أحداث سوريا.. أفول العصر الإيراني ومصلحة استراتيجية للبنان
أمين القصيفي
لا شك وفق معظم المراقبين، أن ثمة أمراً كبيراً يواجهه محور الممانعة على امتداد ساحاته، من غزة إلى لبنان وصولاً إلى سوريا. ولا شك أن راعية المحور وقائدته إيران في وضعية مأزومة تلامس حدَّ الخطر الاستراتيجي على مشروعها التوسعي المتمدد على مستوى المنطقة برمّتها، خصوصاً منذ العام 2003، وبالأخص إثر الضربات القاسية التي أصابت وتصيب مختلف أذرع إيران في المنطقة والخسائر التي تُمنى بها، بعد ما لحق بـ”الحزب” في لبنان وما يصيبها في سوريا حالياً.
مصادر سياسية مطلعة ومواكبة لمجريات الأحداث تؤكد، أن “ما يحصل على المسرح السوري هو بمثابة خطر استراتيجي على إيران و”الحزب”، أكثر من الساحة اللبنانية. خسارة سوريا بالنسبة إلى إيران توازي أهميةً خسارة “الحزب” في لبنان، لا بل أهم. سوريا هي الممر والجسر للسلاح والعتاد والرجال والجيوش والتدريب والتقنيات، من إيران إلى لبنان فغزة”.
المصادر ذاتها توضح، عبر موقع القوات اللبنانية الإلكتروني، أنه “بالنسبة لإيران، خسارة سوريا تعني عملياً تقطيع أوصال المشروع الإيراني وحصاره والتضييق عليه، بل هي خنق للمشروع الإيراني، أي إسقاط الجسر الممتد من طهران إلى بيروت. بالتالي، المقاربة الفعلية لما يحصل في سوريا على هذا الصعيد، هي من زاوية أن هناك إرادة دولية حقيقية وفعلية لتطويق الدور الإيراني وإنهاء الأذرع، للتعامل لاحقاً مع النظام الإيراني بعدما يصبح من دون أذرع”.
أي، تضيف المصادر: “انتهت حركة ح في غزة عسكرياً، انتهى “الحزب” في لبنان عسكرياً مع نص اتفاق وقف إطلاق النار، وبصدد إنهاء دور إيران في المسرح السوري، ما يعني أنه لم يعد باستطاعة إيران تزويد ميليشياتها في لبنان وفي غزة بالسلاح والعتاد وعلى وشك إخراجها من سوريا، بالتالي أصبحت إيران أمام واقع جديد حول ماذا سيحصل بالنسبة لوضعيتها في العراق واليمن، فهذا وضع تمدُّدي وهذه الساحات تصبح في وضعية تحرك تلقائي بديناميكية ذاتية”.
بالتالي، تتابع المصادر: “ما يحصل في سوريا هو تحول استراتيجي على مستوى المنطقة، الهدف منه إنهاء النفوذ الإيراني المتمدد والذي تمدد بفعل إسقاط صدام حسين في العام 2003، اليوم نحن نعيش زمن أفول العصر الإيراني. لذلك نحن أمام تحول كبير، فما كادت أن تنتهي في لبنان ولم يكد ليتنفس “الحزب” الصعداء ويلتقط بعض الأوكسيجين، حتى اندلعت في سوريا”.
المصادر نفسها تشير، إلى أن “العديد من المراقبين كان يتوقع أن تندلع في سوريا عن طريق نتنياهو. بمعنى أن نتنياهو وفق ما يخطط له ويعلن، أنهى جولة في لبنان وجولة في غزة، هو يريد مواصلة جولاته في سوريا والعراق واليمن وصولاً إلى إيران، لكنها اندلعت في سوريا من خلال فصائل معارضة وفصائل إسلامية، لماذا؟، لأن هذه الفصائل كانت تستعد، ولماذا بعد وقف إطلاق النار مباشرة في لبنان؟، لسبب بسيط جداً، لأن هذه الفصائل رأت ولمست بأن الميليشيات الإيرانية، إن في سوريا وإن في لبنان بواسطة “الحزب”، ضعُفت كثيراً بسبب الحرب على فترة نحو سنة وشهرين”.
تتابع المصادر: “استفادت هذه الفصائل المعارضة السورية من أن قوات من “الحزب” ومن الميليشيات الإيرانية، انتقلت إلى لبنان في هذه الفترة لدعم “الحزب، فحصل فراغ عسكري في مواقعها ومراكزها في سوريا بعد نقلها إلى لبنان. بالتالي بعد هذا الضعف، وبعد استهداف إسرائيل للميليشيات الإيرانية في سوريا، وبعد ضعف “الحزب” العسكري في لبنان ونقل قوات كثيرة من سوريا، استفادت الفصائل المعارضة من هذه اللحظة من أجل إعادة تحريك الوضع السوري الجامد”.
المصادر عينها تلفت، إلى أن “إعادة تحريك الوضع السوري على الأرض ستساهم بإعادة تحريك الملف السوري، وأي إعادة تحريك للملف السوري ستكون على قاعدة إخراج النفوذ الإيراني من سوريا”، معتبرة أنه “وبقراءة سياسية علمية للأحداث، هذا الوضع يناسب لبنان طبعاً وهو من طبيعة استراتيجية، لأنه بالنسبة للبنان هذا الممر أو الجسر الذي يربط طهران ببيروت، شكَّل كارثة كبرى على اللبنانيين، وبالتالي إسقاط هذا الجسر يشكِّل مصلحة استراتيجية للبنان”.
موقع القوات اللبنانيّة