عندئذٍ يكونُ مَثَلُ مَلكوتِ السَّمَوَاتِ كَمَثَلِ عَشْرِ عذارى، أَخَذْنَ مَصابيحَهُنَّ وخَرَجْنَ لِلقاء العريس، خمسٌ مِنهُنَّ جاهلات، وخمسٌ عاقلات.
فأخذَت الجاهلات مَصابيحَهُنَّ وَلَمْ يَأْخُذْنَ مَعَهُنَّ زَيْتاً.
وأَمَّا العاقِلات، فَأَخَذْنَ معَ مَصابيحهِنَّ زَيتاً في آنية. وأَبطَأَ العريس، فَنَعِسْنَ جَميعاً ونِمْنَ.
وَعِندَ نِصْفِ اللَّيل، علا الصّياح:
“هوذا العريس! فَاخْرُجْنَ لِلِقَائِهِ!”
فَقامَ أُولئِكَ العذارى جميعاً وهَيَّأنَ مصابيحَهُنَّ فَقالت الجاهلات للعاقلات: “أعطينَنا من زَيتِكُنَّ، فَإِنَّ مَصابيحَنا تَنطَفِئ” . فَأَجَابَتِ العاقلات : “لَعَلَّه غَيْرُ كافٍ لَنَا وَلَكُنَّ، فَالأولى أَن تَذْهَبْنَ إِلَى البَاعَةِ وَتَشْتَرِينَ لَكُنَّ”.
وبينما هُنَّ ذاهِباتٌ لِيَشْتَرِينَ، وَصَلَ العريس، فَدخَلَت مَعَه المُستَعِدَّاتُ إِلَى رَدهَةِ العُرْس وأُغلِقَ الباب. وجاءَتِ آخِرَ الأمر سائر العذراى فَقُلنَ: “يا ربّ، يا ربّ، إفْتَحْ لَنَا” فَأَجاب: “الحَقَّ أَقولُ لَكُنَّ: إِنِّي لا أعْرِفُكُنَّ! فَاسْهَرُوا إِذَاً، لأَنَّكم لا تعلمون اليوم ولا الساعة.”
تأمّلات روحيّة من كتاب الإنجيل في صلاة للأب منصور لبكي.
يارب، متى سيكون مجيئك الثاني ؟ متى ستعود وَتُعلِن توقيت نهاية التاريخ البشري؟ في أيّة لحظة، سَتَحضُر لِمُلاقاةِ كلٍّ مِنّا، عندما يحين أجَلَه في هذه الحياة الدّنيا ؟
لَمِنَ المستحيل مَعرفة التوقيت.
لِرُسُلِكَ الّذين سَيَطرحونَ عليك يوماً هذا السؤال، سَتُجيب:
“إنَّ ذلك اليوم، وتلك السّاعة لا يعلَمهما إلّا الآب وحده”.
لذا تَنصحنا بأن نكونَ مُستَعِدّين وأن نسهر. لا يكفي أن نكون مُعمَّدين. يومَ معموديّتنا، تسلّمنا مصباحنا المليء زيتاً. إنها شعلة النعمة التي تتألّق حيوية وفرحاً، وَتضيءُ حياة إيماننا حتى ولو تَعذَّرَ علينا إدراك هذه النعمة. ومن ثُمَّ تابَعنا دروس التعليم المسيحي لإضرام الشعلة. وادّخرنا المزيد
من الزيت، ونحن نقتبل الأسرار الأخرى.
أينَ نحن اليوم من استعدادِنا وَسَهرِنا ؟
هل نحن من عِداد “العذارى الجاهلات” أو «العذارى الحكيمات ؟”
إن حلّ مجيئك الآن وعلى الفور، هل نحن على استعدادٍ للدّخول معك إلى رَدْهَةِ العُرس ؟
تلجأ مَرَّةً أخرى إلى التقاليد الشرقية، في هذا المثل عن العرس. تُدعى الفتَيات إلى عرس صديقة لهنَّ، ويتجمّعنَ عندها ليلة العرس، لِيَعتنينَ بها ويُسلّينها، ويساعِدنَها في التّحضيرات النهائية، بانتظار الذّهاب في موكبٍ لملاقاة العريس، والدّخول معه إلى ردهة العرس.
لم يَنسَينَ التّزوّد بسراج الزّيت، لأنّ الظّلام يحلُّ باكرًا وبسرعة، وَيَجهَلنَ ساعة وصول العريس. إنَّهنَّ عَشرُ عذارى: هو الرّقم الذي يرمز إلى الكمال والزّيت يرمز إلى القدرة، جسديّة كانت أم روحيّة. تَتّسِمُ مَسحة الزّيت بطابعٍ مقدّس يُسبِغ النِّعم الإلهية، وتتَّسِم المسحة التي كانت تُمنَح للملوك في العهد القديم بالمعنى ذاته؛ وهذه المسحة تشكّل جزءًا أساسيّاً في طقوس عِدَّة أسرار: المعمودية، والتّثبيت، والكهنوت ومسحة المرضى.
ترمز مصابيح العذارى المُضاءة في عتمة اللّيل، التي تكتنفهنَّ إلى قوّة إيمانهنّ، وتعني بأنَّهنَّ يَحيَينَ في الإصغاء إلى كلمتك، يُزاوِلْنَ أعمال المحبّة ويُبَرهِنَّ عن الرّحمة. تُخوِّلُهن أعمالهنَّ حقّ الدخول معك، أنتَ العريس الكامل الصّفات، إلى رَدْهَةِ العرس الأزليّة. ولكن ها طول الانتظار يُفرِّقُهنَّ إلى مجموعتين، مع أنّه بدا أنهنَّ اتّخذْنَ التّدابير نفسها. خمسٌ منهنَّ سَيُبَرهِنَّ على أنّهنَّ جاهلات وغافلات، وخمسٌ حكيمات وَمُحتَرسات.
ما الّذي حدث ؟
الحكيماتُ أخذن مع مصابيحهنَّ زيتاً في آنيةٍ، أمّا الجاهلات فتغافلنَ.
يُغَذّي الحكيماتِ باستمرار نورُ إيمانهنَّ بالصلاة، وممارسة الأسرار، والتّأمّل في كلامِك، أمّا الجاهلات فَيَكتَفينَ بإيمانٍ سطحي، يفتقد المثابرة. فَحيناً يَكُنَّ مُفعَمات حماسة، وَحيناً آخر، عديمات النشاط.
إنّك تأتي في الساعة التي تختارها، وغالبًا تُبطئ في المجيء.
ووقت انتظارك امتِحانٌ لإيماننا ساعةً تلو الساعة، وينفدُ معه زيت مصابيحنا . لا يُسَبِّب الوقت قلقًا لِلعذارى الحكيمات، إن سَهِرْنَ أَو رَقَدَنَ، فَهُنَّ في سلامٍ لأنّ إيمانهنّ حَيّ.
حين علا الصّياح: «هوذا العريس!» أسرَعنَ جميعهُنّ. وتحرص كلٌّ منهنَّ على أن ترفَع مصباحها ليتعرَّف إليها العريس، ويُدخِلها معه. تَسارعْنَ كُلّهنَّ. ولكن هل يكفي الاستعداد واليقظة عند اللّحظة الأخيرة؟
تركَت العذارى الجاهلات شعلة إيمانهنَّ، ومحبّتهنَّ
تَتضاءل ثُمَّ تنطفئ .
“أعطِيننا من زيتكُنَّ” قالت الجاهلات للحكيمات. ولكن مع الأسف، الزيت لا يُجزّأ. يتوجّب على كل إنسان أن يصونَ ما ادّخر. ففي ساعة الحساب، سيؤدّي كل واحد جوابه الشّخصي عن النِّعم التي نالها. وقد يفوتُ الأوان، إن حاولنا التَّزوّد ببعض نقاط من الزّيت الضروري، لِنُنعِش شعلة إيمانٍ ومحبّة متقاعسة.
أنت لا تستثني أحدًا . لم تأتِ لتحكم علينا . أتيتَ لتخلِّصَنا. وعلى وهجِ نورِك حين ستظهر بالمجد، سَنحكُم ذواتنا على نوعية محبّتنا وتصرّفنا في الحياة. لأنّه سيُكشف ما يَكمُن في خفايا قلوبنا. “أمّا في ذلك اليوم فَسأُعرَفُ مثلما أنا معروف” (۱-كورنتس ١٢/١٣).
أينبغي أن نخاف؟ تُعطينا الحَلّ:
“كونوا مستعدّين”، “فاسهروا إذاً”.
ينبغي أن نبقى مُتيّقظين كلّ لحظة، أن لا ندع إيماننا يَضعف، أن لا تُزَعزِعُنا التّيارات الرائجة، وَجنون العالم … “لو تدحال ! ” ،” لا تخف !”
هذا ما تُرَدّده من دونِ انقطاع ! يستطيع حبّك أن يُبدِّل كلّ شيء، أن يضيء كلّ الأمور، وحتى أن يَنتَصر على ضعفنا، شرط أن نَضَعَ ثِقَتَنا بك. يتوجّب علينا أن نتخلّى عن ذواتِنا لنسعى إلى لقائك، أنت هو المحبّة والحق.
لِنُصَلِّ:
يا رب، يَختَلِجُ قلب العاشق لِسماعِ صوت من يحبّ، لِطلَّته، لِشَذا عطره… ساعِدنا لِنُضاعِفَ محبّتنا، ونتلمّس دلائل حضورك في حياتنا. قد تأتي في أيّة لحظة لا نتوقّعها، لا تسمح بأن تنطفئ شعلة إيمانِنا ومحبّتنا ! ساعدنا على أن نكون مُستعدّينَ عندما يَعلو الصِّياح: “هوذا العريس، فاخرُجنَ لِلِقائه!”
سفر نشيد الأناشيد 8-2:5
إنِي نَائِمَةٌ وَقَلْبِي مُسْتَيْقِظٌ إِذا بصَوْتِ حَبِيبِي قَارِعًا أنِ اِفْتَحِي لِي يَا أُخْتِي يَا خَلِيلَتِي يَا حَمَامَتِي يَا كَامِلَتِي فإنَّ رَأْسِي قدِ امْتَلَأَ مِنَ النَّدى وَخصائِلي مِنْ قَطَراتِ اللَّيْلِ.
قَدْ نزعْتُ ثَوْبِي فَكَيْفَ أَلْبِسُهُ؟ قَدْ غَسَلْتُ رِجْلَيَّ فَكَيْفَ أُوَسِّخُهُمَا؟
حَبِيبِي أرسَلَ يَدَهُ مِنَ الْثَّقب فَتحرَّكتْ لَهُ أَحْشَائِي.
فقُمْتُ لأَفْتَحَ لِحَبِيبِي وَكَانت يَدَايَ تَقْطُرَانِ مُرًّا وَأَصَابِعِي بالمُرِّ السَائِل عَلَى مِقْبَضِ الْمِزلاجِ.
ففَتَحْتُ لِحَبِيبِي لَكِنَّ حَبِيبِي وَلَّى وَمضى. نَفْسِي فَاضَتْ من تَوارِيه إِلتَمَستُهُ فَمَا وَجَدْتُهُ ودَعَوْتُهُ فَلم يُجِبْنِي.
صادَفنِي الْحُرَّاسُ الطَّائِفُون فِي الْمَدِينَةِ فضَرَبُونِي وجَرَحُونِي وحُرَّاسَ الأَسْوَارِ نَزَعُوا عَنِّي رِدائي.
أستَحْلِفُكُنَّ يَا بَنَاتِ أُورُشَلِيمَ: إِنْ وَجَدْتُنَّ حَبِيبِي بِماذا تُخْبِرْنَهُ؟ بِأَنَّ الحُبًّ قد أَسقَمَني.
رسالة القدّيس بولس إلى أهل فيلبّي 18-12:2
يا إخوَتِي، إِعْمَلُوا لِخَلاصِكُم بِخَوْفٍ ورِعْدَة، كَمَا أَطَعْتُمْ دَائِمًا، لا في حُضُورِي فَحَسْب، بَلْ بِالأَحرى وبِالأَكْثَرِ الآنَ في غِيَابِي.
فَٱللهُ هُوَ الَّذي يَجْعَلُكُم تُرِيدُونَ وتَعْمَلُونَ بِحَسَبِ مَرْضَاتِهِ.
إِفْعَلُوا كُلَّ شَيءٍ بِغَيْرِ تَذَمُّرٍ وَجِدَال،
لِكَي تَصِيرُوا بُسَطَاءَ لا لَومَ عَلَيْكُم، وأَبْنَاءً للهِ لا عَيْبَ فيكُم، وَسْطَ جِيْلٍ مُعْوَجٍّ ومُنْحَرِف، تُضِيئُونَ فيهِ كالنَّيِّراتِ في العَالَم،
مُتَمَسِّكِينَ بِكَلِمَةِ الحَيَاة، لٱفْتِخَارِي في يَومِ المَسِيح، بِأَنِّي مَا سَعَيْتُ ولا تَعِبْتُ بَاطِلاً.
لو أَنَّ دَمِي يُرَاقُ على ذَبِيحَةِ إِيْمانِكُم وخِدْمَتِهِ، لَكُنْتُ أَفْرَحُ وأَبْتَهِجُ مَعَكُم جَمِيعًا.
فَٱفْرَحُوا أَنْتُم أَيْضًا وٱبْتَهِجُوا مَعِي.