المسيحيّون في لبنان… بالأرقام!

8

أ

ا

تغيّرت نسبة الوجود المسيحيّ في لبنان عبر التّاريخ، بين الارتفاع والانخفاض، إلا أنّ الأكيد، أنّ هذا الوجود لا يزال ثابتاً ومترسّخاً، وأنّ المسيحيّين لم ينتهوا في لبنان رغم كلّ الأزمات، بل على العكس، هم موجودون في كلّ مكان، وهذا ما تُثبته الأرقام.
 
ممّا لا شكّ فيه أنّ عدد المسيحيّين تناقص عبر السّنين، بسبب الحروب التي دفعتهم إلى الهجرة، لا سيّما في الـ 1975 و1978 و1982 و1989، إلا أنّ الضّربة القاضية كانت عام 1994، مع إصدار مرسوم التّجنيس.
لكن، رغم ما سبق، لا يزال حجم القاطنين من المسيحيّين في لبنان مقبولاً، رغم هجرة عدد كبير منهم بسبب الأوضاع، لا سيّما منذ عام 2019، وبالتّالي، هم قادرون على أن يكونوا فعّالين في السّلطة، إذ أنّهم يتوزّعون على مختلف المناطق اللّبنانيّة، من الشّمال حتّى الجنوب، وصولاً إلى البقاع.
يكشف مدير عام “ستاتيستيكس ليبانون” ربيع الهبر أنّ 45 في المئة من الأراضي في لبنان هي للمسيحيّين، فيما 55 في المئة هي للمسلمين.
من جهة أخرى، لدى الأوقاف المسيحيّة حوالى 81 في المئة من مجموع أراضي الأوقاف، فيما 19 في المئة تابعة للأوقاف الإسلاميّة، إلا أنّ اللافت، أنّ جزءاً كبيراً من أراضي الأوقاف المسيحيّة “مُحتلّ”، فعلى سبيل المثال، مخيّمات عين الحلوة والرّشيديّة والميّة وميّة، ومنطقة السان سيمون، غالبيّتها تابعة لأوقافٍ مسيحيّة.
بدوره، يؤكّد رئيس مؤسّسة “لابورا” الأب طوني خضرا أنّ 16 مليون متر في البقاع تابعة للمسيحيّين يُسيطر عليها الشّيعة بغالبيّتها.
ماذا عن الحضور المسيحيّ في إدارات الدّولة؟ يُفنّد خضرا هذا الحضور بالأرقام، كاشفاً أنّ، في حزيران 2019، بلغت نسبة الموظّفين المسيحيّين في إدارات الدّولة حوالى 34,8 في المئة، 36 في المئة منهم في المؤسّسات المدنيّة، و31 في المئة في المؤسّسات العسكريّة.
أمّا عام 2024، فقد بلغ مجموع الموظّفين العسكريّين 124827، 85217 منهم من المسلمين (68,20 في المئة)، و39610 منهم من المسيحيّين (31,80 في المئة)، فيما بلغ مجموع الموظّفين المدنيّين في إدارات الدّولة 214259، 157756 منهم من المسلمين (73 في المئة)، و56503 منهم من المسيحيّين (27 في المئة). إذاً، بلغ المعدّل العامّ للموظّفين المسيحيّين 31 في المئة.
وبين 2019 و2024، إنضمّ حوالى 7000 موظّف إضافيّ إلى إدارات الدّولة رغم هجرة عدد كبير من المسيحيّين خلال هذه الفترة.
 
من جهته، يُفنّد الهبر لوائح شطب المسجّلين في لبنان، فيُشير إلى أنّ الوضع بين 2010 و2014، كان أسوأ ممّا هو عليه اليوم.
في دائرة البقاع الغربيّ، كان هناك 20.223 مسيحيّاً يُقابلهم 61.588 مسلماً، أي أنّ الفارق بينهما 6,58 في المئة لمصلحة المسلمين، لأنّ عدد المسيحيين زاد 488 (2,39 في المئة) بينما زاد عدد المسلمين 5492 (8,93 في المئة).
في الهرمل، المسيحيّون زادوا 45 (7,55 في المئة)، أمّا المسلمون فزادوا 4334 (10,15 في المئة).
في بعلبك، المسيحيّون زادوا 2316 (6,19 في المئة)، أمّا المسلمون فزادوا 20786 (11,37 في المئة).
في صور، المسيحيّون تراجعوا بنسبة 1,22 في المئة، أمّا المسلمون فزادوا بنسبة 7,25 في المئة.
في صيدا، المسيحيّون زادوا 3,93 في المئة ، أمّا المسلمون فزادوا 10,86 في المئة.

وبين الـ 2010 و2022، بلغ مجموع المسيحيّين 1.367.976، ففي عام 2010 بلغ عددهم 1.275.723، وزادوا بنسبة 7,23 في المئة عام حتّى عام 2022.
أمّا المسلمون، فقد بلغ عددهم عام 2010، حوالى 214719، فيما أصبح عددهم عام 2022، 2594572، أي أنّ عددهم ارتفع بنسبة 28,80 في المئة.
الأكيد أنّ هذا الفارق كبير جدّاً، ممّا يستدعي وضع خطّة على المدى البعيد لمعالجة هذا الخلل، حفاظاً على خصوصيّة لبنان.
وفي النّهاية، يلفت الأب خضرا إلى مشكلة مهمّة تكمن في أنّ موظّفي ثلاث دوائر في الدّولة، هم من الشّيعة فقط، ففي وزارة الأشغال العامّة والنّقل، مثلاً، 5 مدراء عامين من الطّائفة الشّيعيّة، كما يلفت إلى مشكلة أخرى، وهي أنّ المسيحيّين يدفعون 60 في المئة من الموازنة لكنّهم يستفيدون منها بنسبة 11,8 في المئة فقط.
 
إذاً، على الدّولة والكنيسة العمل معاً، لترسيخ الوجود المسيحيّ في إدارات الدّولة أوّلاً، من أجل ترسيخه في الوطن، فالكنيسة لا تستطيع أن تحلّ مكان الدّولة، بل الأمر يتطلّب تعاوناً بينهما لإيجاد الحلّ المُناسب.