قاصم ظهر “حزب الله” ؟ الشيخ نعيم قاسم… تاريخ حافل في الإساءة إلى المرأة

الشيخ نعيم قاسم حارب إقرار قوانين تحمي النساء من العنف الأسري

بعد اغتيال معظم قيادات “حزب الله” وجد الشيخ نعيم قاسم نفسه أميناً عاماً لـ”الحزب”. وكأنه جاء بالتزكية نتيجة مقتل كل الذين كان من المفترض أن يخلفوا الأمين العام السابق، السيد حسن نصرالله، قبله.

للشيخ السبعيني مسار طويل من العمل السياسي والديني، قضى منه 33 عاماً في منصب نائب الأمين العام لـ”الحزب”. لكنه مسار لم يمكّن الرجل من كسب كاريزما مؤثرة تخوله استنهاض حماس الجمهور. إضافة إلى “الكاريزما” التي لا تساعده على ملء منصبه الجديد، فقد استلم قاسم حزباً مربكاً ضعيفاً يواجه تحدّيات لم يشهدها طوال تاريخه.

بعيد إعلانه أميناً عاماً لـ “حزب الله”، راح إعلام “الحزب” يروّج أنّ قاسم أكثر تشدداً وحسماً من نصرالله، في الداخل والخارج. حاول هؤلاء تسخيف ما حلّ بـ “الحزب” من ضرر نتيجة اغتيال قيادييه وإظهار قاسم وكأنّه سينهض به سريعاً ويؤلم العدو والخصم. على العكس من ذلك، وافق قاسم على ما لم يوافق عليه نصرالله . وافق على اتفاق وقف إطلاق النار بشروطه المذلة لـ”الحزب”، والذي يحاول نقل إحراجه إلى الدولة.

انضم قاسم لـ “حركة أمل” منذ تأسيسها عام 1971. وتقدم في المناصب ليصبح أحد أمناء مجلس القيادة. بعد اختفاء مؤسس الحركة، الإمام موسى الصدر، ومن ثم اندلاع الثورة في إيران انشق قاسم عن الحركة وراح يبحث عن تنظيم أكثر راديكالية. فشارك في لقاءات بين اللجان الإسلامية مهدت لتأسيس “حزب الله”. وانتقل الشيخ من تقليد المرجعية الشيعية في النجف التي كانت تركز على الجوانب الثقافية والفكرية، إلى التبعية للولي الفقيه. والذي عمل على نقل المرجعية الشيعية من النجف إلى قم حيث باتت تركز بشكل أكبر على السياسة وتأسيس دولة إسلامية شيعية معاصرة.

في الحديث عن شخصيته، يفتقد الرجل المتخصص بالكيمياء للقدرة على كسب تفاعل الجمهور معه كما كان يفعل سلفه نصرالله. على العكس من ذلك نجح قاسم في السنوات الماضية في تفجير غضبهم أكثر من مرة نتيجة تصريحات مسيئة.

آخر خطب قاسم المسيئة كانت تمنين من هُجروا من منازلهم وتحملوا كلفة ومشقة النزوح بمبلغ 300 دولار أميركي وزع على بعضهم، واصفاً إياه بالهدية.

تولى قاسم الذي كان نائباً للأمين العام في حينها، منذ العام 2005 تنسيق حملات “الحزب” الانتخابية، رغم ذلك لم يحسن مخاطبة الناخبين. في العام 2018 ارتكب “فاولاً” انتخابياً كاد يكلف “الحزب” لولا مسارعة نصرالله للتدخل ومعالجة الأمور. فقد أثار نائب الأمين العام غضب الناخبين في بعلبك الهرمل بعد السخرية من مطالبتهم بأبسط الحقوق. قائلاً لمن طالب بالتعهد بتزفيت الطرق كشرط للتصويت لـ”الحزب”: “إذا زعلت بتتزفت الطريق؟ ما بتتزفت خفف عنا تكاليف يا أخي وروح صوت…”. انتشر الخطاب يومها وأثر سلباً على الناخبين، ليسارع نصرالله لاستدراك الأمر ويحاول ابتزاز ناخبي بعلبك والهرمل بأمنه معبراً عن استعداده للتوجه شخصياً إلى المنطقة إن دعت الحاجة.

كاره النساء

كثيرة هي خطابات قاسم المسيئة للنساء، منها الخطاب الذي أهان فيه المرأة المطلقة معتبراً أنها ليست أهلاً لممارسة مهنة التعليم، الأمر الذي عرّضه لانتقادات واسعة. لم يكن الخطاب المهين للنساء يومها غريباً عن الشيخ الذي لطالما حارب إقرار قوانين تحمي النساء من العنف الأسري وتفاخر بذلك. ولقاسم الكثير من المحاضرات والمؤلفات التي يتحدث فيها عن دور المرأة كما يريد فرضه هو، وعن واجبها في خدمة الزوج وعدم الخروج من المنزل والعمل وغيره.

لا يفي بالوعد

من صفات أمين عام “حزب الله” الجديد والتي سرعان ما أظهرتها الأيام، سرعة تخليه عن تعهداته ووعوده. فما كاد يعِد، قبل وقف إطلاق النار، بإعادة الإعمار وبإعادة المنازل أجمل مما كانت، حتى سارع إلى التراجع عن وعده رامياً المسؤولية على الدولة والمنظمات والدول، مكتفياً بالتعهد بالمساعدة في ذلك. هذا بينما ترك الناس المتضررة منازلهم حتى اليوم يتدبرون أمر إيوائهم بانتظار صرف بدل إيواء. في حين اعتمد الكثير من المتضررين على “النايلون” عوضاً عن الزجاج المكسر بانتظار الفرج.

من تعهدات قاسم أيضاً، قبل أسبوعين من تعيينه أميناً عاماً لـ”الحزب”، عدم فصل جبهة لبنان عن فلسطين. تعهد سرعان ما اضطر للرجوع عنه. وسرعان ما قبل بالفصل بعد أن بات عاجزاً عن تحمل كلفة ربط الجبهتين وبات “الحزب” نفسه بحاجة لإسناد لم يأت.

قد لا يستمرّ نعيم قاسم في منصبه أميناً عاماً لـ”الحزب” في حال توفرت شخصية كاريزماتية تستطيع إقناع الناس. وقد يستمرّ أميناً عاماً يلخّص بوجوده حال “حزب الله” اليوم ويقصم ظهره أكثر إن لم ينجح في ردم الهوة بينه وبين جمهوره.  

مريم سيف الدين