حذار المناورات بوقف إطلاق النار.. إما مسار الدولة أو الفوضى

حذار المناورات بوقف إطلاق النار.. إما مسار الدولة أو الفوضى

أمين القصيفي

هل يُعقل أنه لا يزال هناك من يحاول المناورة وممارسة الأساليب ذاتها والعودة إلى الطرق والألاعيب نفسها التي تلت صدور القرار 1701 في العام 2006، والتنصل من الالتزام الكلي بتطبيقه والالتفاف عليه، بعد كل ما حصل في لبنان والكارثة التي حلَّت به، ويحاول اليوم مجدداً التنصّل والالتفاف على اتفاق وقف إطلاق النار، وحبره لم يجف بعد، معرّضاً لبنان لما لا يمكن لأحد أن يتوقعه من أهوال “تبشّرنا” بها إسرائيل تطاول هذه المرة لبنان الدولة بأسرها لا “الحزب” فقط، متسلّحةً بتفهُّم موقفها من المجتمع الدولي، وكأن هول ما أصاب لبنان جرّاء زجّه في أتون غزة لا يكفي ولا يُشبع نهم “المناورين” إلى الحروب والكوارث والدمار والخراب؟.

عضو تكتل الجمهورية القوية النائب غياث يزبك، يرى أنه “يصح اليوم، بعد مرور نحو 3 أسابيع على اتفاق وقف إطلاق النار، إجراء تقييم لكيفية تعاطي الدولة اللبنانية، المسؤولة مباشرة عن تطبيق هذا الاتفاق، لجهة أدائها وأداء الجهات السياسية المعنية مباشرة أيضاً بهذا التطبيق، وتحديداً “الحزب” والثنائي الشيعي”، لافتاً إلى أن “ما نلاحظه على هذا الصعيد، لا يبشّر بفترة استقرار طويلة، لا بل يُنذر بسقوط وقف إطلاق النار”.

يزبك وفي حديث إلى موقع القوات اللبنانية الإلكتروني، يحذّر من أن “سقوط وقف إطلاق النار هذه المرة، إذا حصل لا سمح الله أو تعرّض لخروق كبيرة من قبل إسرائيل، فهو لن يضعها من منظور القانون الدولي في موقع المعتدي، لأن إسرائيل ستكون في موقع تطبيق ما وافق عليه “الحزب” ووقَّعته الحكومة اللبنانية”.

يزبك يلفت، إلى أن “الخطاب الذي نسمعه اليوم، أحياناً من الرئيس نبيه بري، أو من أمين عام “الحزب” الشيخ نعيم قاسم، وحتى بعض ما نسمعه من الحكومة اللبنانية، يُنذر لا سمح الله بأن هناك عودة إلى المفاهيم والسرديات والعقلية ذاتها التي تمّ تطبيق القرار 1701 بها بعد العام 2006، وهذا ما لا يبشّر أبداً بالخير ورأينا ما أدّى إليه”.

يضيف: “هناك أمثلة حاضرة أمامنا اليوم يجب أن نقرأها بعناية. فاتفاق وقف إطلاق النار هو بحدِّ ذاته اتفاق قانوني يلتزم فيه الطرفان المتعاقدان بضرورة تطبيقه، لكن ما نقرأه من السياسة الدولية الجديدة التي نشأت بعد عملية “7 أكتوبر” وبعد توقيع هذا الاتفاق وسقوط نظام الأسد، يجب أن يُطلق عندنا في لبنان كل أجهزة الإنذار ويُضيئ كل الأضواء الحمراء للتنبُّه جيداً”.

يزبك يشير، إلى أن “اليوم، سقط نظام الأسد، وإذ بإسرائيل تعمل يومياً من خلال عمليات تكتيكية جراحية محددة عبر القصف والغارات المتتالية، بلغت مئات الغارات لغاية الآن منذ سقوط الأسد، للقضاء على كل المقوّمات العسكرية للجيش السوري، والمقوّمات الاقتصادية التي يمكن أن يتغذّى منها الجيش السوري”.

يتابع يزبك: “ما ينطبق اليوم على سوريا من وجهة نظر إسرائيل، يمكن لا سمح الله أن يُطبَّق على لبنان”، لافتاً في هذا السياق إلى “ما قاله وزير الدفاع الإسرائيلي يسرائيل كاتس، من أنه “إذا انهار وقف إطلاق النار فلن نُفرّق بعد الآن بين لبنان و”الحزب”، وإذا عدنا للقتال مرة أخرى، فسنضرب بقوّة، ودولة لبنان لن تكون معفيّة من هذه الضربات”، وهذا ما يبشّر بكارثة كبيرة قد تقع على اللبنانيين”.

لذلك، يشدد يزبك، على أن “المطلوب اليوم من الحكومة اللبنانية أن تقول كما يقال “الأمر لي”، وأن تعمل بجدية لتنفيذ كل مندرجات القرار 1701. هذا ليس إرضاءً لإسرائيل أو خوفاً منها، بل لأن هذه اللحظة التي نمرّ بها اليوم يجب أن تكون لحظة مناسبة نستغلّها لإعادة إعلاء مفهوم الدولة، بأن لا شريك لها، لا سلاح آخر ينافس لا بل يطغى على سلاح الدولة، الجيش اللبناني يتولى حماية الحدود، السياسة الخارجية وقرارات السلم والحرب تقررها الحكومة، والمعاهدات والاتفاقات الدولية يتولاها رئيس الجمهورية، وليس أي أحد آخر”.

“هذا هو المطلوب، وإلا نكون قد أضعنا فرصة تاريخية على لبنان، بأن ينهض من تحت الركام ويتمكن من إعادة لملمة نفسه ويكون دولة فعلية بالكامل”، محذراً من أن “مضاعفات وترددات عدم اختيار مسار الدولة أكبر بكثير من أي فترة سابقة، والفرصة اليوم متوافرة لخيار الدولة والأمور متاحة لأن الخيارات هي خيارات إرادية، فإما نريد الدولة أو نريد الفوضى. هذه المرة إذا أردنا الدولة لا أحد يمكنه أن يمنعنا، وإذا أردنا الفوضى لن يمنعنا أحد، لكن هذه المرة هي الفرصة الأخيرة التي تتاح للبنان في الـ40 سنة الماضية بأن يكون دولة، الأمور بهذا الحجم وكبيرة إلى هذه الدرجة”، يختم يزبك.