خروق وقف إطلاق النار.. إسرائيل و”الحزب” يلعبان في “المرحلة الإنتقالية”

أمين القصيفي

خ

أسئلة كثيرة تدور حول صمود اتفاق وقف إطلاق النار بين إسرائيل ولبنان برعاية أميركية وبموافقة “الحزب” الذي فوّض “الأخ الكبير” نبيه بري للتوصل إليه، والذي وافقت عليه الحكومتان الإسرائيلية واللبنانية وتعهّدتا بالالتزام بتطبيقه. الخروق الإسرائيلية للاتفاق وبيان “الحزب” الأخير حول استهدافه لموقع إسرائيلي في تلال كفرشوبا مذيّلاً بيانه بـ”وقد أعذر من أنذر”، يثير بعض المخاوف حيال صمود الهدنة التي لا تزال هشة بين الطرفين، علماً أن البعض يصف الوضع اليوم بـ”المرحلة الانتقالية” بانتظار أن تبدأ لجنة المراقبة المكلفة بالإشراف على تطبيق اتفاق وقف إطلاق النار مهامها، والمنتظر أن تباشرها خلال الساعات المقبلة.

العميد وهبي قاطيشه

النائب السابق العميد المتقاعد وهبي قاطيشه، يرى أنه “من اللافت بالنسبة لمعظم المراقبين، أن إسرائيل، وبعد الإعلان عن وقف إطلاق النار في 27 تشرين الثاني الماضي، أوقفت العمليات الواسعة، وبدأت باستهداف نشاطات وأهداف متصلة بشكل مباشر بتحركات مشبوهة يقوم بها “الحزب” بحسب زعمها”، لافتاً إلى أن “هذه الاستهدافات الإسرائيلية للحزب، ربما تقع في سياق تطبيق الاتفاق الغامض الملحق باتفاقية وقف إطلاق النار، والذي ربما لم يتم تعميمه على العلن بشكل صريح ورسمي، لكن الجميع يتحدث عنه في الكواليس ونُشر في وسائل الإعلام المحلية والعربية والدولية، وكل المعنيين وافقوا عليه، سواء في لبنان بمن فيهم الرئيس بري و”الحزب”، فضلاً عن الجانب الإسرائيلي”.

قاطيشه يضيف، عبر موقع القوات اللبنانية الإلكتروني: “هذا الاتفاق الغامض أو الضمني اصطُلح على تسميته في وسائل الإعلام بـ”ورقة الضمانات الأميركية لإسرائيل”، وليس الأمر سراً بالنسبة للجانب اللبناني، الذي وافق عملياً ضمناً، فالهدف كان وقف إطلاق النار والحد من الخسائر المدمّرة. ومفاد هذا الاتفاق وخلاصته كما تسرّب، أنه إذا كانت هناك نشاطات أو تحركات من قبل “الحزب” تعتبرها إسرائيل مشبوهة، يتم إبلاغ لجنة المراقبة المشكّلة واللجنة تعالجها مع الجيش اللبناني، أما إذا لم تتم معالجة الأمر من قبل اللجنة فستقوم إسرائيل بالمعالجة في إطار حق الدفاع عن النفس”.

قاطيشه يلفت، إلى أن “لجنة المراقبة لم تبدأ بعد اجتماعاتها وأعمالها بشكل رسمي على الأرض، ويُنتظر أن تباشر نشاطها وعمليات المراقبة خلال الساعات المقبلة، فيما يستعد الجيش اللبناني للانتشار في منطقة الجنوب وعلى طول الحدود الجنوبية. لكن إسرائيل تستغل هذه المرحلة الانتقالية لتقوم بشكل منفرد بمعالجة النشاطات التي تزعم أن “الحزب” يقوم بها وتعتبرها خرقاً لاتفاق وقف إطلاق النار”.

يتابع قاطيشه: “كما يبدو أيضاً، أن تحركات “الحزب” كانت كثيرة، فربما هو لا يريد الالتزام بالمطلق بالاتفاق، قبل مباشرة لجنة المراقبة مهماتها على الأقل، ولا إسرائيل تريد أن تصبر من جهتها لاعتباراتها الخاصة. لذلك، يعتبر “الحزب” من جهته أن ردّه واستهداف موقع إسرائيلي في تلال كفرشوبا في أرض مفتوحة، هو في إطار حق الدفاع عن النفس، وقاصداً ربما التوجه نحو بيئته لرفع العتب وهي التي تتساءل أين الحزب من الخروق الإسرائيلية؟”.

أما هل يصمد وقف إطلاق النار أم تهدد هذه الخروق الاتفاق؟، فيبدو بحسب قاطيشه أن “الطرفين يترقبان أن تبدأ لجنة المراقبة أعمالها بشكل رسمي، وانتظار ما سيحصل. لكن حتى لو باشرت لجنة المراقبة أعمالها وبدأت بمتابعة الوضع، يجب ربما على المعنيين أن يتوقعوا حصول مخالفات معينة من أي جانب في أي لحظة، مخالفات يمكن وصفها بأنها من طبيعة قد لا تحتمل مرور الوقت والإبلاغ عنها والانتظار لمعالجتها”

في هذا السياق، يوضح قاطيشه أنه “على سبيل المثال، إذا كان لدى “الحزب” مصنعاً أو مستودعاً للأسلحة في مكان ما، يحتمل هذا الأمر أن تقدّم إسرائيل شكوى للجنة المراقبة والأخيرة تطلب من الجيش اللبناني مداهمة المكان وضبط الأسلحة. لكن إذا كان “الحزب” يقوم مثلاً بتحرك ميداني ما أو بنقل راجمة صواريخ من مكان إلى آخر، فلا وقت لإبلاغ اللجنة ومن ثم الجيش لمعالجة الوضع، إذ تكون الراجمة انتقلت وانتهى الأمر”.

يضيف: “في الحالات المشابهة، من غير المستبعد أن إسرائيل ستتذرع وتقوم بضرب الراجمة فوراً ولن تنتظر إبلاغ لجنة المراقبة، أو تقوم بإبلاغها بعد انتهاء عملية قصف الراجمة أو ربما خلال التنفيذ. لذلك ما يقوم به “الحزب” اليوم هو ربما محاولة للإفلات من الاتفاق أو رفع عتب، لكن أعتقد أن لا مصلحة لـ”الحزب” عملياً بمحاولة الإفلات من الاتفاق، والمرجح أن المسألة في إطار رفع العتب لإرضاء بيئته”.

قاطيشه يشدد، على أن “ما ورد في اتفاق وقف إطلاق النار لجهة حق الطرفين بالرد على أي خرق، واضح وصريح ولا يحتمل المناورات والتذاكي، فحق الرد على أي خروق إسرائيلية هو للدولة اللبنانية حصراً، لا أن يقوم “الحزب” بإطلاق الصواريخ والعودة لتوريط لبنان”، وبرأيه أن “الخروق الحاصلة لاتفاق وقف إطلاق النار لا تزال محصورة، لغاية الآن، ولا تشكل خطراً عميقاً أو شديد الخطورة يهدد بانهياره وسقوطه، بانتظار مباشرة لجنة المراقبة مهامها على الأرض، ومن بعدها سندخل في مرحلة جديدة للحكم على الاتفاق على ضوء التنفيذ وتطور الأحداث”.

موقع القوات اللبنانيّة