«الأخـبـار» والـسـفـارة الأمـيـركـيـة وقـائـد الـجـيـش
🖇️
موقفنا من المقاومين الذين يدافعون عن الأرض في كل لحظة، فستبقى «الأخبار» صوتهم وظلّهم مهما تكالب عليها الأعداء في الداخل والخارج!
بعد صدور «الأخبار»، صيف عام 2006، زارتنا موظّفة لبنانية تعمل في السفارة الأميركية في بيروت، حاملةً أسئلة عامة.
وقالت إنها مكلّفة بأن تعرف ما إذا كان تمويل الجريدة مصدره «تنظيمات تعتبرها الولايات المتحدة إرهابية».
يومها، مازح الراحل جوزيف سماحة الضيفة قائلاً: «اكتبي عندك:
رئيس مجلس الإدارة هو هيوغو شافيز والمدير العام هو أحمدي نجاد». ضحكت المندوبة وجمعت أوراقها وذهبت.
عام 2010، نشرت «نيويورك تايمز» تحقيقاً عن «الأخبار»، ورداً على سؤال من الصحافي حول موقف الجريدة من الولايات المتحدة، كان جوابنا:
«أردنا أن يستيقظ السفير الأميركي في الصباح، ويقرأها فينزعج».
رداً على ذلك، كتب جيفري فيلتمان الذي كان سفيراً لواشنطن في بيروت آنذاك، رسالة إلى «نيويورك تايمز»، قائلاً:
إنه حاول التواصل مع إدارة المؤسسة «لكنهم رفضوا»، متهماً الجريدة بنشر أخبار كاذبة عن أنشطته في لبنان.
طبعاً، كنا قد قررنا في الجريدة أن لا نقيّم أي نوع من العلاقات مع السفارة الأميركية.
ولم نكن نشعر يوماً بأي حاجة مهنية إلى الاجتماع بأي مسؤول أميركي.
علماً أنه بعد دخولنا في شراكة مع مؤسس موقع «ويكيليكس» جوليان أسانج، أخذ الاهتمام الأميركي بالجريدة سياقاً مختلفاً.
وتعزّز ذلك بعدما واظبت «الأخبار» على نشر وثائق دبلوماسية تفضح الدور الذي تقوم به دول كبيرة ضد شعوب المنطقة.
بعد «طوفان الأقصى»، سارع عاملون في السفارة الأميركية، وزملاء لهم في سفارات موجودة في دول مجاورة…
بما في ذلك سفارة الولايات المتحدة في كيان العدو، إلى تقصّي المعلومات حول مصادر «الأخبار»، خصوصاً عن خططهم في قطاع غزة، إلى جانب ما يقومون به في لبنان.
وكان الأميركيون يردّدون ما يقوله الصهاينة عن أن «الأخبار» منصة تستخدمها حماس والجهاد الإسلامي وأنصار الله، إضافة إلى حزب الله.
ولا نحتاج، هنا، إلى نشر كل ما نعرفه عن أشكال «الاهتمام» الأميركي بالجريدة.
لكن حصل، قبل بضعة أشهر، أن وصلتنا رسائل عبر البريد المضمون، مصدرها وزارة الخزانة الأميركية، تسألنا عن أي علاقة عمل تربطنا بشركات أميركية.
والجميع يعرف أننا في «الاخبار»، تابعنا على مرّ السنوات السابقة، أنواع التدخل الأميركي في الشؤون الداخلية، مع تدقيق في «وصاية» أميركية على الجيش اللبناني.
خصوصاً من قبل فريق أمني وآخر من المستشارين العسكريين الذين يتحركون في مواقع عسكرية تابعة للجيش.
وقد نشرت «الأخبار» جزءاً يسيراً من المعلومات حول تعزيز الفريق الأمني للسفارة في بيروت أخيراً..،
وبعض التفاصيل عن جولات تفقّدية قام بها الأميركيون لمواقع في مطار بيروت ومرافق أخرى، بحجة التثبّت من أنها لا تُستخدم من قبل حزب الله.
هنا، يجب لفت الانتباه إلى بعض المجريات ومنها:
يبدي فريق قائد الجيش العماد جوزيف عون امتعاضاً من «الأخبار».
ويقول إن ما ننشره عن إدارته للمؤسسة العسكرية وتجاوزه للقوانين وخلافاته المستمرة مع وزراء الدفاع المتعاقبين، هدفه النيل منه كمرشح لرئاسة الجمهورية.
وسبق لقائد الجيش أن تواصل مع حزب الله لسؤاله عمّا إذا كان ما يُنشر في «الأخبار» يعبّر عن موقف الحزب.
وبعد طول وقت، قرّر الرجل ومعاونون له أن لا علاقة للحزب بما تنشره «الأخبار»، ونسبوا الأمر إلى خصوم عون من السياسيين، مع تركيز على النائب جبران باسيل.
علماً أن قائد الجيش يعرف تماماً أن ما نشرناه وننشره منذ سنوات طويلة من ملفات وتحقيقات ومقالات تتناول سلوكه بالنقد، لم يكن خارج الانقسام السياسي القائم في البلاد.
إلا إذا كان يصدّق فعلاً أن اللبنانيين جميعاً يصلّون ليلَ نهارَ ليكون هو الرئيس المنقذ للبنان.
ومع ذلك، لم يبدِ قائد الجيش ردود فعل استثنائية. لكنّ اللافت ما تسرّب قبل فترة وجيزة عن أنه تحدّث في أمر «الأخبار» مع «رجال السفارة الأميركية».
أبدت السفيرة الأميركية ليزا جونسون وفريقها في السفارة استياء من التقارير التي نشرتها «الأخبار» عن دور بلادها في الحرب.
وخصوصاً المعطيات حول احتمال ضلوع فريق من الاستخبارات الأميركية في محاولة اغتيال القيادي في حزب الله الحاج وفيق صفا.
وقد طلبت السفيرة من بعض «الأصدقاء» اللبنانيين شنّ حملة على «الأخبار»، واعتبار ما نُشر تحريضاً ضد السفارة.
يبدو أن «صيصان السفارة» تحمّسوا كثيراً للحرب، ويتصرف هؤلاء على أن لبنان يتقدّم نحو «الزمن الأميركي – الإسرائيلي» الكامل.
ما دفع أحد الصيصان إلى القول في مقابلة إن «أيام الأخبار معدودة»، وتفاخر «الصوص» إياه لاحقاً بأن لديه معلومات حول إجراءات ستُسكت «الأخبار».
ليتبيّن لاحقاً أن نقاشاً جرى بين أركان السفارة، ومساعدين لقائد الجيش، تبعه رسائل تهديد وصلتنا عن طريق «جماعة السفارة»…
بأن واشنطن تدرس اقتراحاً بإدراج «الأخبار» على لائحة العقوبات الأميركية، وأنهم يبحثون عن الذريعة…
سواء لجهة أنها «تحرّض على الكراهية ومعاداة السامية وتدعم المنظمات الإرهابية»، أو الذهاب إلى القول إن الجريدة «تهدّد وتحرّض ضد المصالح الأميركية في لبنان والمنطقة».
سبق أن تعرّض موقع «الأخبار» الإلكتروني مرات عدة لعمليات قرصنة، وكان الأمر يتم على يد مجموعات إجرامية منتشرة في كل العالم.
لكنّ الأدلة أظهرت أن جهات محترفة هي من تقوم بالعمل.
ومع الإشارة إلى تحقيقات استقصائية عالمية نُشرت قبل أعوام، كشفت عن قيام دول بزرع أجهزة تجسس في هواتف إعلاميين لبنانيين، بينهم إعلاميون من «الأخبار»
فقد وصلتنا رسائل «لفت انتباه» مطلع هذا الشهر من احتمال أن يكون موقعنا هدفاً لهجمات ضخمة تقودها فرق تابعة للاستخبارات الإسرائيلية.
وهذا ما حصل عندما تعرّض موقع «الأخبار» والخوادم لهجوم غير عادي في السابع من الشهر الجاري، باستخدام وسائل تقنية يبدو أنها متوافرة لدى جهات دولتية وليس لدى هواة أو عصابات إجرامية.
بناءً على ما تقدّم، وربطاً بالتجربة المريرة للإعلام اللبناني والعربي مع القمع الذي تقوم به السلطات في هذه الدول.
وربطاً بالحرب المجنونة التي يشنّها العدو وارتكابه عمليات إجرامية ضد الجسم الإعلامي في فلسطين أو في لبنان.
وطالما أن الأميركيين يتّكلون على غيرهم في كثير من الأعمال القذرة، وجب علينا قول الآتي:
- أولاً، تحمّل إدارة «الأخبار» السفارة الأميركية في بيروت، بكل طواقمها، المسؤولية المباشرة والكاملة عن أي ضرر يصيب الجريدة، من مكاتبها إلى فريقها الصحافي وإدارتها، وصولاً إلى أدوات الإنتاج الخاصة بها.
وتشمل مسؤولية السفارة الأميركية أيّ عمل يمكن أن يقوم به العدو الإسرائيلي ضد «الأخبار».
- ثانياً، تقع على عاتق قائد الجيش العماد جوزيف عون شخصياً مسؤولية لجم السفارة الأميركية ومنعها من أي عمل يتسبب بأضرار جسدية ومادية للعاملين في «الأخبار»…
لأن فريقه شارك في نقاشات تتعلق بما يمكن القيام به لوقف انتقادات «الأخبار».
- ثالثاً، يُفترض بجميع المهتمين أو العاملين على إسكاتنا، معرفة أن نموذج الإعلام الذي يريدون تعميمه نعرفه جيداً.
وأبرز مثال عليه ما تقوم به قناة MTV التي باتت تفتقر إلى أدنى الشروط المهنية في العمل، عدا الإدانات القضائية الصادرة بحق إدارتها نتيجة أعمال سرقة للمال العام.
- رابعاً، إذا كان هدف كل هؤلاء محاولة إبعادنا عن خيار المقاومة الشاملة ضد العدو الإسرائيلي والهيمنة الأميركية…
فإنه واهم من يعتقد أن في مقدوره تحقيق هذا الهدف، أو منعنا من مواجهة وفضح كل أشكال التدخل الأميركي والبريطاني والألماني والسعودي والإماراتي في لبنان.
أما لجهة موقفنا من المقاومين الذين يدافعون عن الأرض في كل لحظة، فستبقى «الأخبار» صوتهم وظلّهم مهما تكالب عليها الأعداء في الداخل والخارج!
الأخبار