طويلاً، سيتوقف محور الممانعة عند إطلالة رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع الأخيرة، ويعيد قراءتها وتدقيقها وتمحيصها وتحليلها مرات ومرات. فالرجل بدا على وضوح شديد وثبات راسخ وصلابة متينة، كعادته، في مقاربة القضايا الوطنية والاستحقاقات المطروحة، ولناحية خريطة الطريق الوحيدة التي أكد عليها جعجع حيال كيفية إنقاذ لبنان من الأزمة الوجودية الصارخة التي يمرّ بها منذ سنة ونيّف، بفعل توريطه، رغماً عن إرادة الغالبية الساحقة من أبنائه، في جحيم الحرب الدائرة في المنطقة واستجلابها إلى لبنان، ما أدّى إلى المأساة والكارثة الكبرى التي يعيشها الشعب اللبناني برمّته.
دعونا من الأبواق الصفراء و”الذباب الإلكتروني”، على اختلافها وأنواعه، فهل ينضخ الإناء إلّا بما فيه؟. علماً أنها تعكس في مكان ما، ما يعبّر عن مكنونات محور الممانعة تجاه جعجع وكل اللبنانيين الأحرار الوطنيين، ومدى خشية هذا المحور من الحالة السيادية المتمددة والمتنامية التي نجح جعجع على رأس القوات اللبنانية في ترسيخها لدى مختلف البيئات والمكوّنات اللبنانية، التوّاقة إلى الخلاص من مسلسل المآسي والحروب، والوصول إلى الدولة والجمهورية القوية الفعلية العادلة والضامنة لمستقبل آمن ومزدهر لمختلف شرائح الشعب اللبناني، ولكون جعجع يمثّل “رأس الحربة” في مواجهة مشروع هذا المحور المدمّر للبنان والحالم بتغيير هوّيته التاريخية الحضارية والسيطرة عليه كلّياً.
هنا الأهم، أي ما بات يمثّله جعجع بنهجه ومواقفه وطروحاته بالنسبة إلى غالبية اللبنانيين، وصورة “رجل الدولة”، بكل ما تحمله هذه العبارة من مضامين ومعانٍ، التي تترسّخ في وجدانهم، لكونه الثابت على مبادئه الوطنية ونهجه في الاستقامة بممارسة الشأن العام وإعلاء المصلحة العليا للبنانيين على كل ما عداها، والصلب العنيد الذي لا يتزحزح ولا ينكسر بمواجهة كل الضغوط مهما عظُمت ومن حيثما أتت.
بالتالي، لا شك أن التجربة السياسية والوطنية والإنسانية “العميقة والمكثّفة” التي يمثّلها جعجع كأحد أبرز القيادات السيادية في تاريخ لبنان المعاصر والتي اختبرها اللبنانيون على مدى السنوات الماضية، تقضّ مضاجع محور الممانعة، لكونها تعطي الأمل للّبنانيين بأنه على الرغم من المراحل الصعبة التي مرّت، خصوصاً المرحلة التي يعيشونها في الوقت الراهن، فالخلاص ليس مستحيلاً. ولعلّ الثابتة النهائية التي أكد عليها جعجع في إطلالته الأخيرة، بقوله “لا يمكن بناء وطن في ظل الوضع القائم، كما من المستحيل أن نقبل بالعودة إلى الوضع السابق”، أو بما يعني أننا لن نقبل بعودة الوضع إلى ما قبل 8 ت1 2023 وكأن شيئاً لم يكن.. وكفى، يعزّز الأمل لدى اللبنانيين بأن “درب الجلجلة” ليست نهاية الطريق بل إن قيامة لبنان بعد كل مراحل الآلام، آتية حتماً.
أمبن القصيفي ـ موقع القوات اللبنانيّة