استهداف البسطة بحجمه وتوقيته يشير إلى احتمالين لمسار الحرب:


الأول: التصعيد الذي يسبق اتفاق وقف إطلاق النار وهذا ما يفسر تسارع وتيرة الإستهدافات والمجازر في مختلف المناطق اللبنانية، وهذا التصعيد يهدف لبلوغ ثلاث غايات لخدمة الهدف الاستراتيجي أي تقليص قوة حزب الله العسكرية والسياسية والشعبية:
*إفراغ كل بنك الأهداف الإسرائيلي لضرب أهداف مركزية لحزب الله من قيادات عسكرية وأمنية ومراكز اجتماعية وصحية وخدماتية ومالية وبيئة لصيقة وحاضنة ومؤيدة
*المزيد من التدمير وارتكاب المجازر لتدفيع بيئة المقاومة أثماناً باهظة ورفع كلفة الحرب على لبنان البشرية والتدميرية والمالية والاقتصادية والنفسية والمعنوية والسياسية الى الحد الأعلى
*تحسين الموقف التفاوضي الإسرائيلي على وقع المفاوضات الدائرة على خطوط واشنطن – بيروت – تل أبيب وانتزاع أكبر حد ممكن من المكاسب الأمنية والعسكرية وربما السياسية في أي اتفاق لوقف إطلاق النار وفق قاعدة وزير الحرب السابق (التفاوض تحت النار)، وهذا ما يفسر الإصرار الجنوني للجيش الإسرائيلي بالدخول الى مدينة الخيام للوصول الى تخوم مجرى نهر الليطاني لإعلان “الإنتصار” في “تل أبيب”، وهذا ما يفسر في المقابل استبسال المقاومين طيلة يوم أمس لصد الهجمات والاختراقات باتجاه الخيام وبنت جبيل…
الاحتمال الثاني للتصعيد: تطبيق سيناريو غزة في لبنان مع بعض الفوارق.. تنفيذ خطط عسكرية برية وجوية في الجنوب والبقاع والضاحية وبيروت بناء على قرار أميركي – غربي بتنفيذ إسرائيلي للقضاء على حزب الله أو تقليص دوره للحد الأقصى كبوابة لإعادة بناء الشرق الأوسط الجديد وفق الرؤية الأميركية، لكن تحت ضباب عملية تفاوضية مخادعة عبر مناورات تفاوضية خداعة للتحكم بالحالة النفسية والعصبية للبنانيين من خلال التنويع بدس الأخبار الإيجابية والسلبية لمزيد من الإحباط وتدمير قدرة الصمود النفسية والمعنوية لهم، إضافة الى التسويف والمماطلة وتقطيع الوقت لمنح الإسرائيلي المزيد من الوقت…
مهما كانت السيناريوات فلا خيار لدى المقاومة سوى الاستمرار بالقتال وتعزيز صمود النازحين وتحصين الجبهة الداخلية والوحدة الوطنية… فإذا لمس الأميركي والإسرائيلي قدرة على تطبيق مشروعه فسيكمل حتى لو دفع كلفة إضافية، أما اذا وجد أن المشروع لا يتحقق وباتت الحرب عبئاً مع ارتفاع الكلفة فحينها سيذهب الى اتفاق بأفضل الشروط له وسيكتفي بما تحقق وما يمكن أن ينتزعه من مكاسب تحت النار في ربع الساعة الأخير.
إنها أيام وأسابيع حاسمة سترسم مشهد لبنان والمنطقة…
الكاتب السياسي محمد حمية