قاسم يعلن “الإنتصار”… وإٍسرائيل تستمر بانتهاك الإتفاق


فيما يستمر العدو الإسرائيلي لليوم الرابع علي التوالي بمنع أهالي القرى الحدودية من العودة إلى قراهم، محدِّداً منطقة جنوب الليطاني كمنطقة عسكرية، حارماً سكان عشرات القرى التي تقع في هذه المنطقة من العودة إليها، تعتبر مصادر متابعة أن هذا المنع إلى جانب حوادث إطلاق النار المباشرة من قوات العدو على العائدين، خرق فاضح لاتفاق وقف إطلاق النار ويعرضّه للإهتزاز. 

وفيما كان أهالي منطقة جنوب الليطاني عالقون بين فكي كماشة التعنت الإسرائيلي، والتأخير بتشكيل اللجنة الدولية لمراقبة تطبيق اتفاق وقف إطلاق النار على الأرض وتأمين عودة سكان القرى الحدودية إلى ديارهم، أطلّ الأمين العام لحزب الله الشيخ نعيم قاسم ليعلن أنه أمام انتصار كبير يفوق انتصار تموز 2006 بسبب طول المدة والتضحيات الكبيرة، واصفاً صمود حزب الله على مدى الشهرين الماضيين بالأسطوري.

لكن اللافت في خطاب قاسم كان الإشادة بالجيش اللبناني وتشديده على العمل من أجل إعادة بناء الدولة من خلال التعاون على تطبيق الدستور وانتخاب رئيس للجمهورية، مؤكّداً أن موقف حزبه من هذا الاستحقاق لا يحتمل الجدل وهو مع عودة العمل إلى الحياة الدستورية.

العدو يتعنّت بوجه العائدين

ولا يزال العدو الاسرائيلي يختلق الأعذار الواهية لمنع عودة النازحين من بلدات حدودية، تارة بحجة وجود عناصر تنتمي الى حزب الله بين العائدين، وطوراً بأنه يرفض الانسحاب من المواقع التي يسيطر عليها الا بعد انقضاء مهلة 60 يوماً، بحسب ما نص عليه اتفاق وقف اطلاق النار، ونتيجته زيادة معاناة أبناء هذه القرى الذين نزحوا من العودة إلى قراهم ومدنهم، ما يجعل اتفاق وقف إطلاق النار على المحك، وبرسم الدول الموقّعة عليه خاصة الولايات المتحده الأميركية وفرنسا، كما أنه يطرح السؤال حول التأخير بتشكيل لجنة المراقبة المفترض أن تضم ممثلين عن الوﻻيات المتحدة وفرنسا ولبنان وإسرائيل وقوات اليونيفيل. فلقد أعلن الجيش الإسرائيلي استمرار تواجد قواته في جنوب لبنان بموجب اتفاق وقف إطلاق النار على حد زعمه، الذي تم التوصل اليه مع حزب الله. وأوضح الجيش الإسرائيلي في بيان رسمي ان التواجد الإسرائيلي مستمر في لبنان منذ دخول اتفاق وقف إطلاق النار حيز التنفيذ. وذلك بهدف سلامة دولة اسرائيل وسكانها.

مصادر أمنية أشارت عبر “الأنباء” الالكترونية إلى أن الوضع في الجنوب اليوم مختلف كلياً عن الوضع في حرب تموز 2006 لأن اسرائيل في هذه الحرب غيّرت خطتها التي قامت بها خلال حرب تموز أي قبل 18 سنة. في ذلك الوقت دفعت اسرائيل بآلياتها ودباباتها إلى عمق الأراضي اللبنانية بهدف اجتياح الجنوب ومحاصرة حزب الله والقضاء عليه. لكنها جوبهت بمقاومة شرسة من قبل حزب الله أدت الى احتراق وإعطاب معظم آلياتها المدرّعة وتحديداً دبابات الميركافا التي توغّلت في الجنوب. وقد اعترفت اسرائيل باحتراق 30 دبابة في معركة وادي الحجير وحدها، بالإضافة إلى قصف بارجة حربية قبالة العاصمة بيروت التي كانت تطلق مدافعها باتجاه الضاحية الجنوبية، ما اضطرت اسرائيل الى الانسحاب من لبنان فور الاعلان عن وقف النار. ولم تتمكن في ذلك الوقت من احتلال شبر واحد من الأراضي اللبنانية. 

وتضيف المصادر “إن الوضع اليوم مختلف تماماً، وان جيش الاحتلال تمكّن من التوغّل داخل الأراضي اللبنانية وهو يتمركز في عدة نقاط استراتيجية منها الخيام، وتل نحاس، وكفركلا، وهو موجود أيضاً على محور البياضة بنت جبيل شمع، أي انه يسيطر على معظم النقاط الإستراتيجية في منطقة الشريط الحدودي، ما يجعله يتحكّم بالوضع الميداني على طول الشريط الحدودي وهو بموجب اتفاق وقف إطلاق لن ينسحب من المواقع التي احتلها قبل 60 يوماً، لأن هذه المدة قد تسمح له التأكد من أمرين: خلو منطقة جنوب الليطاني من المسلحين التابعين لحزب الله. ومراقبة انتشار الجيش اللبناني وقوات اليونيفل على طول المنطقة الحدودية”. 

وتوقفت المصادر عند المواقف التي تصدر عن بعض نواب كتلة الوفاء للمقاومة وما تضمنته الإطلالة الاولى للامين العام لحزب الله وحديثهم المستمر عن النصر. 

واعتبرت بأنها رسائل محلية مرسلة بالدرجة الاولى الى بيئة حزب الله من أجل طمأنتهم وشد العصب. فهم أمام مرحلة جديدة ومن الضروري معرفة كيفية التعاطي معها. فالأمور مختلفة كلياً عما كانت عليه قبل السابع والعشرين من ايلول، اليوم أصبح الوضع مختلف كلياً. لكن ﻻ أحد ينكر أن حزب الله بقي صامداً بالرغم من حجم الخسائر التي مني بها. بدءا من هجوم البيجر الى استشهاد السيد حسن نصر الله والغارات المدمرة التي أعقبت ذلك. 

المصادر لفتت الى العدد الكبير من الصواريخ والمسيّرات الذكية التي أطلقت باتجاه الداخل الإسرائيلي  في الايام الثلاثة التي سببت الاعلان عن اتفاق وقف اطلاق النار.

نعيم قاسم

وفي إطلالته الاولى بعد اتفاق وقف اطلاق النار، وضع الامين العام لحزب الله الشيخ نعيم قاسم مجموعة عناوين للمرحلة المقبلة بدأها بتوجيه التحية لبيئة حزب الله والمقاتلين، مشددة على أن التضحيات التي بذلت هي السبب في تحقيق الانتصار الأكبر والأهم من الانتصار في تموز 2006.

وفي ما يتعلّق باتفاق وقف اطلاق النار، قال قاسم انه ليس معاهدة وليس اتفاقا جديدا يتطلب توقيع دول عليه بل هو برنامج اجراءات تنفيذية لها علاقة بتطبيق القرار 1701، مشيراً إلى ان التنسيق بين المقاومة والجيش سيكون على مستوى عال لتنفيذ القرار 1701 ونظرتنا اليه بانه جيش طني وعناصره هم ابناؤنا وسيقومون بحفظ الامن في لبنان وعلى الحدود. وان اتفاق وقف اطلاق النار هو تحت سقف سيادة لبنان ووافقنا عليه والمقاومة قوية في الميدان ورؤوسنا مرفوعة. واعداً بالإهتمام باكتمال عقد المؤسسات الدستورية وأولها انتخاب رئيس الجمهورية وعسى ان يتم ذلك في الموعد المحدد 9 كانون الثاني. وقال “سنتعاون ونتحاور مع كل القوى التي تريد بناء لبنان الواحد في اطار أتفاق الطائف. وسنصون الوحدة الوطنية والسيادة، والحفاظ على السلم الاهلي وتعزيز قدرة لبنان”.

مواقف

سارعت دولة قطر إلى الاعلان عن دعمها للبنان في إعادة الإعمار بعد وقف اطلاق النار، فيما دعا الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون الى وقف فوري لكل الاعمال التي تنتهك وقف اطلاق النار. 

ووصف ممثل المجموعة الأوروبية جوزيف بوريل الهدنة بالهشة لكنها على الاقل لن تجلب مزيداً من الموت والدمار، داعياً الى الذهاب إلى مجلس الأمن وطرح مشروع قرار بشأن المساعدات الانسانية لتجنب المآسي في غزة محمّلاً الجيش الإسرائيلي مسؤولية حرمان سكان غزة المحاصرين من المساعدات الانسانية.

الأنباء