فرج عبجي رئيس تحرير منصة “المشهد” الإلكترونية
رئيس مجلس النواب اللبناني نبيه بري خليفة للأمين العام السابق لـ”حزب الله” حسن نصر الله، عنوان التقرير بحدّ ذاته نقطة جدلية قد لا يتفق عليها اللبنانيون، وخصوصًا من يؤيدون حسن نصر الله الذي قتلته إسرائيل في ضاحية بيروت الجنوبيّة. الخلافة ليست في الميدان بمواجهة إسرائيل لكن في السياسة، فالضربة التي تلقاها “حزب الله”، أصابته في السياسة وفي العسكر، وما زالت تداعياتها متواصلة مع الاغتيالات المتتالية لقيادات الحزب، وآخرها قائد الأمن الوقائيّ نبيل قاووق.
الخلافة المطروحة لغياب حسن نصر الله هي في الساحة السياسية، وعلى صعيد القرار اللبناني، خصوصًا وأنّ نصر الله كانت لديه الكلمة الفصل في العديد من الملفات، من بينها رئاسة الجمهورية وقانون الانتخابات، وغيرها من الملفات المصيريّة. وأمام هذا الواقع، يسأل الجميع ما تأثير مقتل حسن نصر الله على المشهد السياسيّ اللبناني؟
حتى اللحظة كل المواقف التي صدرت من قبل القادة اللبنانيّين، خصوصا من الذين يكنّون الخصومة مع حسن نصر الله، دلت على موافقة واضحة لاستيعاب الضربة التي أصابت “حزب الله” بشكل مباشر، ولبنان بطريقة غير مباشرة.
ما تأثير مقتل نصر الله على المشهد اللبناني؟
على الصعيد الميدانيّ، من الواضح أنّ القتال مع إسرائيل سيستمر، لكنّ الإستراتيجية التي سيعتمدها الأمين العام الجديد لـ”حزب الله”، ستتضح بعد تشييع حسن نصر الله، وتنصيبه في المركز الأول.
وفي هذا الإطار، يعتبر الكاتب والمحلل السياسيّ داود رمال، أنّ “لبنان دخل مرحلة جديدة، وينتظر خطاب الأمين العام الجديد لـ”حزب الله”، الذي سيحدد موقف الحزب من التطورات الميدانية والسياسية في لبنان والمنطقة”.
وشدد رمال في حديثه مع منصة “المشهد” على أنّ لبنان “أمام مشهد جديد غير موجود فيه حسن نصر الله، وفي مشهد بات فيه الأمر الأول والنهائيّ للطائفة الشيعية، بيد الرئيس نبيه بري، الذي عليه مسؤولية كبيرة للعبور بالطائفة ومعها لبنان، من هذا الخطر الوجوديّ الذي يهددها، في ظل إصرار رئيس حكومة إسرائيل بنيامين نتانياهو على الاستمرار بحربه التدميرية للبنان، على قاعدة الشعار الذي رفعه بعد تدخل لبنان في حرب غزة، أنّ لبنان خطأ تاريخيّ يجب إزالته، والذي قال مؤخرًا، إنّ حدود إسرائيل الشمالية هي حدود نهر الليطاني، ما يفسر هدفه بإعادة إنتاج الشريط الحدوديّ الذي أقيم عام 1978، بالنار أو بالتوغل البرّي، وهذا سيكون درب جلجلة للبنان وسيطول جدًا”.
وحتى اللحظة لا يبدو أنّ هناك جهدًا دوليًا وعربيًا لوقف الحرب في لبنان، أو العمل على تهدئة الأوضاع. وفي هذا الإطار يعتبر رمال أنّ “الحراك الداخليّ والخارجيّ الحاليّ ليس ناشطًا لفرض حل ووقف النار والذهاب إلى تطبيق 1701، وقد تكون الانتخابات الأميركية وتحوّل الإدارة الأميركية إلى بطّة عرجاء، أحد هذه الأسباب، أو الدول التي تريد حلًا نهائيًا للقضية اللبنانية، وفق تنازلات سياسية لبنانية لها علاقة بالخارج أكثر من الداخل”.
نبيه بري.. الرجل الأول شيعيًا
في المقابل، يعتبر الكاتب والمحلل السياسيّ جان الفغالي، أنّ حسن نصر الله كان متحكّمًا بكثير من الملفات الداخلية والخارجية، وغيابه سيترك فراغًا كبيرًا لجهة تمثيل فريقه السياسيّ في القرار السياسي، ويعتبر أنّ الأمر مرتبط بشخصية الأمين العام الجديد لـ”حزب الله”، لكن فعليًا القرار بات بيد الرئيس نبيه بري.
ويوضح الفغالي لمنصة “المشهد”، أنه “بمقدار ما كان حضور حسن نصر الله مؤثرًا في المشهد السياسيّ اللبناني، بمقدار ما سيكون غيابه مؤثرًا، ولكن بالمعنى المعاكِس، فنصر الله كانت له الكلمة الأولى والأخيرة في القرارات الداخلية، من انتخابات رئاسة الجمهورية، إلى تشكيل الحكومة، إلى الانتخابات النيابية، قانونًا وتشكيل لوائح، وحتى ترسيم الحدود البحرية”.
ويشرح الفغالي أنه أيًا تكن الشخصيّة التي ستحلّ محله، لن تكون بتأثير حسن نصر الله الذي بقيّ في منصبه 32 عامًا، ويقول:
عند كل استحقاق كان الجميع يقول لننتظر ما سيقوله حسن نصر الله في خطابه، ليعلموا ما هو موقف حزبه من الملفات، اليوم لم يعد موجودًا.. من سيقرر الموقف.
حتى اللحظة لا يبدو أنّ هاشم صفي الدين يملك الشخصيّة وقدرة القرار التي كان يتمتع بها نصر الله، وأظن أنّ الأمر في الطائفة الشيعية وما تمثّله في السلطة اللبنانية، والقرار اللبنانيّ سيكون بيد الرئيس نبيه بري.
ووفق ما تقدّم، يبدو أنّ لبنان أمام مصير مجهول قد يأخذه إلى حل دائم، وفق أسس وخريطة طريق واضحة للداخل والخارج، أو سينزلق إلى مستنقع لا أحد يريد العودة إليه، وهو الخراب الكبير، والتجربة المؤلمة التي تجسدت في بداية حرب الآخرين على أرض لبنان في عام 1975.