نعيم قاسم على رأس “الحزب”.. مرحلة انتقالية لا تعوّض غياب نصرالله
أمين القصيفي
ما كان بالإمكان أن يستمر “الحزب” في مرحلة “القيادة من دون رأس” طويلاً، أو في وضعية “القيادة الجماعية” التي لا تتحمّلها أو تستوعبها أو تتقبّلها قواعد حزب حديديّ “تأدلجت” على نمط “القبضة المحكمة” أو “النظام الصارم” المستوحى من “النهج الستاليني” بأوسع مدى، مهما اجتهدت قيادة “الحزب” في إعطاء انطباع مختلف وأكثرت من مجالس الشورى والقيادة والهيئات الناظمة. قواعد “الحزب” لا تعنيها كل هذه العناوين، بعدما ترسّخت صورة الرأس والقائد في وجدانها، خصوصاً مع أمينه العام الراحل السيد نصرالله على مدى أكثر من ثلاثين عاماً، وهي لا تحتمل مشهد الفراغ في “موقع الرأس” ولا تستسيغ مفهوم “قيادة جماعية” لم تألفها، وبالأخص في زمن النكبة أو النكسة والقلق على المصير الذي تعيشه اليوم بظل الظروف المعروفة.
كان لا بدّ من طمأنة قواعد “الحزب” وإعطائها جرعة معنويات وتهدئة خواطرها وهواجسها، بظل ما أصابه ويصيبه من ضربات قاسمة قاسية ترسم علامات استفهام كثيرة حول مستقبله، فاتُخذ القرار بملء الفراغ، و”توافق” شورى “الحزب” على انتخاب الشيخ نعيم قاسم، نائب الأمين العام للحزب منذ العام 1991، أميناً عاماً جديداً خلفاً للسيد نصرالله. لكن هل يُهدِّئ انتخاب قاسم هواجس القواعد ويُطمئنها؟، هل يمكنه ملء فراغ وغياب قائد بحجم السيد نصرالله؟، وهل يعكس انتخابه فعلاً صورة “الحزب” المتماسك الذي نجح في استيعاب الضربات وأعاد الإمساك بوضعيته، أم هو مجرد ملء فراغ مؤقت بانتظار ما ستفرزه الأحداث والتطورات من وقائع تؤسّس للمرحلة المقبلة؟.
المحلل السياسي علي الأمين، يرى أنه “كان من المنتظر أن يتم تعيين أمين عام لـ”الحزب”، وباعتقاده أن “تعيين الشيخ نعيم قاسم يعكس نوعاً من المرحلة الانتقالية، أكثر ممّا هي مرحلة تعيين ثابت ودائم. فالآن “الحزب” من دون أمين عام، والطريقة الأسهل لملء هذا المنصب هو تعيين قاسم. فلو افترضنا أننا كنا في ظروف مختلفة، أعتقد أن نعيم قاسم ما كان ليعيّن كأمين عام للحزب ولاختلفت الأمور ربما، لكن كونه نائب الأمين العام وفي ظل الظرف الراهن القائم اليوم، كانت الوسيلة الأقل كلفة، والميسّرة كما يقال، أن يتمّ تعيينه أميناً عاماً للحزب”.
الأمين يعتبر، في حديث إلى موقع القوات اللبنانية الإلكتروني، أن “هذا التعيين إجراء إداري روتيني، أكثر ممّا يعكس نوعاً من التوجه والخيارات. لأنه في لحظة الإرباك والتشتت الراهنة وتصدّع القيادة داخل “الحزب”، كان لا من إجراء سريع، وهو أن يُملأ هذا المنصب لإعطاء صورة بأن “الحزب” لا زال في وضعية القادر على أن يختار وينتخب أميناً عاماً”.
يضيف: “هي خطوة أتت بشكل تلبية لحاجة سريعة، أكثر ممّا هي تعكس رؤية وتخطيطاً للمرحلة المستقبلية، لذلك هي أشبه بمرحلة انتقالية منها إلى مرحلة يمكن أن نقول عنها إنها واضحة المعالم بالنسبة للحزب وتعكس توجّهات معينة أو تغييراً أو لا، ليست كذلك، بل هي ملء فراغ بما أمكن بانتظار انجلاء غبار المعركة في وقت ومرحلة لاحقة، ستشهد بطبيعة الحال إعادة ترتيب أوضاع “الحزب” الداخلية والتي برأيي هي مفتوحة على احتمالات عدة، لكن ما يقرّرها هو كيف ستقف المعركة وكيف ستنتهي الحرب وعلى أي أسس وعلى أي قواعد ستنتهي؟”.
“أي بمعنى، هل سيكون “الحزب” حزباً مقاوماً كما كان عليه الحال قبل 8 أكتوبر 2023، أم لا، “الحزب” سيتغيّر وسيكون لديه أولويات مختلفة؟. بالتالي طالما أن الأمور ليست محسومة وواضحة حتى الآن، يمكننا أن نرى تعيين نعيم قاسم في منصب أمين عام “الحزب”، هو أشبه بمرحلة انتقالية منه إلى كونه يؤسّس لمرحلة جديدة”، يختم الأمين.