فاجأت #إسرائيل قرى الشريط الحدودي المسيحية، بمطالبة الأهالي بترك منازلهم فوراً والنزوح بعيداً لأنها معرضة للقصف.
صمد سكان عين إبل ودبل والقوزح و#رميش سنة كاملة، ومن ترك منزله في بداية الحرب خوفاً، عاد إليه بعد شهر أو اثنين وسط تطمينات أن هذه القرى لن تتعرض للقصف ما لم تنطلق عمليات لـ”حزب الله” من أحيائها أو من خراجها. وهكذا حدث، فحيّدها الحزب عن عملياته، حتى أصبحت في الفترة الأخيرة مراكز نزوح بعد اشتداد المعارك.
الصدمة الأولى الثلثاء كانت في عين إبل عندما بدأ عدد من الأهالي يتلقون اتصالات للإخلاء الفوري، وكان المتصل ينادي الأشخاص بأسمائهم، كما جرى مع أحد الأطباء عندما خاطبه المتصل الإسرائيلي بـ”الحكيم”. وحملت هذه الاتصالات إصراراً على المغادرة رغم مناقشة الأهالي للمتصل بأن قريتهم آمنة وليس فيها عناصر لـ”حزب الله”.
وتبع الاتصالات إعلان المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي أفيخاي أدرعي عين إبل ضمن القرى التي يجب إخلاؤها فوراً، وهذا ما ترك الأهالي في إرباك كبير بسبب عدم الجهوزية، فخرجوا بما عليهم وبما تيسّر للتجمع في الساحة العامة والانطلاق نحو رميش، المحطة الأخيرة قبل التوجه إلى مكان آمن.
يشير الناشط شربل دياب من عين إبل إلى أن المستجدات استدعت إجراءات، وشُكلت خلية أزمة من شباب القرية الموجودين في بيروت للتواصل مع الأهالي وبدء تأمين مراكز إيواء ومنازل للنازحين في المناطق الآمنة، خصوصاً في جبل لبنان بين المتن وكسروان.
ويقول لـ”النهار”: “فور تجمع الأهالي في رميش انطلقوا بموكب واحد كبير بالتنسيق مع الجيش والصليب الأحمر و”اليونيفيل”، ونحن بدورنا أنشأنا مركزاً في الكرنتينا للاستقبال، ومنه تجري عملية التوزيع، فمن لديه منازل أو أقرباء ذهب إليهم، فيما عملنا على تأمين شقق لسائر الأهالي، بالإضافة إلى فتح مدارس بكفيا بالتعاون مع رئيسة بلدية بكفيا نيكول الجميّل، وقد توجهت إليها أكثر من عائلة، تتولى الاهتمام بها جمعية “كلنا عيلة”.
ويضيف: “يمكن القول إن القرية فرغت من سكانها باستثناء عدد من الشباب رفضوا النزوح، على الرغم من الغارة التي استهدفتها الأربعاء”.
وإذا كانت عين إبل قد تلقت إنذارات بالإخلاء واستطاعت التحرك بسرعة فهذا لم يحدث مع دبل، التي استفاقت على غارة مدوّية أودت بحياة ثلاثة من أبنائها هم سميح سعيد وزوجته هلا زكنون وابنه فادي سعيد، ما أثار الذعر لدى الجميع، بينما لم يتحدث أحد عن تلقيه إنذارات سابقة.
هذه الغارة دفعت الأهالي إلى ترك منازلهم سريعا، وجزء منهم كان عاد إليها منتصف الصيف الحالي متحدياً الظروف، كما تقول جميلة، المدرّسة، مضيفة: “قررنا فتح المدرسة حضورياً ونظفنا وزيّنا وصنعنا مونة الشتاء واشترينا المازوت، قبل أن تهجّرنا هذه الغارة مجددا”.
ويقول عضو المحلس البلدي في دبل المحامي مارون الهاشم لـ”النهار”: “الغارة على دبل أوقعت 3 شهداء، والأهالي لديهم الحق أن يخافوا ويتركوا سريعا، وهذا ما جرى فعلاً نهار الأربعاء”.
ويضيف: “بعضهم انطلق إلى بيروت من دون تنسيق مع أحد، فيما جزء آخر تجمع وانطلق موحدا بحماية من الجيش والصليب الأحمر، وجزء ثالث انطلق ظهراً، ويمكننا القول إن القرية فرغت، سوى من عدد قليل جداً من الشباب بقوا برفقة الكاهن ورفضوا تركها، لمحاولة حماية الأملاك الخاصة”.
ويشير الهاشم إلى أن أغلبية من لا يملكون منازل في بيروت توجهوا نحو بكفيا، التي فتحت بلديتها عددا من المؤسسات الرسمية والخاصة لاستقبالهم، وهم بالمئات، ويجري التنسيق مع بلدية بكفيا وجمعية “كلنا عيلة” للاهتمام بأمورهم، مشدداً على أن “جميع تدابير الاستقبال والتوزيع نجحت ولم يبق أحد من دون مأوى”.
انتقالاً الى رميش حيث يبدو الوضع مختلفاً، فهي حتى الساعة لم تتلق أي تهديدات بالإخلاء، وأهلها متمسكون بالبقاء فيها، ومن تركها في بداية الحرب عاد إليها تجنباً لـ”البهدلة” كما قال أحد الأهالي.
هذا الأمر أكده الأب جورج العميل لـ”النهار”، وكشف أن رميش تلقت تطمينات من السفارة البابوية في لبنان أنها بأمان ولن يجري قصفها”، مؤكداً أن 70 في المئة من أبنائها باقون فيها ويرفضون النزوح”.
ويشير إلى أن “لا عمليات عسكرية من البلدة، ولا عناصر عسكرية أو مسلحة، وبالتالي حتى الساعة لا داعي للإخلاء”، آملاً أن يبقى الوضع على حاله “رحمة بالناس وتجنباً للمهانة”.