هوكشتاين عرض شروط وقف الحرب.. ” Take It or Leave It”

أمين القصيفي

زيارة الموفد الأميركي الرئاسي آموس هوكشتاين هذه المرة إلى بيروت، لم تكن كسابقاتها، لا في الشكل ولا في الجوهر. العلامات الفارقة و”الكلمات ـ المفاتيح” التي رافقت زيارته وأعلنها بوضوح شديد أمام وسائل الإعلام في ختام زيارته، التقطها معظم المراقبين والمتابعين الذين لمسوا مدى خطورة وجدّية الرسائل التي أوصلها هوكشتاين إلى المسؤولين الذين التقاهم، والتي لم يترك من خلالها مجالاً للمناورة أو الاجتهاد في تفسيرها حيال الشروط الموضوعية اللازمة لوقف الحرب والالتزام الحرفيّ بالقرار 1701. علماً أنه بالتزامن مع زيارة هوكشتاين، كان الأمين العام لجامعة الدول العربية أحمد أبو الغيط يحطّ في بيروت ويلتقي المسؤولين المعنيين، ليوصل رسالة لا تقل وضوحاً وصراحة عن رسائل هوكشتاين، ما يعني أن هناك تفاهماً وتنسيقاً دولياً عربياً حول كيفية وقف الحرب وخروج لبنان من هذا الأتون الحارق المدمّر، وضمان عدم تجدُّد الحرب في المستقبل.

مصدر سياسي مطلع واكب زيارة هوكشتاين، يوضح عبر موقع القوات اللبنانية الإلكتروني، أن “الموفد الرئاسي الأميركي أتى ليقول بشكل واضح للمسؤولين اللبنانيين المعنيين، الجملة المفتاح الأهم، “خرجت الأوضاع عن السيطرة”. بمعنى أنه لم يعد بإمكاننا فعل شيء، وحين كان لا يزال باستطاعتنا أن نفعل وكانت هناك فرص، تمَّ تبديدها بسبب تمسّك “الحزب” بربط جبهة الجنوب بجبهة غزة”.

يضيف: “هوكشتاين أبلغ رسالته بوضوح شديد، بأنه كانت هناك إمكانية وفرصة، أما وقد انزلقت الأمور إلى ما كنّا حذّرنا مراراً وتكراراً منه طوال الأشهر الماضية، أي إلى الحرب الواسعة، فاليوم خرجت الأمور عن السيطرة. أي كان لدينا فرصة للوصول إلى اتفاق، لكن كل الفرص بُدِّدت بسبب تمسّك “الحزب” بربط الجبهات من الجنوب إلى غزة”.

بالتالي، يتابع المصدر: “اليوم خرجت الأوضاع عن السيطرة، الإدارة الأميركية على مسافة أسبوعين من الانتخابات الرئاسية، إسرائيل تشعر بنشوة النصر بعد اغتيال السيد نصرالله ورئيس حركة ح يحيي السنوار، وإمكانية ضبط الواقع اليوم، بالطرق السابقة، أصبحت صعبة”.

المصدر ذاته يرى، أن “الجملة الثانية المهمة التي قالها هوكشتاين، هي أن “التزام الطرفين الكلامي بالـ1701 لم يعد كافياً، فالقرار 1701 بحدِّ ذاته جيّد، لكنه لم يُطبَّق. بالتالي علينا اليوم أن نرى كيفية تطبيق هذا القرار، لأنه لا يمكن لأي طرف من الأطراف أن يقبل بالعودة إلى الواقع الذي كنّا فيه في العام 2006 بقرار لم يُطبَّق، لذلك هناك آليات يجب بحثها للتشدد في تطبيق الـ1701، من أجل منع تجدُّد الحرب في أي وقت لاحقاً”.

“هنا كانت الجملة المفتاح الثانية التي قالها هوكشتاين”، يستطرد المصدر نفسه، “أي أنه بالنسبة للأميركيين، نحن نعمل على صيغة لإنهاء الصراع إلى الأبد. فماذا يعني إنهاء الصراع إلى الأبد؟، يعني رفض أن يبقى لبنان منصّة متقدّمة لإيران وساحة مستباحة للمشروع الإيراني، أي يجب تطبيق الـ1701 بشكل حرفيّ”، لافتاً إلى أن “هذا ما أكده أيضاً أبو الغيط، الذي قال إن “القرار 1701 محوريّ وينبغي تنفيذه حرفيّاً”، أي بكل بنوده، أي الـ1559 والـ1680، ما يعني التشدد أولاً بضبط الحدود والمعابر بين لبنان وسوريا، أي وجود قوات دولية عليها، ثانياً ألا يكون هناك سلاح خارج سلاح الجيش والقوى الأمنية على كل الأراضي اللبنانية، ثالثاً عدم وجود “الحزب” بأي شكل من الأشكال في منطقة جنوب الليطاني”.

المصدر عينه، يلفت، إلى أن “هوكشتاين بالإضافة إلى أبو الغيط، أوضحا أنه لا يمكن الاتكال على الآليات السابقة التي ثبُت أنها لم تؤدِّ نتيجتها، وبالتالي يجب البحث في آليات أخرى لتطبيق القرار 1701، أي ربما قوات دولية جديدة، إشراف أميركي أو بريطاني على التنفيذ، إعطاء القوات الدولية إمكانية تدخُّل أوسع، لأنه لا أحد يقبل أن تبقى الأمور كما كانت وكما هي قائمة اليوم”.

“هناك شروط جديدة، وهذه الشروط الجديدة يمكن وضعها تحت عنوان ” Take It or Leave It”. فكلام هوكشتاين الموجَّه للمسؤولين اللبنانيين المعنيين، شديد الوضوح، أنه يوم كان بإمكاننا وقف الحرب بشروط محدّدة، أنتم رفضتم، اليوم نحن أمام هذا الوضع، أتينا لوقف إطلاق النار، ونحن في وضع بحيث لا أحد يريد أن تعود الحرب لتتجدَّد بعد 10 سنوات مثلاً، إمّا أن نأخذ هذه الورقة كما هي وإلا ستستمر الحرب للأسف. بالتالي، الشق الأساسي في زيارة هوكشتاين، بالإضافة إلى أبو الغيط، أن هناك قراراً دولياً واضحاً برفض أن يبقى لبنان ساحة حروب دائمة”، يختم المصدر.