قبل عشر سنوات، كانت تبثّ خطبةً كبرى استمع اليها الملايين، ولكن تلك كانت في النّجف في حزيران 2014. كانت «داعش» قد أسقطت الموصل والشمال وقواتها تتمدّد بلا رادع، والجّيش قد انهار، وأخبار المجازر والسّبي تصل تباعاً، فيما اللاجئون يملأون الطرقات. وصف العراقيون كيف كانوا متحلّقين يومها، في موطنهم وفي المهاجر، حول الأخبار وهم في حالة ذهولٍ وخوف، لا يعرفون اين ستصل الأمور. يوم الجمعة كانت «أمّة لا اله الا الله» مجتمعةً في الصّحن الحيدري، وترى في صفوف المصلّين كلّ الوجوه: الموظّف النجفي، المزارع، ابن الرّيف العشائري، الشيخ والتّاجر… كانت الكاميرا المتحرّكة تصوّرهم من أعلى وكلّهم في صمتٍ ووجومٍ، فيما الخطيب يشرح لهم ما معناه أنّ «البرابرة» قد اخترقوا الأسوار. ثمّ ارتفعت نبرة الخطابٍ شيئاً فشيئاً ليعلن الشّيخ أخيراً، أمام العيون الشاخصة، عن صدور فتوى الجهاد الكفائي، وهنا انقلبت كلّ الملامح. يقول من كان على الأرض أنّه، منذ اليوم التالي، تدفّقت كمياتٌ من المتطوّعين لم يقدروا على التعامل معها وايوائها، ناهيك عن تدريبها وتسليحها.
الأخبار