تشجيع غربي لعودة الفوضى: الفصائل تخرق في حلب… والجيش يتابع تحشيداته

ا

ع

علاء حلبي

ا

إ

ش

تشجيع غربي لعودة الفوضى: الفصائل تخرق في حلب… والجيش يتابع تحشيداته

مقاتلو الفصائل المسلحة بالقرب من الطريق الدولي «M5» في منطقة الزربة (أ ف ب)

مقاتلو الفصائل المسلحة بالقرب من الطريق الدولي «M5» في منطقة الزربة (أ ف ب)


تابعت الفصائل المسلحة بمختلف تشكيلاتها الهجوم العنيف الذي تشنه على حلب، انطلاقاً من جهتها الغربية، تحت قيادة «أبو محمد الجولاني» (رجل القاعدة السابق)، وبمباركة تركية معلنة، ودعم عسكري غربي وإسرائيلي بدا واضحاً في ميدان القتال، من خلال الظهور المكثّف للطائرات المُسيّرة الفرنسية والعتاد الحديث، وكذلك عبر قصف تجمعات لحلفاء الجيش السوري في البوكمال على الحدود السورية العراقية بطائرات مجهولة، كما قال «المرصد السوري» المعارض، في حين رجحت مصادر أخرى أن تكون إسرائيلية. وامتدّ الهجوم الذي بدأ انطلاقاً من منطقة «خفض التصعيد» على تخوم ريف حلب الغربي، ليصل إلى مشارف مدينة حلب، التي تمكّن المسلّحون من التسلل إليها عبر خرق في جهتها الغربية، إلى بعض الأحياء، على وقع تكثيف إعلامي غير مسبوق، الأمر الذي تسبب بحالة من الفوضى في المدينة، التي عاشت ساعات صعبة قبل أن تتضح بعض معالم ما يجري على أرض الواقع.

ترى المصادر أن حالة الفوضى التي أحدثها الهجوم، تبعاً للهجوم الإعلامي المرافق له، لن تستمر طويلاً



وأكّدت مصادر ميدانية تحدّثت إلى «الأخبار» أن الفصائل المسلحة التي دخلت إلى منطقة حلب الجديدة قامت باستغلال حالة الفوضى التي خلقها الإعلام، على المستوى الشعبي، للتقدم إلى بعض المناطق والتقاط بعض الصور وتسجيل بعض الفيديوهات والانسحاب. كما قامت مجموعات بالدخول إلى بعض المساجد وإطلاق نداءات للمواطنين، في محاولة لخلق صورة حول فرض سيطرة كاملة على تلك الأحياء، وهو ما ظهر زيفه بعد ساعات قليلة من خلال تسجيلات قام نشاطون ببثّها من أحياء حلب، في محاولة لسد الفجوة التي خلقها عدم تكافؤ التغطية الإعلامية الرسمية مع حجم الضخ الإعلامي الذي تمارسه وسائل إعلام عربية عديدة تدعم المسلحين.
وإذ أكّدت المصادر استمرار وصول التعزيزات العسكرية، فهي أشارت إلى أن حجم القوات التي وصلت إلى حلب «كبيرة جداً، وأكبر من الحاجة إلى حماية المدينة وإبعاد المسلحين عنها فحسب»، الأمر الذي يؤكد العمل على ردة فعل كبيرة، خصوصاً بعد خرق المسلحين اتفاقية «خفض التصعيد». ويفتح ذلك الطريق أمام قوات الجيش السوري للوصول بعيداً في ريف حلب، وإدلب، وهو ما استدلّت عليه المصادر بـ«تأخر الرد في انتظار وضع الخطة المناسبة للتشكيلات العديدة التي وصلت إلى المدينة». ويذكّر ما تقدّم بسيناريوات سابقة في سوريا، سواء في ريف دمشق، أو في حلب نفسها عام 2016، وريفي حلب وإدلب عام 2020، عندما أطلق الجيش السوري عملية محكمة على محاور عديدة، انتهت بفتح طريق حلب – دمشق الدولي (M5) والتقدم نحو طريق حلب – اللاذقية (M4)، قبل أن يسافر الرئيس التركي، رجب طيب إردوغان، إلى موسكو ويطلب وقفاً للهجوم مقابل تعهدات بفتح الطريق، وهو ما لم يتم تنفيذه حتى الآن.
بدوره، أكّد الجيش السوري، في بيان، أن «القوات المسلحة تتابع عملها على جبهات ريفي حلب وإدلب في التصدي للهجوم الكبير الذي تشنه التنظيمات الإرهابية المسلحة»، مشيراً إلى أن هذه التنظيمات «تستعمل مختلف أنواع الأسلحة الثقيلة والمتوسطة إضافة إلى الطيران المُسيّر، وتعتمد على مجموعات كبيرة من المسلحين الإرهابيين الأجانب». وأوضح أن القوات السورية تمكنت من «تكبيد التنظيمات المهاجمة خسائر فادحة وأوقعت في صفوفها المئات من القتلى والمصابين من الإرهابيين. ودمّرت عشرات الآليات والعربات المدرّعة وتمكنت من إسقاط وتدمير سبع عشرة طائرة مُسيّرة»، مشدداً على أن «القوات المسلحة تتابع في تعزيز جميع النقاط على محاور الاشتباك المختلفة بالعتاد والجنود لمنع خروقات الإرهابيين على تلك المحاور وصد هجماتهم، وقد نجحت قواتنا في استعادة السيطرة على بعض النقاط التي شهدت خروقات خلال الساعات الماضية، وستواصل أعمالها القتالية حتى ردّهم على أعقابهم». كما حذّر، في الوقت نفسه، من «المعلومات المضلّلة التي تقوم التنظيمات بنشرها».
في المقابل، يؤكد الاستعمال المكثّف للطائرات المُسيّرة، سواء طائرات الاستطلاع أو المُسيّرات الانتحارية، في الهجمات الأخيرة، والتي شكّلت الفصائل مجموعة خاصة لها حملت اسم «الشاهين»، صحة التسريبات الإعلامية خلال الشهور الماضية حول تقديم أوكرانيا الدعم لتلك الفصائل المتشددة، بما بشمل طائرات مُسيّرة فرنسية، ضمن خطة موسّعة تستهدف المصالح الروسية في مناطق مختلفة من العالم. كذلك، يعرّي توحيد تركيا مختلف الفصائل، المتناحرة في ما بينها، الحجج السابقة لأنقرة حول عدم تحكّمها بالجماعات المسلحة. كما يفنّد البيان الأخير للخارجية التركية، والذي ادّعت فيه بأن التصعيد الأخير «غير مرغوب» فيه وفق تعبيرها، خصوصاً بعد أن حاولت تبرير هذه الهجمات باعتبارها «ردة فعل» على هجمات سابقة للجيشين السوري والروسي على إدلب.
وفيما نجح الهجوم الذي يقوده «الجولاني» تحت مسمى «غرفة العمليات العسكرية» – والتي تشارك فيها فصائل تابعة لـ«الجيش الوطني» الذي أنشأته تركيا في ريف حلب، وفصائل «هيئة تحرير الشام»، بما فيها الفصائل التركستانية والإيغورية -، حتى الآن، تبعاً للهجوم الإعلامي المرافق له، في خلق حالة من الفوضى على المستوى الشعبي في حلب، غير أن هذه الفوضى لن تستمر طويلاً، وفقاً للمصادر، وخصوصاً بعد البدء الفعلي لعمليات الجيش السوري. وقد تستمر هذه العمليات لفترة طويلة تبعاً للأهداف الكبيرة التي يتم الحديث عنها بشكل غير رسمي، والتي قد تضع الجيش السوري بمواجهة جديدة مع الجيش التركي الذي قام بتعزيز مواقعه في ريف إدلب، بحسب المصادر. أما عن الخرق الذي حصل في حلب، فترى المصادر أن المسلحين الذين دخلوا لن يتمكنوا من البقاء طويلاً بعد انطلاق عمليات الجيش، في ظل انقطاع طرق إمدادهم، الأمر الذي سيجبرهم على الانسحاب إلى المناطق الريفية، والتي من المنتظر أن تشهد معارك عنيفة.
ومساء أمس، أعلن «التلفزيون السوري» إلقاء القبض على «مجموعات إرهابية صوّرت مشاهد في عدد من أحياء حلب لتوحي بأن المجموعات الإرهابية سيطرت على تلك الأحياء»، فيما أخلى الجيش السوري قريتي نبل والزهراء في ريف حلب الشمالي للحفاظ على سلامة الأهالي، وفقاً لمصادر ميدانية.

الأخبار