سيُضاف يوم 27 أيلول الى تواريخ لبنانيّة لا تُنسى. للمسيحيّين يومهم في 14 أيلول. وللسنّة يومهم في 14 شباط. بات للشيعة يومهم أيضاً.
كان السيّد حسن نصرالله الشخصيّة الأكثر إثارة للجدل في عالمنا العربي. أكثر من يهاجَم. أكثر من يدافَع عنه. هو رجلٌ خارج التصنيفات، وإن كرهته أو أحببته، لا بدّ أن تعترف له بكاريزما إستثنائيّة يكاد لا يمتلكها زعيمٌ آخر، من المحيط الى الخليج، ولا، خصوصاً، من شمال لبنان الى جنوبه.
كان يعرف صاحب اللدغة المحبّبة كيف يحاكي عقول الناس، والعواطف في آن. لم يسبق لزعيمٍ أن قال “انظروا الى الباخرة كيف ستحترق” فنظرنا ورأينا وشهدنا، كما حصل في حرب تموز. ولكن، ومنذ تلك النظرة، بدأت حملة على السيّد نصرالله “تشيطن” أمين عام حزب الله، الذي ما عادت تُرفع صوره، كما في السابق، في بعض عواصم العرب، لا بل بات شخصيّة مكروهة مصنّفة إرهابيّاً في جزءٍ كبيرٍ من هذا العالم، خصوصاً بعد تدخّل “الحزب” في الحرب على سوريا.
تعامَل نصرالله من منطلق فائض القوّة حتماً. نقل الأمر الى جمهوره، ما شكّل إساءة للإثنين في مرّاتِ كثيرة. استشهاده اليوم ليس حدثاً عابراً، بل هو تحوّلٌ في لبنان والمنطقة لن تقف في وجهه العبارات التي نسمعها، من بيروت الى طهران، عن استمرار المقاومة والنهج…
لا نقصد بذلك أنّ حزب الله انتهى. أبداً لم ينتهِ. ولكنّها فرصة، على الرغم من المصاب وفظاعة الحدث، لنفكرّ قليلاً. وعلى جمهور حزب الله المفجوع اليوم أن يفكّر أيضاً. استشهاد نصرالله، كما كلّ ما أصاب الحزب وقياديّيه ولبنان، أسبابه واضحة ومعروفة:
– عمليّة طوفان الأقصى التي تحوّلت الى مغامرة جلبت الكوارث الى المنطقة كلّها.
– قرار إيران بزجّ لبنان في الحرب وتحوّل جنوب لبنان الى جبهة إسناد.
– عدوانيّة إسرائيل غير المسبوقة.
وإن شئنا المحاسبة، فهي تتوزّع على الجهات الثلاث. وإن شئنا التعلّم والوعي، علينا أن نمنح أولويّة لوحدة الموقف الداخلي وحماية الساحة الداخليّة، ثمّ الدعوة الى وقف لإطلاق النار وتكليف الحكومة اللبنانيّة بالتفاوض على ذلك، وإلا سندفع المزيد من الأثمان، وقد لا يكون السيّد حسن نصرالله آخر المستهدَفين، لا بل سيكون لبنان كلّه في دائرة الاستهداف.
نحن إذاً أمام مرحلةٍ جديدة من المبكر التحدّث عن شكلها، ولكن من المؤكّد أنّ لبنان، كما الشرق الأوسط، لن يكونا بعد استشهاد نصرالله كما كانا قبله. العين الآن على… ما بعد بعد اغتيال نصرالله.
داني حداد ـ موقع أم تي في