوالي.
احجار الدومينو نشاهدها أمامنا وكم طال انتظارها تتساقط الواحدة تلو الأخرى بانتظار سقوط الحجر الأخير رأس محور الشر.
لو شاهدنا الأحداث في فيلم هوليوودي لقلنا عنها قصص خيالية لكنها ولحسن حظ لبنان هي واقعية وثابتة و الآتي سيكون أعظم مما سبقه. اما لبعض الذين يتذاكون ويحاولون إنكار واقعهم المرير وإظهار امام بيئتهم ان عودتهم قريبة و ان سلاحهم باق ان من خلال خطاباتهم أو من خلال زرع الطرقات بالإعلانات المضحكة أو من خلال التلميح بالإستراتيجية الدفاعية محاولين شرعنة سلاحهم غير الشرعي من جديد، سيدركون لاحقا أن ما كان يصلح قبل 20 عاما لم يعد يصلح اليوم، واليوم جاء دورنا لنقول لهؤلاء عن الاستراتيجية الدفاعية “بلّوها واشربوا ميتها” لن يبقى في ايديكم سلاح ولا في ايدي احد آخر والحلم الذي طال انتظاره تحقق، ومرحلة التعافي من الرواسب المتبقية لن تطول و على عكس المئة سنة الأولى من عمر لبنان الكبير التي شهدت حروبا ونزاعات ستكون المئة سنة القادمة سنين ساحرة من سلام وازدهار وطمأنينة لم يشهدها لبنان من قبل.
وكل عام ولبنان وجميع محبيه بخير.
سليم البيطار غانم