لا تخفي مواقف المرشد الايراني علي خامنئي الاخيرة ولا تلك التي اطلقها وزير خارجيته عباس عرقجي من بيروت حقيقة الامر ولا الواقع المستجد بعد حرب التدمير التي تنتهجها اسرائيل منذ 15 يوما على لبنان، وقد تمكنت في ايام قليلة من استهداف كوادره العسكرية والسياسية واغتالت امينه العام حسن نصرالله وكل من ادرجته على لائحة اغتيالات لم تتوان عن نشرها ، يبقى منها قيادي واحد.
فما حققه رئيس حكومة اسرائيل بنيامين نتنياهو خلال الايام هذه، يكاد يشبه الكابوس بالنسبة الى الحزب ثم اللبنانيين ومحور الممانعة ، فيما هو يتباهى ويهدد بمفاجآت جديدة. والاهم ان التاريخ سيدوّن في سجل اسرائيل الاجرامي ان نتنياهو اغتال حسن نصرالله وكل قيادات الحزب العسكرية، في حين يقتصر رد ايران على 180 صاروخا لم يحققوا ما يوازي واحدا في المئة من حجم الضربات التي تسددها تل ابيب للمحور.
ايران خسرت ورقة لبنان في مفاوضاتها الدولية مع واشنطن، تقول مصادر دبلوماسية لـ”المركزية” ، وما حصل ابان وبعيد زيارة عرقجي الى لبنان،اكد الخسارة ، على رغم تأكيد خامينئي وعرقجي استمرار المقاومة بعد اغتيال نصرالله وان على لبنان واجب مساندة غزة، ورفض فصل الجبهات. ذلك ان في اعقابها، ارتسمت علامات استفهام اوروبية واميركية وطرحت تساؤلات على المسؤولين اللبنانيين عن حقيقة موقف لبنان، خصوصا عشية جولة وزير خارجية فرنسا جان نويل بارو في المنطقة بالتنسيق مع نظيره الاميركي انتوني بلينكن، واستباقها ايرانيا بزيارة عرقجي المفاجئة ،محاولا تأكيد استمرار امتلاك ورقة لبنان ووجوب تواصل واشنطن وباريس مع طهران للتشاور في شأنها، فكان الجواب اللبناني حاسما لجهة وقف اطلاق النار في الجنوب من دون ربطه بأي شروط ، وهو ما تبلغه عراقجي إبان زيارته رئيس الحكومة نجيب ميقاتي.
واشارت المصادر الى ان لبنان الرسمي لن يعلن الموقف اياه علنا كونه ليس طرفا في الصراع وهو يؤكد تمسكه بتنفيذ القرار 1701 و مندرجاته. واعربت عن اعتقادها ان طلب عرقجي من المسؤولين تعزيزسياسة المسارين والابقاء على مساندة غزة، هو اشارة ضعف وليس قوة من جانب طهران التي تخسر اوراقها تباعا في العواصم الاربع التي اعلنتها تحت نفوذها. هي خسرت اليمن اثر الضربة الاسرائيلية لمرفأ الحديدة ،وخسرت العراق بفعل سياسة التضييق الحكومي على الحشد الشعبي لان الدولة العراقية تتجنب اقحامها في المواجهة مع اسرائيل وتلقي اي ضربة لأراضيها، وتخسر سوريا مع بدء خروج الحرس الثوري منها وقد حذرت اسرائيل ان ينقل سلاحا معه، وتخسر لبنان راهنا الذي قرر بعد ما أصابه، حماية ما تبقى منه وعدم استمرار استخدامه ورقة تفاوض في يد ايران.
الاتصالات الاميركية الاستيضاحية مع المسؤولين اللبنانيين تواصلت خلال الايام الاخيرة، فجددوا تأكيد التطمينات بأن موقف لبنان الرسمي لم يتبدل وهو ما اعلنه ميقاتي من عين التينه بعد اجتماعه مع الرئيس نبيه بري وفي الاجتماع الثلاثي لاحقا.ومن اجل دعم وتأييد موقف لبنان بعد زيارة عرقجي،اعلن نائبا حزب الله حسين الحاج حسن وامين شري ان الاولوية اليوم لوقف اطلاق النار وأن موقف لبنان الرسمي قبِل بمقترح لوقف القتال وفصل الجبهات، في موقف اعتبر رسالة واضحة بمضمونها وابعادها.
تعيش ايران حال انكار وارباك بفعل خسارة اوراقها وتقلّص نفوذها في المنطقة، لاسيما ورقة لبنان، ما قد يدفعها، بحسب المصادر، الى تقديم تنازلات في مفاوضاتها مع واشنطن. لكن قبل ذلك، تتوقع اياما صعبة ستستبق قرار وقف النار يتجلى بتصعيد عسكري خطير في لبنان وخارجه ، يرجح ان تقدم عليه اسرائيل بهدف تعزيز موقعها وتحصين شروطها، كطرف هو الاقوى على الاطلاق في المنطقة بعد تدمير حزب الله، وذلك خلال المفاوضات المرتقبة للتسوية والسلام الشامل.
نجوى أبي حيدر ـ المركزية