المجلس المذهبي: تاريخ طائفتنا وعلاقاتها الوطنية لن يشوّهه “تقرير فتنة”
صدر عن المكتب الاعلامي في المجلس المذهبي لطائفة الموحدين الدروز البيان التالي:
بينما يقوم العدو الإسرائيلي بحربه الوحشية والهمجية على لبنان، ويرتكب ما يرتكبه من فظاعات ومجازر بشرية وتدمير ممنهج ومسح وازالة قرى واحياء بكاملها، بالتزامن مع بث إعلامه ودعاياته ما يهدف الى محاولة زرع الفتن والشقاق بين اللبنانيين. تنبري بعض قنوات تلفزيونية لإعداد وبث تقارير “فتنوية” خطيرة، تشكل جزءا من مخططات تلك الحرب.
ان المكتب الاعلامي الذي كان اصدر قبل يومين بيانا، نوه فيه بالحلقات والبرامج التلفزيونية المدركة لمسؤوليتها المهنية والوطنية، فيما تقتضيه المرحلة الحرجة الراهنة من نقاشات راقية، يتم التأكيد فيها على التضامن الداخلي الذي يحتاجه الوطن رفضاً لملاقاة العدو في ما يريد.
أطلت علينا قناة “سبوت شوت” بتقرير تلفزيوني، تحت عنوان: “هناك من يحضّر لتفجير برميل البارود الدرزي الشيعي؟ ودروز اسرائيل يزحفون الى لبنان ويحضّرون لفتنة كبيرة بوجه المستوطنات الشيعية، الخ…”، وان ما سيسرده التقرير خطير جدًا…والتحذير الأخير! …”.
ان المكتب الاعلامي الذي تابع التقرير “الخطير جدا” بالفعل، كما التحذيري على شاكلة رسائل الحرب الاسرائيلية، هاله جدا تلقف جهات داخلية لتلك الرسائل، بما انطوى عليه التقرير المذكور، من محاولة مكشوفة، لاشعال الفتنة الطائفية بين طائفة الموحدين الدروز والطائفة الشيعية الكريمة أولاً، وبين الدروز انفسهم ثانياً.
ان اخطر ما تناوله “التقرير الشؤم” هو التحريض المتعمد وتزييف الحقائق، فيما يخدم الاهداف الخبيثه، لإيقاع الفتنة بين الدروز وابناء جلدتهم في الوطن، لمجرد استقبال اخوانهم من الطائفة الشيعية الكريمة كضيوف مكرّمين، بعد تهجيرهم قسرا من مناطقهم، وذلك وفقا لتقاليد ابناء الجبل، وتمسكهم بقيم الضيافة والاصالة والتكافل الاجتماعي والتآزر الانساني والنهج الوطني العام. وبالتأكيد، لا توجد مستوطنات شيعية في الجبل ولن تكون ابدا، وهو ما أعلنه جميع المسؤولين المعنيين في الطائفة والدولة، بعكس العقل الصهيوني الممعن في اغتصابه ارض فلسطين ومضاعفة اطماعه ببناء عشرات المستوطنات عليها.
اما محاولة “التقرير الفتنة” التحريض بموضوع توقيف سيارتين تابعتين للمقاومة في كل من قضاءي راشيا وعاليه، فقد اغفل التقرير ان الامر قد عولج فوراً من قبل الأجهزة المختصة في الدولة، وان الاستهداف الذي طال مبنى في ضهور العبادية يملكه شيعي هو واحد من عشرات ومئات الاهداف التي طالها العدوان، الذي لم يوّفر في غاراته معظم المناطق اللبنانية، وكذلك بالنسبة للسيارات المستهدفة على طريق الكحالة، وربما تناسى البعض بان الطريق دولي وعام .
وفيما يتعلق بالطائفة المعروفية، التي جاء هذا التقرير عقب اجتماع قياداتها الروحية والسياسية قبل فترة وجيزة في بعذران، بما تركته المواقف المعلنة في اللقاء من أثر ايجابي وعُدّت خريطة طريق للحاضر والمستقبل، لجهة ما أوصى به اللقاء من ثوابت لا يفقهها سوى من هم على درجة كافية من الوعي الوطني والادراك الخُلُقي والإنساني، بعكس من أعدّ التقرير الآنف الذكر، وبما خلص اليه من تأكيد على مرجعية الدولة ومؤسساتها الرسمية والثقة بالجيش وسائر الاجهزة الأمنية، في معالجة اي خلل إذا ما حصل بين المقيم والمهجر وسوى ذلك.
إن الطائفة التي لا تخجل بتاريخها وحاضرها ومستقبلها باذن الله تعالى قد اعتادت عبر هذا التاريخ الناصع الطويل تلقّي السهام من ضعفاء النفوس، ممن يحملون الافكار الحاقدة والهدّامة، الذين يضيرهم ان تلتقي المرجعيات الروحية وزعامات الطائفة ومشايخها على كلمة واحدة وتفاهم على مصير مشترك إبّان الملمّات والكبوات، كنموذج يُحتذى تتمناه الطائفة لكل أقرانها، تحت مظلة وطنية لبنانية واحدة…فمن لا يعرف “طبق النحاس” فكيف له ان يدرك معانيه جيدا… ومن يغفل دور الزعيم الوطني الكبير الاستاذ وليد جنبلاط الذي ذكره التقرير على نحو مخالف لكل مسيرته السياسية والوطنية المشرّفة، فهو لا يفقه شيئاً من حرصه على عشيرته المعروفية خصوصا ولبنان عموما، وما قدمته العائلة الجنبلاطية من تضحيات في هذا الصدد. وللتذكير بان لقاء بعذران كان بدعوة شخصية منه، فليس من عتب على اوهام اصحاب تلك الأفكار النتنة الذين لا يستحقون سوى الشفقة عليهم.
اما اختيار مصطلح “زحف دروز اسرائيل…والشيخ موفق طريف، فنربأ بهؤلاء اللاهثين خلف الفتنة، بان يعوا تماما بان دروز لبنان انما يقدّرون جيدا واقع دروز فلسطين من عرب ١٩٤٨، في معالجتهم التحديات التي تواجههم بالحكمة والوعي الكافيين، ويتطلّعون معهم الى اقتداء اثر نهج السلف الصالح، الذي كان ولا يزال منطلقه عروبياً، وبعيداً كل البعد عن الفكر الصهيوني ومخططاته الجهنميّة.
وعليه، يتبادر الى الذهن السؤال التالي: هل وراء التقرير الإعلامي المذكور وهذا التجييش الدائم للفتنة، تقاطع مصالح مع العدو الإسرائيلي؟! لربما ذلك، وبكل الاحوال فان المكتب الاعلامي في المجلس المذهبي يدعو الجهات المختصة من وزارة الاعلام والمجلس الوطني للاعلام الى محاسبة قناة الفتنة المسماة “سبوت شوت”.
واخيرا، وبعدما دأبت تلك القناة على نشر وتلفيق الاخبار المفبركة، فان المجلس المذهبي يحتفظ بحقه بتقديم شكوى قضائية وقانونية ضدها، اذا ما اقتضى الامر ذلك.