بعد النشوة التي عبّر عنها رئيس وزراء العدو الصهيوني بنيامين نتنياهو عقب نجاح جيشه في قتل الشهيد يحيى السنوار، يعتقد مصدر نيابي أن عنجهية نتنياهو وتصميمه على تحقيق حلم دولة إسرائيل الكبرى سيجعلانه أكثر تصميماً على متابعة حربه الجنونية والوحشية على لبنان، ما ينذر بأٍسابيع وربما أشهر طويلة من المعاناة والمزيد من القتل والتهجير.
ويقول المصدر في حديثه إلى موقع “لبنان الكبير” إن شعبية نتنياهو داخل إسرائيل وحتى في حكومته وأوساط جيشه ارتفعت عقب “الصدفة” التي أدت إلى مقتل السنوار، وهذا الأمر سيستثمره رئيس الحكومة الاسرائيلية من أجل المضي في حربه ضد لبنان للقضاء على الجناح العسكري لـ “حزب الله”.
وإذا كان نتنياهو قد نجح في القضاء على القيادة العسكرية لحركة “حماس”، وصدق بوعده للشعب الاسرائيلي بالقضاء على الرأس المدبر والمنفّذ لـ”طوفان الأقصى”، إلا أن الحرب في غزة لم تصل إلى نهايتها، إذ انه بعد اغتيال صالح العاروري في الضاحية الجنوبية لبيروت، وبعد القضاء على إسماعيل هنية في قلب عاصمة الجمهورية الاسلامية في إيران، لم تتراجع عزيمة مجاهدي الحركة وتولى السنوار القيادة الميدانية وترأس المكتب السياسي للحركة واستمر في القيادة والتخطيط للهجمات على الجيش الاسرائيلي، حتى استشهد في قتال كان يخوضه شخصياً، وهذا ما يشكّل دفعاً لـ “حماس” وتصميماً على الاستمرار في النضال حتى آخر رمق.
ولعل احتفاظ العدو الاسرائيلي بجثة السنوار ليستعملها على الأرجح كورقة للتفاوض على الأسرى المعتقلين لدى “حماس”، إذا كانوا لا يزالون على قيد الحياة، يؤشر إلى أنه سوف يعود إلى مسار التفاوض بوساطة مصرية – قطرية للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار في غزة، الأمر الذي كان يرفضه ويعرقله طيلة عام على حرب الابادة التي شنّها على الشعب الفلسطيني.
ويشير المصدر إلى أن “المهووس التلمودي” سوف يرّكز اهتمامه اليوم على جبهتين الأولى كيفية الرد على الضربة الصاروخية الايرانية وتوقيته، والثانية جبهة “حزب الله” اذ يعتبر أن الوقت مناسب له قبل موعد الانتخابات الأميركية لكي يلحق بالحزب أكبر قدر ممكن من الخسائر العسكرية ودفعه الى الخروج من المنطقة التي كانت محكومة بالقرار الدولي 1701 وإقامة منطقة أمنية “عازلة” شبيهة بشمال قطاع غزة، وهو ما يقوم به سلاح طيرانه ومدفعيته من تدمير ممنهج للقرى التي تقع في هذه المنطقة من خلال استخدام أسلحة محرومة دولياً وصواريخ جو- أرض ذات قوة تدميرية هائلة.
ويعتقد المصدر أن نتنياهو أصبح جاهزاً لتوجيه الرد على الضربة الايرانية وأن الرئيس الأميركي جو بايدن أصبح على علم بموعدها وأهدافها، ليبقى السؤال الكبير الذي يحيّر جميع المراقبين، هل ستكون الضربة الاسرائيلية موجعة لإيران تدفعها الى الرد كما وعدت بطريقة ستجعل الأميركي ينخرط في الدفاع عن إسرائيل مباشرة وبالتالي توسعة الحرب لتكون إقليمية؟
غير أن ما نقلته صحيفة فرنسية عن رئيس مجلس الشورى الايراني محمد باقر قاليباف عن استعداد بلاده للتفاوض مع فرنسا لتطبيق القرار 1701، ومسارعة رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي الى اعتبار هذا الكلام بمثابة “وصاية مرفوضة”، الأمر الذي دفع بمسؤول إيراني الى اصدار بيان اعتبر فيه أن الصحيفة الفرنسية “اجتهدت في تفسير كلام قاليباف”، يطرح مجدداً السؤال الكبير، هل الجمهورية الاسلامية في إيران على استعداد لخوض المعركة الكبرى ضد “الشيطان الأكبر” وبالتالي الدخول في مغامرة ليس معروفاً ما إذا كانت قادرة على مواجهتها، وهل دعمها المطلق لـ “حزب الله”، سيجعلها تخوض المعركة معه ضد إسرائيل؟
يقول المصدر في رد على هذا التساؤل إن مستشار الرئيس الايراني محمد جواد ظريف كان قد أعلن صراحة أن إيران ليست فلسطين وليست لبنان وليست على استعداد للقتال عن أحد، وهو الموقف الموحّد للقيادتين الروحية والسياسية في إيران، وهذا يعني أن إيران من خلال الوساطة الأميركية، قد تستوعب الرد الاسرائيلي الذي سيكون صورياً على غرار الرد الايراني الأول على إسرائيل في نيسان الماضي، ولن تجازف في خوض غمار حرب، موازين القوى فيها ليست لمصلحتها، وبالتالي سوف “تتخلى” عن “حزب الله” في معركته الوجودية ضد إسرائيل، وتطلب منه القبول بتنفيذ القرار 1701 “بالمنيح أو بالوحيش”.
ويضيف: أما في حالة العكس، فهذا يعني أن القرار الأميركي بقطع أذرع إيران في العواصم العربية الأربع التي أعلن قاسم سليماني احتلالها، يحظى بغطاء دولي أي أن روسيا والصين لن تقفا في وجهه، لكنهما ستقبضان ثمناً مقابل موقفهما في مناطق أخرى من العالم، روسيا في أوكرانيا، والصين في إفريقيا، وبالتالي إذا قررت إيران خوض الحرب فستكون وحدها.
يبقى أن نتنياهو الذي “كبرت الخسة برأسه كثيراً” سيستمر في تنفيذ حلمه “التوراتي” ولن تقف حربه ضد لبنان قبل إخضاع “حزب الله” لشروطه، لكن المقاومة الاسلامية على الرغم من خسارة خيرة قادتها وعلى رأسهم الأمين العام السيد الشهيد حسن نصر الله، قد تنتفض على القيادة الايرانية وتتولى متابعة “الانتحار حتى الاستشهاد” بمفردها، و”هي قادرة على تكبيد العدو الاسرائيلي خسائر لا يتصورها” على ما قال نائب الأمين العام للحزب الشيخ نعيم قاسم، وهي أعلنت أمس أيضاً انتقالها من مرحلة “إيلام العدو” إلى مرحلة جديدة لا يعلم أحد مداها ومدتها، لكنها ستكون بالتأكيد مناسبة لنتنياهو لكي يستمر في تدمير لبنان وإراقة دماء أبنائه.
صلاح تقي الدين ـ لبنان الكبير