باتل عند كلاسي : هم لصلح مع إسرائيل… وأنتم لا
حبيب شلوق
لا أعرف كيف تذكرت قصة قديمة تعود إلى 30 عاماً وتحديداً إلى عام 1994 أخبرني إياها يوماً صديقي رئيس مجلس إدارة “تيلي لوميار” ورفيقي في اللجنة الأسقفية لوسائل الإعلام جاك كلاسي. ففي ذلك العام عيّنت الولايات المتحدة الأميركية فنسنت باتل قائماً بأعمال السفارة في لبنان، بعد معاودة فتح السفارة في تشرين الثاني 1990 ولكن في عوكرعلى أثر إغلاقها في عين المريسة ــ بيـــروت بعد اعتداء عليها اسفر عن سقوط 11 قتيلاً و58 جريحاً .
عام 1994 كان باتل قائماً بالأعمال ويتصرّف كسفير ولما انتقل إلى عوكر وبات جاراً لدارة آل كلاسي،كتب له جاك :” سعادة السفير، أود التعرّف إليك على كأس ويسكي. أنا جاك كلاسي. والزيارة تقتصر على قطع الطريق وانا في البناء المقابل وهذا رقم الهاتف.
وبعد وقت قصير جاء الرد من السفارة :” بكرا عشية السفير عندك”.
ودرست الموضوع سريعاً وارتأيت عدم توسيع لائحة المدعوين حرصاً على خصوصية سفير أكبر دولة، وتوجّهت إلى بكركي وأطلعت البطريرك صفير على الدعوة متمنياً عليه المشاركة إلا أنه اعتذر وقال “المطران أبو جودة يمثلني (رحم الله الإثنين).
وفي الموعد المحدد وصل النائب البطريركي الأول في بكركي المطران أبو جوده والسفير باتل وكنا مع زوجتي ووالدي فخر كلاسي وأشقائي الثلاثةّ، وحرصنا على أن يكون العشاء “شغل البيت” حرصاً على سلامة السفير والمدعوين.
وسألت السفير ماذا تريد أن تشرب فأجاب :”ويسكي”.
وبدأ الحديث علماً أن باتل يتحدث العربية ، وبعد تقاعده سكن فترة طويلة في الأشرفية ولدى التعارف قال لـــه والدي فخــر كلاسي:”أنا فخر كلاسي”. فرد باتل سريعاً:”أنا منصور المعركة”( !!Vincent Battle)
وهنا سأله المطران أبو جوده الديبلوماسي المحنّك: ما هي مهمتك في لبنان؟
فرفع باتل محرمة ضيافة كانت تحت الكأس وقد زينتها ربة البيت بديكور (Décor) ترحيباً بالضيوف على شكل ثلاثي الطرف ، (Triangle) وكتب على أعلاها مسيحيون، وعلى الطرفين السفليين سنة وشيعة، ثم أدارها ليصبح الطرف الأعلى في الأسفل والطرفان السفليان في الأعلى ، وقال:” مهمتي هنا أن أقلب الـ Triangle فبادره أبو جودة: “يعني عم تقاصصونا لأننا علقنا؟”
فرد باتل : “كلا… أنتو ما عرفتوا تمضوا مع إسرائيل… (الرئيسان بشير الجميل وأمين الجميل بعد انتخاب الأول 1982 ورفض الثاني توقيع اتفاق 17 أيار 1983). وهودي رح يمضوا”.
وحاول المطران أبو جودة الدفاع عن الموقف المسيحي وتحدث عن تاريخ المسيحيين في لبنان وفاجأه بالقول :” انتو قلتو لأمين الجميل ما يوقع 17 أيار”. وهنا بلغ النقاش حداً قاسياً ، وبدا المطران أبو جوده في حد أكبر من العصبية، وقال للسفير:”الشرق شرق والغرب غرب، وما بعمرو الغرب فهم الشرق”، ووقف مريداً مغادرة اللقاء، إلا أن العائلة نجحت في تمنّيها عليه البقاء.
هو مزاج أميركي قديم وربما سوء تصرف مسيحي، واليوم يفاوض السني والشيعي في وقت لا يُسمح بانتخاب رئيس للجمهورية يكون فوق الجميع منذ شغور مركز الرئاسة في 31 تشرين الأول 2022.
وكما أمس كذلك اليوم، الأميركان يضغطون ورئيس مجلس النواب نبيه بري دعا إلى جلسة لانتخاب رئيس في 9 كانون الثاني 2025 المقبل لانتخاب رئيس .
هكذا يقول.
أما المسيحيون فعليهم أن يأخذوا دورهم الذي لا يعطيه لهم أحد.(الصورة باتل، أبو جوده، كلاسي).